فلسطينيات >داخل فلسطين
الغضنفر .. عزيمة قهرت السجان
الغضنفر .. عزيمة قهرت السجان ‎الجمعة 9 07 2021 18:08
الغضنفر .. عزيمة قهرت السجان

معن الريماوي

لم تخلُ غرفته في المستشفى من المهنئين، فيما كان الغضنفر أبو عطوان (28 عاما) يقلب بصره يمينا وشمالا فرحا بخروجه منتصرا عندما انتزع حريته من سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد 65 يوما من الإضراب المفتوح عن الطعام ضد الاعتقال الإداري. ورغم التعب والانهاك الظاهر على جسد أبو عطوان الهزيل، وفي كثير من الأحيان كان يواجه صعوبة في الاستمرار بالكلام لفترات طويلة، ازدادت فرحته حينما جاء زملاؤه في جهاز الضابطة الجمركية لزيارته، وأخذ يتبادل معهم أطراف الحديث المغمور بالاشتياق والحب، ثم أتى الأطباء، من أخصائي باطني وتغذية وطبيب عام، لوضع برنامج علاجي وتأهيلي له. على سرير الشفاء بالمستشفى الاستشاري العربي برام الله، بعد نقله من "كابلان" الإسرائيلي، يجلس أبو عطوان وبجانبه الكوفية الفلسطينية، وخلفه علم فلسطين كُتب عليه" الحرية للغضنفر". بعد أن استطاع أمس انتزاع قرارٍ بإبطال أمر اعتقاله الإداري بعد إضراب دام 65 يوما في سجون الاحتلال. "اتصل المحامي جواد بولص بأختي بنازير، وعلمت أنني سأخرج بعد أن ارتسمت الفرحة على محياها، قبل أن تقول بأني قد انتصرت وسأخرج. لأرد بأني أريد أن أرى قرار الإفراج بعيني، وذلك حتى أوصل رسالة للجميع بضرورة أن يكون الأسير على درجة عالية من الوعي، وهو ما تم"، يقول الأسير المحرر أبو عطوان. مضت أيام الإضراب ثقيلة على الغضنفر المنحدر من بلدة دورا جنوب الخليل، ذاق فيها صنوفا من العذاب والأوجاع، وضعف جسده وساءت حالته، وبات يعاني من آلام في المفاصل والقلب، والظهر، واليدين، والحنجرة، والرأس، ولم يعد يقوى على الحركة والكلام، "كل يوم يمضي يزداد الألم، وتكتشف وجعا آخرا". خلال هذه الفترة، تعرض أبو عطوان حسبما يقول لابتزازات كثيرة، منها حملات تفتيش في زنزانته ثلاث مرات يوميا، والعبث بأغراضه الشخصية، عدا عن الكلام من قبل جنود الاحتلال في محاولة لكسر إرادته. لم يستطع الغضنفر إكمال حديثه، فأكملت أمه عنه مستذكرة الاعتداء بالضرب والتنكيل الذي تعرض له نجلها في سجن "الرملة"، وهو ما تسبب بكدمات ورضوض بمختلف أنحاء جسده، وكان في يومه الـ 36 من الإضراب. هز الغضنفر رأسه مؤيدا، ثم أعاد الحديث "هذه سأقدم فيها شكوى لكل المؤسسات الحقوقية" لتضيف أمه موجه الكلام له "يجب أن تخبر الجميع بذلك حتى يتعلموا منك الصبر والقوة والثبات". عاد أبو عطوان للحديث قائلا "بقيت مصمما على موقفي، وكان لدي إرادة وعزيمة تمكني من الصبر لمدة 100 يوم أخرى، وتمكنت من كسر إرادة السجان". خاض أبو عطوان إضرابات سابقة، أولها عام 2017 عندما شارك في إضراب الكرامة مع الأسرى استمر لمدة 41 يوما، وثانيها إضراب استمر مدة 19 يوما وذلك عام 2018، عندما تم نقله من سجن لآخر تعسفيا، وفي العام الذي تلاه خاض إضرابا مع عدد من الأسرى الإداريين لمدة 19 يوما، تم على إثرها تحديد سقف زمني لاعتقالهم والإفراج عنهم. ووجه تحية لكل الأسرى في سجون الاحتلال، مؤكدا أن العزيمة والإرادة هي السلاح الأقوى الذي يملكه الأسرى، حتى نيل الحرية والإفراج. تصف بنازير شقيقة الغضنفر صدمتها عندما رأته بعد 50 يوما على الإضراب، حيث تغيرت ملامحه من شاب يافع قوي البنية إلى آخر هزيل وبملامح أكبر من عمره، كما نقص وزنه بشكل كبير، إضافة لالتصاق جلده بالعظام، وبالكاد تمكنت من تمالك نفسها وعدم البكاء أمامه. "عندما زرته كان غير قادر على الكلام، لأنه كان يعاني من آلام في الحلق نتيجة امتناعه عن شرب الماء، تعودت على مصافحته واحتضانه قبل الاعتقال، ولكنه الآن غير قادر على الحركة". تقول بنازير وتضيف "عشت معه أيام صعبة، خاصة أننا لم نكن نعلم نهاية الطريق، ومع الأيام ازداد وجعنا وقهرنا، وكنا عاجزين، وكان يخبرني دائمًا بأن قدمه تؤلمه وفقد الاحساس بها، ولم يكن يشعر بيدي وأنا أضعها عليها. الغضنفر راهن على نفسه من البداية، وهو من حقق الانتصار". وتابعت "شقيقي كان قويا، ورغم ذلك عشنا مرحلة صعبة، خاصة بعد رفض سلطات الاحتلال الزيارات المقدمة له، وسمحت بزيارته بعد صدور قرار تجميد الاعتقال الاداري بحقه". واختتمت "خبر الإفراج عنه كان جميلا، وهي صعب أن يصفها الانسان، شعرنا وكأننا استيقظنا من كابوس".

المصدر : وكالة وفا