لبنانيات >أخبار لبنانية
عهدا أبا معروف.. لن نسقط الراية - بقلم طلال أرقه دان
عهدا أبا معروف.. لن نسقط الراية - بقلم طلال أرقه دان ‎الجمعة 23 07 2021 20:11
عهدا أبا معروف.. لن نسقط الراية - بقلم طلال أرقه دان

جنوبيات

عندما يتجهم وجه الوطن وتتلبد في سمائه الغيوم السود، نعود الى التاريخ القريب نفلفش اوراقه الناصعة البياض نبحث عن الرجال الرجال، ومن احق من مصطفى معروف سعد في ان نؤوب اليه في هذا المنعطف الخطير من تاريخ الوطن حيث يستهدف الناس بلقمة عيشهم ودوائهم ورزقهم ، من قبل طبقة سياسية مارست كل صنوف العهر والفساد ،تحاصصت الدولة ومرافقها فمصت دمها وخيراتها ورمتها جثة ناحلة على قارعة الطريق.

نعود الى مصطفى سعد لا لنستذكره رمزا للمقاومة الوطنية ضد الاحتلال الصهيوني وحسب بل لانحيازه المطلق الى جانب الفقراء والكادحين ، ويكفيه فخرا انه لم يعط ثقته يوما بكل مشاريع الموازنات منذ العام 1992 مع لحظ استثناء وحيد يوم اعدت حكومة ضمير لبنان الرئيس سليم الحص موازنة العام 1999 والتي اعدها الوزير الرؤيوي آنذاك الدكتور جورج قرم.

كان ابو معروف معارضا عنيدا لكل السياسات المالية الخبيثة التي قامت على توسيع دائرة الاستدانة بفوائد عالية ما ضاعف بسرعة قياسية حجم الدين العام بالنسبة الى الناتج المحلي، وقد كان يحذر دائما ، مع قلة قليلة من رجالات الوطن الصادقين، من خطر الاستدانة والانفاق غير المجدي على قطاعات ريعية غير استثمارية من شأنها ان تعمق المأزق الاقتصادي ببناء نموذج اقتصادي هش لا ركائز متينة له تستطيع النهوض بالوطن وتحقيق نمائه وتطوره، وبقي على موقفه هذا حتى آخر يوم في حياته.

ولعل ما حذر منه مصطفى سعد مرارا وتكرارا نحصد نتائجه المرة اليوم، انكماشا في الاقتصاد الوطني وانهيارا مريعا في سعر صرف العملة الوطنية ومعدلات بطالة غير مسبوقة وافقارا وتجويعا وظلما وظلاما لم يعرفه لبنان في اي مرحلة سابقة من تاريخه.

لقد استشرف ابو معروف بحسه الوطني وقراءته العلمية للوقائع المتصلة بالسياسات المالية والاقتصادية والنقدية، حجم المخاطر المستقبلية على الوطن لا سيما مع لجوء الحكومات المتعاقبة الى سياسة اطفاء الدين العام عبر دين جديد، في لعبة هروب الى الامام لاستدامة نظام التحاصص وتقسيم جبنة الحكم بين اقطاب الطبقة الحاكمة التي مارست سياسة استمالة الناس بمحكاة الغرائز الطائفية والتخويف من الاخر وذلك لاشاحة نظر المواطنين المشدودين للخطاب الطائفي عن رؤية واقع النهب المنظم الذي مارسه زعماء الطوائف والذي كان من نتائجه الحتمية حالة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والمالي.

المصدر : جنوبيات