عام >عام
قاسم خليفة بلسم الخير والإصلاح
قاسم خليفة بلسم الخير والإصلاح ‎الجمعة 9 04 2021 09:01
قاسم خليفة بلسم الخير والإصلاح

هيثم زعيتر

 وقع نبأ رحيل الحاج قاسم محمد توفيق خليفة، كالصدمة.
 
حادث سير مُؤسف، أودى بحياته على الطريق الدولي، بين صور والغازية، الذي اعتاد سلوكه بشكل يومي وتحديداً بالقرب من مقام النبي ساري (ع) في عدلون، حيث أصبح المكان مصيدة لسيارات المُواطنين ولم يُعالج الأمر، على الرغم من عشرات الضحايا.
 
من النادر جداً أن تجد صفات تجتمع بشخص واحد، مثلما تمثّلت بالراحل قاسم خليفة، الذي تترك شخصيته أثراً لها بكل من تعرف إليه.
 
تأنس اللقاء به، يأسرك بأدبه وتهذيبه، بدماثة خلقه، بشهامته ونخوته، بإقدامه ووفائه، فهو دائم الحضور في طليعة المُشاركين والمُهتمين بالمُناسبات، ترحاً أم فرحاً أو مرضاً، بلطف وتواضع، طيب المحيّا والملقى، يستقبلك بابتسامة مُبادراً للسلام.
 
قليل الكلام، لكن إنْ تحدّث بثقة ودراية اكتسبها بخبرة جبلته بها السنين التي تفوق عمره الحادي والستين، مما جعله من أصحاب الرأي السديد، والمُبادر دائماً إلى الإبداع والإقدام بأفكار تطويرية جديدة.
 
لم يسعَ في يوم من الأيام إلى مركز، لم تغيّره أو تبدّله أي مُهمّة أو منصب، بقي كما هو، نسج شبكة علاقات ومعارف وصداقات واسعة، وظّفها في الخدمة العامة.
 
أينما كان يترك بصمة تميّز وتطوير وإنماء، في «غرفة التجارة والصناعة والزراعة» في صيدا والجنوب كنائب لرئيسها لسنوات عدّة، وأميناً لمال «اتحاد الغرف التجارية» في لبنان، ونائبٍ لرئيس «جمعية تجار صيدا وضواحيها» لعقود، ورئيس مجلس إدارة استراحة صور السياحية، التي عمل على تطوريها، فأضحت مرفقاً مُتميّزاً على شاطئ البحر الأبيض المُتوسط.
 
عمل دائماً على العطاء والإنماء، بتوفير فرص عمل في التجارة والاقتصاد والسياحة.
 
كان مُرادفاً لإسمه، فشكّل دائماً قاسماً مُشتركاً بالصلح وإصلاح ذات البين، وتقريب وجهات النظر، فأضحى جسر تلاقٍ باحثاً عن نقاط التلاقي، على الرغم مما يُؤكد ذلك من عناء وبذل جهد، لكن ذلك انطلاقاً من حب الخير ونصرة المظلوم والملهوف والتآخي، التي تربّى عليها في منزل والده المرحوم الحاج محمد توفيق خليفة وانصهارها مع كريمة الحاج رضا خليفة، سلمى، مع شقيقيه علي وماجد وشقيقاته: منى، ندى، مي وغادة، وأفراد العائلة، وهو ما استمر مع اتساعها بأصهره وأنسباء وأحفاد.
 
تمتّع بميزة الكبار، والعفو عند المقدرة، وهذا ما حصل مع من غُرِّرَ بهم بالاعتداء على استراحة صور السياحية، بعد ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، بأنْ أسقط الدعاوى ضدهم، على الرغم مما ألحقت نتيجة جريمتهم التخريبية من خسائر.
 
رحل قاسم خليفة بحادث سير مروّع أمام مقام النبي ساري (ع) في عدلون، ووري الثرى في جبانة بلدته الغازية، ما بين مقام النبي إدريس (ع) ومسجد البلدة والحسينية، التي كان دائم الحضور في مُناسباتها، ومقام سيدة المنطرة في مغدوشة، حيث كانت السيدة مريم العذراء تنتظر مولودها السيد المسيح (عليهما السلام).
 
وما بين الاحتفال بعيد الفصح المجيد والاستعداد لاستقبال شهر رمضان المُبارك، الذي يشهد على أعماله الخيّرة، تماماً كما كان نموذجاً للعيش الطبيعي.
 
المُبادر الوفي، صاحب الواجب، كان الوفاء ممن عرفهم، وكان لكل منهم محطات ومواقف معه، فشارك حشد غفير الغازية بأسرها، وبلدات الجوار والجنوب ومناطق مُتعددة والمُخيمات الفلسطينية التي كان على تواصل دائم مع أبنائها، شاركوا من جنسيات وطوائف مُتعددة، وكثر لم يتمكنوا من المُشاركة بفعل إجراءات جائحة «كورونا».
 
يرحل العزيز قاسم خليفة، الذي عرفناه على مدى عقود من الزمن، كان خلالها بلسماً للصلح والإصلاح.
 
ستبقى ذكراه العطرة، ومآثره التي لا تُنسى، خالدة.
 
رحمه الله واسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.

المصدر : اللواء