عربيات ودوليات >أخبار دولية
الحرب الباردة بين الرئيس الفلسطيني عباس والرئيس الأمريكي ترامب
الحرب الباردة بين الرئيس الفلسطيني عباس والرئيس الأمريكي ترامب ‎الأربعاء 5 06 2019 22:03
الحرب الباردة بين الرئيس الفلسطيني عباس والرئيس الأمريكي ترامب

أحمد أحمد الأسطل

تعود الحرب الباردة من جديد، ولكن هذه المرة بشكل مختلف؛ فهي ليست بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوتين في العالم صعدتا بعيد الحرب العالمية الثانية؛ بل بين الفلسطينيين والأمريكان أو بالأحرى بين الرئيس عباس والرئيس ترامب.
إذن هو صراع ثنائي القطبية يحدث بين أضعف كيان وأقوى كيان في العالم ولكن المحدد أو المعيار الذي يرسم هذا الصراع هو عدالة القضية الفلسطينية التي عاشت وما زالت تعيش ظلما تاريخيا برعاية قوى الاستعمار وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
يأتي الرئيس دونالد ترامب لسدة الرئاسة الأمريكية، ويبدأ فترته بالوساطة بين الفلسطينيين والاحتلال (الإسرائيلي)، وحينها دعا الرئيس محمود عباس للبيت الأبيض، وقد زار فيما بعد ترامب نفسه فلسطين وبيت لحم لهذه الغاية، ولكن سرعان ما تحولت هذه السياسة، وانحاز في وساطته بالكلية للاحتلال (الإسرائيلي)، وانتهج سياسة فرض الإملاءات بعقليته الإباحية المعروفة كما أوضحت ذلك في مقال خاص حول فكر ترامب الاباحي.
وقد بدأ يظهر سلوكه الانحيازي وتمثل ذلك في نقل السفارة الأمريكية للقدس، وتشجيع السياسة (الإسرائيلية) في الاستيطان، وتجميد مقر منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتجميد المساعدات الأمريكية المالية للسلطة الفلسطينية، وكذلك تجميد مساعداتها المالية للأونروا في محاولة لتصفيتها، وبالمجمل يهدف لنفي صفة الاحتلال عن الكيان وتمرير مشروع حل القضية الفلسطينية من المنظور (الإسرائيلي) والأمريكية، وبالتالي تصفيتها.
رفض هذه السياسة الرئيس الفلسطيني، وهنا برزت حالة الاستقطاب بين شعب يدافع عن قضيته ودولة عظمى تظهر دعمها اللامحدود للمشروع الاستعماري الذي تبنته منذ نشأته، فتحولت الولايات المتحدة من وسيط لطرف بفعل سياساتها، وعلى إثر ذلك بدأ الصراع بين الدبلوماسية الفلسطينية والدبلوماسية الأمريكية ومحاولة كل طرف تعزيز رؤيته ومحوره إن صح التعبير؛ فانقسم العالم بين من يسير خلف السياسة الأمريكية وبين من يرفضها تماهيا مع الحق الفلسطيني باعتبارها تخالف القانون الدولي.
لم تذعن الدبلوماسية الفلسطينية والرئيس الفلسطيني محمود عباس لهذه الإملاءات فقررت اتخاذ العديد من الاجراءات كالانضمام للعديد من المنظمات الدولية والنضال السياسي في أروقة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن للحصول على صفة دولة تحت احتلال، ومواجهة الولايات المتحدة في قضايا تخص الاستيطان وافشال المشروع الأمريكي بالأمم المتحدة الخاص بتجريم حركات المقاومة الفلسطينية لاسيما حركة حماس ومحاولة الصاق تهمة الارهاب بها.
ولطالما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ثني الموقف الفلسطيني محاولة منها لتمرير مخططها فيما يسمى بصفقة القرن، وآخرها مؤتمر المنامة المزمع عقده خلال هذا الشهر الذي تعتبره الولايات المتحدة كجزء من خطة السلام الأمريكية وفق مفهوم الازدهار من أجل السلام بدلا من الأرض مقابل السلام كما أكد الرئيس الفلسطيني ذلك في مؤتمرات القمة الثلاث (الخليجية والعربية والإسلامية) بالرياض، وبالتالي ترفض الدبلوماسية الفلسطينية المشاركة في هذا المؤتمر، وعبرت عن موقفها الرافض في القمم الثلاث، وركزت الدبلوماسية الفلسطينية على تحشيد الموقف العربي والاسلامي في مواجهة السياسة الأمريكية وصفقة القرن.
ما يلاحظ أنه تم تجاهل مؤتمر المنامة والورشة الأمريكية خلال مؤتمرات القمة الثلاث في الرياض، وربما رأت الدبلوماسية العربية وعلى رأسها الدبلوماسية السعودية ضرورة الحضور فيه كمحاولة منها لحرف مسار السياسة الأمريكية بالقوة الناعمة بدلا من الاصطدام معها.
ومن جهة أخرى ووفقا لصحيفة الواشنطن بوست اليوم التي تشير لتصريحات وزير الخارجية الأمريكية بومبيو حول خطة السلام الأمريكية (صفقة القرن)؛ حيث يشكك في جدواها، وربما يظهر من هذه التصريحات انقسام في الرؤية بين الرئيس الأمريكي ترامب ووزير خارجيته حول خطة السلام هذه، وقد يسهل ذلك على الدبلوماسية العربية مساعدة ترامب على الخروج من مأزقه السياسي الذي وضع نفسه فيه.
على أية حال نجح الرئيس الفلسطيني أبو مازن حتى هذه اللحظة في مواجهة صفقة القرن ومؤتمرات التصفية، ونجح في إيجاد قطب قوي ذات أبعاد متعددة عربية و إقليمية ودولية، وموازي للقطب الأمريكي المنحاز للاحتلال (الإسرائيلي) إلى حد كبير.
ولكن دوما يتبادر للذهن سؤلا هل سينحاز الفلسطينيون بقواهم المتنوعة للاستقطاب الذي شكله الرئيس أم سيبقى الانقسام سيد الموقف _ رغم المواقف المسؤولة مؤخر تجاه رفض صفقة القرن؟!