لبنانيات >أخبار لبنانية
وزير الشؤون الاجتماعية "يطرد" فقراء من برنامج الفقر!
وزير الشؤون الاجتماعية "يطرد" فقراء من برنامج الفقر! ‎الأربعاء 21 04 2021 22:11
وزير الشؤون الاجتماعية "يطرد" فقراء من برنامج الفقر!

عزة الحاج حسن

تتّجه وزارة الشؤون الاجتماعية إلى صرف غالبية العاملين لديها في مشروع "الاستجابة للأسر الأكثر فقراً في لبنان". ومن المحتمل أن يُصرف قرابة 300 من أصل 480 عاملاً في البرنامج. لم يتم تحديد عدد المصروفين ولا هوياتهم حتى اللحظة، لكن قرار الصرف اتُخذ، ووزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، رمزي مشرفية، طلب الاطلاع على السير الذاتية لكافة العاملين في البرنامج، لتحديد هويات المنوي صرفهم. فما هي معايير صرف العاملين ولماذا يتم صرفهم اليوم في وقت أن الوزارة بأمس الحاجة إلى كوادر بشرية لإتمام عمليات المسح لمئات الآلاف من الأسر الأكثر فقراً، تمهيداً للحصول على قرض من البنك الدولي مخصّص للمساعدات الاجتماعية.

غير كفوئين!
ينفي مستشار وزير الشؤون الاجتماعية، عاصم أبي علي، التوجه إلى صرف 300 عامل في برنامج الأسر الاكثر فقراً كما يرفض تحديد العدد، "فاختيار العاملين المصروفين سيتم بناء على معايير علمية محدّدة، ترتبط بمستوى الكفاءة والمستوى التعليمي"، يقول أبي علي في حديث لـ"المدن". ومن المُحتمل، وفق أبي علي، أن يبلغ عدد غير الحاميلن للشهادات الجامعية 100 عامل، وليس 300 شخص كما يروج العاملون في البرنامج.
كثيرة هي الملاحظات التي تشوب توجّه الوزارة فيما يتعلّق بمسألة كفاءة العاملين في برنامج الأسر الاكثر فقراً، خصوصاً أنهم يعملون في البرنامج منذ 12 عاماً، منها أكثر من سنة تحت إدارة الوزير رمزي مشرفية. فلماذا لم يتم صرف غير الكفوئين منهم قبل اليوم؟ ثم ألا يجدر بإدارة البرنامج تحديد مدى كفاءة العاملين لديها؟

يؤكد  مصدر رفيع من إدارة البرنامج، في حديث إلى "المدن"، أن ليس هناك من عامل واحد في البرنامج غير كفوء: "فالجميع عمل بجدّ والجميع ضحى بالعمل في هذا البرنامج وصبر، فراتب العامل في البرنامج لا يتجاوز 900 ألف ليرة، ولا تتم تغطيتهم من قبل الضمان الاجتماعي، ولا يتمتعون بأي امتيازات وظيفية. كما لم يتقاض العاملون يوماً رواتبهم بشكل منتظم".

ويعلّق المصدر على تصوير الوزارة العاملين في البرنامج على أنهم غير كفوئين وغير جامعيين، واعتماد هذه المعايير لتحديد هوية المنوي صرفهم من البرنامج، بالقول أن 30 شخصاً فقط لا يحملون شهادة جامعية من أصل 480 عاملاً في البرنامج. أما لجهة معيار نوع الشهادة الذي فرضته الوزارة، وهي الشهادات المرتبطة بالشأن الاجتماعي والنفسي، فيقدّر المصدر أن يبلغ عدد حاملوها 180 فقط. أما الثلاثمئة الباقون فهم جامعيون بالطبع، باستثناء 30 فقط، مع إصراره على أن الجميع يتمتعون بالكفاءة المهنية المطلوبة، ومن الظلم صرف أي عامل منهم.

