لبنانيات >أخبار لبنانية
فرنسا تؤيّد طرح الفرزلي؟
فرنسا تؤيّد طرح الفرزلي؟ ‎الأربعاء 5 05 2021 14:54
فرنسا تؤيّد طرح الفرزلي؟

ميشال نصر

فيما نظر اللبنانيين موزّع، عين على مفاوضات الترسيم في الناقورة، وعين على زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت، لم يكن ينقص السياسيين اللبنانيين، سوى عطلات الأعياد المتلاحقة لتبرير توقّف عجلة المشاورات الحكومية، فيما "اللاإتفاق" سيد الموقف، ذلك أنه "في العجلة الندامة وفي التأنّي السلامة". فبين العطلة والأخرى، قرّر الفرنسيون التحرّك باتجاه بيروت، في زيارة حاسمة، تبدأ من بيروت، وتشمل دولاً في المنطقة، على صعيد المبادرة الفرنسية، المتوفاة سريرياً من جهة، غسلاً لليد المتأخر من دم الثورة والحراك، الذي "غطست" باريس في جرنه.

طبيعي أن الزيارة تأتي لافتة من حيث التوقيت والظروف، إذ رغم موجات التفاؤل الإقليمي، المبني على أحداث متنقّلة ومعلومات متفرّقة، عن تقارب من هنا، واتفاق من هناك، فإن أوساط عواصم القرار الدولي تتقاطع عند أن الوضع اللبناني ذاهب إلى مزيد من التعقيد وصولاً إلى الإنفجار، بعيداً عن القراءات الإقليمية المغلوطة. بناء لذلك ماذا تحمل معها الزيارة في التوقيت والمضمون؟

مصادر مواكبة للحراك الفرنسي منذ بدايته، تتوقف عند جملة معطيات، فرضت نفسها، وحتّمت ضرورة مسارعة الإيليزيه إلى احتواء الإنهيار الدراماتيكي لسياسة الأم الحنون في لبنان والمنطقة، والذي كلفته خروج الرئيس ماكرون من الرئاسة. لذلك، كان الحل الوسط بإرسال وزير الخارجية في رحلة "إستطلاعية" لتقدير حجم الخسائر، ونقل مجموعة من الرسائل للداخل والخارج، أهمها:

- رسالة دعم للجيش اللبناني وقيادته، بشكل واضح، في توقيت "مشبوه" يتزامن مع كلام وحملة يقودها نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، المعروف بتواصله مع جهات فاعلة في باريس. مجال بقي حتى الأمس حكراً على الأميركيين وحدهم، إذ أن مراجعة تصاريح ماكرون خلال زياراته إلى لبنان، وإشاراته الخجولة إلى الجيش، إذا ما وجدت، لدليل واضح على ذلك. فهل قرّرت فرنسا ركوب الحصان الأميركي، لاستلحاق حصة ما؟

- محاولته إعادة التوازن الداخلي اللبناني، بعدما تسبّبت سياسة فرنسا في "طَبش" كفّة الميزان الداخلي لصالح الدويلة المُمسكة بالدولة على حساب الثورة التي قامت في تشرين، علّه يصلح بعضاً مما خرّبه رئيسه على مدى أشهر من الرهانات الخاطئة على طبقة سياسية تشبهه، علّها تفتح له باب التجديد لولاية ثانية في الإيليزيه، ما هو عَشم إبليس في الجنة، ذلك أن لعنة متضرّري إنفجار المرفا لن ترحمه، بعدما أجهض في زيارته الأولى ثورة حريتهم وتحرّرهم.

هنا، لا بد من الإشارة إلى أن جدول المواعيد الحافل، بحسب الـ "كي دورسيه"، تلقّى ضربةً قويةً، مع عزوف عدد من مجموعات الثورة والحراك عن تلبية الدعوة للقاء الضيف الفرنسي "المحشور والمأزوم" في قصر الصنوبر، بسبب مواقف الطبقة السياسية اللبنانية التي أسقطت رهان "معلّمه" عليها.

وتشير مصادر متابعة، إلى أن موقف الثورة مفهوم، ذلك أن الرئيس الفرنسي الذي أجهض نجاح الإنتفاضة عقب انفجار المرفأ في الرابع من آب، "معوّما" الطبقة السياسية، ممارساً لعبة "بلف" بحق الشارع اللبناني، لا يمكنه اليوم اللجوء إلى الشعب اللبناني لتعويم نفسه وتحسين شروط معركته الرئاسية، بين النكبات التي لحقت به وبمبادرته، وعليه بالتالي أن يدفع ثمن خياراته الخاطئة، التي صبّت في مصلحة فريق "الدويلة" على حساب الدولة وشعبها وثورته.

-أما الرسالة الأهمّ فهي إلى الخارج، وتحديداً واشنطن وموسكو وبعض أوروبا والعرب، حيث هناك شعور فرنسي بدأ يتبلور حول وجود قرار دولي بإخراجها من آخر معاقلها في المنطقة، رغم التعاون الشكلي الأميركي - الروسي معها، وهو السبب الأساس في فشل مبادرتها. فلا هي متّفقة مع "الدبّ" على العقوبات، ولا مع النسر على الترسيم، ولا مع دول القارة العجوز على الموقف من الدويلة، ولا مع المجموعة العربية على شروط الحل.

وإذا كانت لهجة تصاريحه العالية النبرة، معروفة منذ الآن، إلاّ أن التضارب في المعلومات سيّد الموقف حول ما سيطرحه على مضيفيه، بعدما انتقلت بلاده من "شدّ الدَينة" بالتلويح بعقوبات، إلى "قرصة" إعلان اقتصارها على عدم إعطاء "فيزا" لبعض غير المحظوظين بزيارات باريسية، مع رفض أوروبا السير بعقوبات إلاّ بشروطها.

وتشير مصادر فرنسية، إلى أن لودريان يحمل في جيبه اليسرى "عودة" العقوبات، وفي جيبه اليمنى طرح السير بحكومة تكنو ـ سياسية، كفيل طرحها بإخراج الشيخ سعد من اللعبة، على أن يتولى السيّد، أمر باقي اللاعبين الداخليين للسير "بالصف". هكذا تكون فرنسا قد وضعت "بيضها" في سلّة حارة حريك. ولكن هل يُكتب لهذا الطرح النجاح؟ تسارع المصادر إلى الإجابة، لقد تأخّر الفرنسيون كثيراً، فمَن ضَرب ضَرب ومن هَرب هَرب".

"تي تي متل ما رحتي متل ما جيتي"... هكذا ستبقى نتائج زيارات الموفدين الفرنسيين إلى لبنان، إلى ما شاء الإيليزيه وطالما بقي ماكرون... فبحسب الشاطر حسن، فرنسا كل عمرها "إيد لـ قدّام وإيد لـ ورا، فكما حنا كما حنين"، ما تعلّموا يوماً أن "يمدّوا بساطن عا قد إجرين"... فهل نشهد دفن باريس للبنان الكبير بعد مئة عام على ولادته القيصرية على يديها؟

المصدر : ليبانون ديبايت