ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
ذكرى الحرب... وجوع على الهوية
ذكرى الحرب... وجوع على الهوية ‎الجمعة 16 04 2021 07:50
ذكرى الحرب... وجوع على الهوية

عامر زين الدين*

في مثل هذا اليوم من كل عام ذكرى اندلاع الحرب الأهلية الذي يصادف الـ 46 عاما، كنا نلتقي كرجال دين من مختلف الطوائف اللبنانية الإسلامية والمسيحية في ساحة الشهداء، نضيئ الشموع، نرفع أغصان الزيتون، نتلو دعاء مشتركا، ونقول كفى... لا للحروب.

يصعب كثيرا لمن يناضل لأجل الإنسان والوطن والأرض والمحبة والسلام، مرور الذكرى دونما لقاء رافض دائما وأبدا عودة الـ 15 عاما من حروب الأخوة مع ما حملته من أنواع وأشكال الدمار والقتل والخراب، ولكن... ألسنا اليوم على قاب قوسين أو أدنى من الحرب، قياسا بتلك التجارب التي عشناها ونعيشها، بل والأخطر تجهيزا واستعدادا بحقائق صارخة؟!

نهلّل براياتنا الإيمانية والوحدوية ووطننا منقسم عموديا، روحيا وسياسيا، وتقاذف الاتهامات تشي بما عشناه ابّان الاحتلال الإسرائيلي ومشاهد حروب الآخرين على أرضنا؟!

نقرأ بإسم الله والآب والابن، ورماد حرائق المرفأ يذر العيون، ودماء الشهداء لم تجف بعد، وصرخات المفجوعين والأمهات الثكالى تصدح في المكان، فنتلو رثاء على «وطن الرسالة» أم نعدد مزايا بلد الاشعاع والنور والحريات والديمقراطية والجامعات والمستشفيات والسياحة والمرافئ والمطار والمصارف والصحافة والثقافة والفن...؟!

صلاة وتناول والمجاعة تدق الأبواب، وطوابير الناس أمام الأفران والمؤسسات التجارية لشراء الخبز والمواد الغذائية، والتهافت على المواد المدعومة مع ما يحصل من إشكالات بسبب التناتش على فضلات قوى الاحتكار. ناهيك مما يحصل على أبواب المستشفيات والصيدليات ومع شركات التأمين، ومصارف المال الضائع، وطوابير السيارات أمام محطات الوقود، فيما مناطق تتفاخر بملء الرفوف بالمنتوجات والسجّاد ومقومات الصمود المعيشي، لكأن لقمة الجائع صارت على الهوية!!

نحيي مناسبة بالتعاون مع مؤسسات، ومشاهد الانهيارات المتتالية جليّة لأركان ومفاصل دولة تهوي، مع نهاية مئوية استقلالية وبداية الثانية، بعقلية ديكتاتوريي الفساد البشعة التي ترمي اتهامات النهب والسرقة والخراب وشتّى أنواع ارتكاب الموبقات، وتتلذذ بقهر وظلم وذل أبناء مجتمع «سويسرا الشرق»!

نعم لقد حُرمنا اللقاء، ليس بسبب تفشّي خطر وباء كورونا القاتل، أو للاحتفاء بمصادفة بدء شهر عيد رمضان المبارك وبهجته، أو لكي نُسمّى أقوياء في زمن الضعف والوهن والمهانة، وإنما لأننا أمام حقائق جارحة مؤلمة وخطيرة... والآتي أعظم!

 

*عضو اللقاء الروحي في لبنان  

 

المصدر : اللواء