لبنانيات >أخبار لبنانية
سجناء رومية يستغيثون: نقص حاد بالطعام والدواء ولا استشفاء
سجناء رومية يستغيثون: نقص حاد بالطعام والدواء ولا استشفاء ‎السبت 12 06 2021 10:41
سجناء رومية يستغيثون: نقص حاد بالطعام والدواء ولا استشفاء

جنى الدهيبي

مرة جديدة، تعود قضية نزلاء سجن رومية إلى الواجهة، وتتكشف قصص معاناتهم التي تثبّت عدم توفير الأمن الغذائي والصحي اللازمين لهم.  

ولعل أكثر ما يثير الريبة -في بلد يصلح أن يكون نموذجًا عالميًا بسلب المواطنين أدنى حقوقهم وحاجاتهم- كان خروج وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، قبل أسبوع، معلنًا في حديث تلفزيوني أن بعض السجناء، "جاء إخلاء سبيلهم لكنهم يرفضون الخروج من السجن، لأنهم يأكلون ويحصلون على الطبابة والدواء"!  

لكن الحقائق التي تدحض هذه المزاعم، تضعنا أمام احتمالين: إمّا أن لدى فهمي أزمة في التقارير التي تصله من السجون اللبنانية، وبالتالي ليس على بينة لمجريات الأمور داخلها، وإمّا أن ثمة محاولة لتضليل الرأي العام، وفق ما يقول لـ"المدن"، رئيس لجنة السجون في نقابة المحامين في طرابلس محمد صبلوح.  

واقع رومية 
 
يكشف بعض سجناء رومية تفاصيل معاناتهم اليومية، التي تخطت حرمانهم من تأمين الغذاء اللازم والكافي، إلى حرمانهم من الدواء، بعد أن صارت صيدلية السجن شبه خالية، وحرمانهم من الطبابة وإجراء العمليات في المستشفى عند استدعاء الحاجة، إلا على نفقتهم الشخصية، بينما تتحمل وزارة الداخلية مسؤولية طبابتهم وتوفير الأدوية لهم.  

ومن الشهادات التي رصدتها "المدن"، تفيد أن أحد السجناء كان يعاني من أوجاع في جهازه الهضمي استدعت نقله إلى مستشفى الحياة، ولم تتم معالجته، بعد أن كان مشروطًا بدفعه 2 مليون ونصف ليرة لبنانية.  

ويعاني سجين آخر من فشل بالكلى، لا يتلقى العلاج منذ مدة رغم معاناته. كذلك تلخص صيدلية السجن، مأساة السجناء، إذ أصبحت شبه فارغة من كافة أنواع الأدوية، وحتى من مستلزمات الإسعافات الأولية. لذا "يضطر السجناء لإرسال وصفة لتأمين الدواء من الخارج من قبل عائلاتهم، لكنها تحتاج ما لا يقل عن 4 أيام للحصول على الأذونات اللازمة، وغالباً لا يجد ذووهم الأدوية المطلوب في الصيدليات"، وفق إفادة أحد السجناء لـ"المدن". ويلفت أن السجناء يرفعون مطالبهم للإدارة، لكن أجوبة العناصر تأتي غالبًا: "لا حل بيدنا، لأن لا مال لدى الوزارة".  

إزدراء الوضع الصحي، ينسحب أيضًا على الغذاء، إذ يعاني السجناء من غياب التنوع في برنامجهم الغذائي المقدم من السجن، ويقتصر غالبًا على بعض الحبوب والبطاطا، كما أن الكميات تصل محدودة، حسب أحد السجناء.  

ولدى لجوئهم للشراء من الحانوت، يعاني السجناء من مصاعب إضافية، بسبب الغلاء الكبير في الأسعار. وهذا ما تكشفه بعض الفواتير التي اطلعنا عليها، والتي تتجاوز منطقياً القدرة الشرائية لمعظم ذوي السجناء، كما حال معظم اللبنانيين، فيبلغ مثلا كيلو اللحوم المثلجة 100 ألف ليرة.  

الاعتراف بدل المكابرة  

وهنا، يشير المحامي صبلوح، أن التطرق لقضايا السجناء، لا يهدف للتشهير بالمسؤولين عنه، لأن الأزمة إنسانية بالدرجة الأولى، وتتطلب عدم المكابرة أو تشويه الحقائق، "بل الاعتراف بوقوع الأزمة، كي تكون دافعاً لحث المنظمات المدنية والدولية أن تمد يد العون للسجناء من أجل إغاثتهم".  

وقال إن "ما يحدث في رومية، يؤكد أن الدولة عاجزة عن تأمين أبسط حقوق السجناء، وأحيانًا نضطر لجمع التبرعات لهم لتغطية كلفة علاجهم الباهظة، ولا بد من البحث عن بدائل للتعويض عن هذا النقص الحاد بالغذاء والدواء، وتقهقر الخدمات الطبية".  

ويلفت المحامي أن المحاكمات ما زالت تسير بوتيرة بطيئة، ما يفاقم معاناة السجناء الذين ينتظرون تحديد مصيرهم، إذ "يوجد في لبنان نحو 7 آلاف سجين، من بينهم نحو 3 آلاف سجين في مبنى رومية، الذي لا يتسع بالأصل لأكثر من 1500 سجين".  

وواقع الحلّ، تتصاعد نداءات نزلاء رومية، في وقت يتهاوى القطاع الصحي. وقد عبّرت النقابات والجهات الاستشفافية عن ذلك، بسبب الشح الكبير في الكواشف المخبرية ومختلف المستلزمات الطبية والأدوية.  

وفيما يعبر السجناء عن نيتهم بالتصعيد الكبير لاحقًا من خلف القضبان، إذا لم تتحمل الدولة مسؤوليتها الإنسانية تجاههم، يشير أحدهم أن هذا التحذير "ليس لأننا هواة مشاكل، وإنما نشعر بالمهانة والاستفزاز المتواصلين، بسبب التنكر المقصود لمعاناتنا الصحية والغذائية، وتركنا من دون اتخاذ اجراءات انقاذية عاجلة".

المصدر : المدن