معايير الديوان والبنك الدولي
وإذ يبرر أبي علي توجّه الوزارة إلى صرف عشرات العاملين في برنامج الأسر الأكثر فقراً، بأن الوزارة تتلقى منذ سنتين توصيات من ديوان المحاسبة، تفيد بأن البرنامج يضم الكثير من العاملين الذين أدخلوا من دون أي معايير علمية. أضف إلى أن الديوان أوصى بعدم صرف الرواتب من دون تقليص عدد العاملين في البرنامج، وفق معايير موضوعية محددة، ما يذكّر حين راسل الوزير مشرفية ديوان المحاسبة في العام 2020 بضرورة صرف الرواتب نظراً للظروف المعيشية الصعبة، على أن يتم تقليص العدد وفق المعايير المطلوبة عام 2021، ويرى أبي علي أن اليوم بات من الملح على الوزارة اعتماد المعيار المناسب الموصى به من قبل الديوان، خصوصاً ان الأخير أفرج عن الرواتب لمدة 6 شهور إلى حين البت بأمر العاملين.
معيار آخر تحدث عنه أبي علي، وهو ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية في المفاوضات مع البنك الدولي، يرتبط بما تم الاتفاق عليه مع البنك الدولي. أي تحديد مواصفات العامل الاجتماعي الذي من المفترض أن يعمل في البرنامج. بمعنى أنه يجب أن يكون كفوءاً خصوصاً لجهة الشهادة الجامعية.

في السنوات الماضية جرى توظيف أعداد كبيرة غير ذات كفاءة في وزارة الشؤون الاجتماعية، ومنها من لا يحمل الشهادة المتوسطة. ويسأل أبي علي، كيف يمكن أن يعمل هؤلاء في مجال المسح الاجتماعي وتقييم ظروف وحالات الناس، في حين أن هناك الكثير من خريجي الجامعات عاطلين عن العمل حالياً، ملمحاً إلى إمكان توظيف عاملين أكثر كفاءة في وقت لاحق، خصوصاً في حال النقص البشري في برنامج الاسر الأكثر فقراً.

الوزير الذي أوصى في وقت سابق باستقدام شركات خاصة لمساعدة العاملين الاجتماعيين على مسح العائلات الأكثر فقراً، قبل رد توصيته من قبل مجلس النواب، سيعمل في البرنامج مع عاملين اجتماعيين ومتطوعين، إلى حين تعيين عاملين جدد. ويكشف المصدر عن نوايا بتوظيف فريق جديد في برنامج العائلات الأكثر فقراً. ومن المرجّح أن تكون أسماء العاملين الجدد جاهزة. وإلا كيف يمكن تفسير صرف عاملين في البرنامج قبل إتمام المسح الذي طلب البنك الدولي القيام به عاجلاً، والذي ترتبط عملية توزيع أموال القرض بإنجازه. ويرى المصدر أن خطوة الوزير مشرفية متسرعة وغير موفقة "وإذا ما أراد تنفيذ خطوة إصلاحية بصرف العاملين فذلك ليس إصلاحاً".

اعتصام العاملين
وفي رد فعل فوري من قبل العاملين في برنامج الأسر الأكثر فقراً نفذ العشرات منهم اعتصاماً اليوم أمام مبنى الوزارة، رفضاً لقرار الوزير بصرف عدد منهم، واصفين القرار بالجائر والظالم. ورأوا أن "قرار الوزير رمزي مشرفية هو خطوة جائرة تفضي إلى الطرد التعسّفي لأكثر من 300 عامل اجتماعيّ على الأقل في مشروع الفقر، وسيحرم هؤلاء من العمل ومن الدخل في هذه الظروف الصعبة والقاسية. كما اتهموا الوزير باتخاذه الخطوة من باب التوظيفات التنفيعية الجديدة، ووضع اليد على برنامج الأسر الأكثر فقراً، والاستفاده منه شعبوياً وسياسياً.

ورأى المعتصمون في بيان لهم إلى أن قرار الوزير صرف عاملين في البرنامج، ما هو سوى محاولة منه لإظهار نفسه بصورة الرجل الإصلاحيّ، حتى على حساب الفقراء وعوائل العاملين الاجتماعيين، وعلى حساب استمرارية المشروع.

المصدر : صحيفة المدن