لبنانيات >أخبار لبنانية
أول تقرير رسمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان حول انفجار المرفأ
أول تقرير رسمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان حول انفجار المرفأ ‎الخميس 29 07 2021 13:14
أول تقرير رسمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان حول انفجار المرفأ

حنوبيات

أطلقت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان أول تقرير رسمي لبناني حول انفجار مرفأ بيروت، قبل أسابيع من الذكرى السنوية الأولى الانفجار تحت عنوان: "رصد انتهاكات حقوق الإنسان في الاستجابة لانفجار مرفأ بيروت".
في مؤتمر صحافي عقد في فندق "لو غابرييل" الاشرفيه قبل ظهر اليوم، في حضور نقيب المحررين جوزيف القصيفي واعضاء الهيئة وعدد من الشخصيات الحقوقية وإعلاميين.

ويهدف التقرير، بحسب الهيئة، إلى "مراقبة التدخلات التي تقوم بها الأطراف الوطنية المعنية في مرحلة ما بعد الانفجار إضافة إلى التواصل مع الناجين والناجيات وذوي الضحايا لمعالجة مخاوفهم وبالتالي يشير التقرير الى قضايا منهجية واسعة الانتشار تؤدي الى انتهاكات لحقوق الانسان وتحدد الاجراءات التي يتعين تنفيذها للتخفيف من مخاطر الانتهاكات وتوصي بتدابير لتحسين الاستجابة للكوارث وحماية حقوق الناجيات والناجين من الانفجار بما في ذلك الفئات الاكثر ضعفا".

وقالت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب إن "الوقائع والمعلومات التي جمعتها حول انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من آب من العام 2020 وطريقة الاستجابة لتداعياته أثبتت إهمالا وفشلا كبيرا في حماية حقوق الجميع بدون تمييز، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة والسكن والغذاء والماء والتعليم والحق في بيئة صحية سليمة".

جرجس
وتلى البيان رئيس الهيئة الدكتور فادي جرجس، وقال: "تطلق الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب أول تقرير يصدر عن جهة رسمية لبنانية عن هذه الجريمة التي أودت بحياة المئات وخلفت جرحى وأشخاص ذوي اعاقة بالآلاف وتركت ندوبا وطنية عميقة لم تندمل ولن تشفى، وحدها معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة وجبر الضرر يمكن أن تخفف من آلام هذه الندوب، مع أهمية الاستفادة من أخطاء لا بل خطايا الماضي كي لا تقع في المستقبل.
تصدر الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان هذا التقرير تنفيذا لولايتها كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في لبنان، تؤدي مهامها في جميع المسائل المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها في لبنان. وعلى وجه الخصوص، تتولى الهيئة مهمة مراقبة مدى التزام لبنان بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وصياغة تقارير خاصة أو دورية بشأنها ونشرها.

في الخلاصة أن الوقائع والمعلومات التي جمعتها الهيئة حول انفجار مرفأ بيروت وطريقة الاستجابة لتداعياته أثبتت إهمالا وفشلا كبيرا في حماية حقوق الجميع بدون تمييز، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة والسكن والغذاء والماء والتعليم والحق في بيئة صحية سليمة.
أن الحكومة اللبنانية أخلت بواجبها في الرعاية وحق الحياة لمواطنيها عندما تركت مادة خطيرة في مرفأ بيروت، في وسط العاصمة، لأكثر من 6 سنوات. ولم تتخذ الإجراء المناسب للتخفيف من المخاطر ولم تتخذ القرارات الصحيحة لحماية مواطنيها".

أضاف: "وفي ظل تصاعد النقاش حول موضوع رفع الحصانات فإن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تشدد على:
1- ضرورة تتبع مسار شحنة مادة النترات منذ خروجها من البلد المصدر حتى وصولها إلى مرفأ بيروت، نظرا لاحتمال تورط مجموعات إجرامية منظمة في ارتكاب جريمة عابرة للحدود الوطنية ومشمولة بالاتفاقيات الدولية، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو)، ولبنان طرف فيها. وتنص أحكام اتفاقية باليرمو، على أن مرور الوقت، والسرية المصرفية، والحصانات، لا تؤخذ في الاعتبار عند ارتكاب جرائم مماثلة.
2- أما في حال عدم ثبوت وقوع جريمة منظمة فإن الهيئة تشدد على ضرورة اتباع الأطر الدستورية والقانونية وضمان الشفافية والاستقلالية للسلطة القضائية بعيدا عن أي تدخلات.
يعالج التقرير القضايا المنهجية أو الواسعة الانتشار التي تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، ويحدد الإجراءات التي يتعين تنفيذها للتخفيف من مخاطر الانتهاكات، ويوصي باتخاذ تدابير لتحسين الاستجابة للكوارث وحماية حقوق الناجين والناجيات من الانفجار، بما في ذلك الفئات الأكثر ضعفا.
خلال مرحلة إعداد التقرير التقت الهيئة أفراد ومنظمات معنية بالاستجابة لتداعيات تفجير مرفأ بيروت لجمع المعلومات ذات الصلة. ونفذت مقابلات مع قائمة من المساهمين تضم 65 لبنانيا وأجنبيا من خلفيات مختلفة، بما في ذلك المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأمنية اللبنانية ونشطاء المجتمع المدني ومحامون. وعقدت 43 اجتماعا مع ضحايا الانفجار ممن فقدوا أفرادا من الأسرة أو تعرضوا لأضرار جسدية أو لحقتهم أضرارا مادية.
تعرض معظم الذين التقت الهيئة بهم إلى أضرار معنوية وجسدية ومادية في آن واحد. وجرى إعداد قائمة بالأسئلة كدليل إرشادي لجمع المعلومات المطلوبة للتقرير. واستخدمت المعلومات لتوثيق الثغرات في الاستجابة لحالات الطوارئ وتصنيفها وتسليط الضوء على حقوق الإنسان المنتهكة نتيجة للانفجار. وأجري مسح على 43 ناجيا وناجية لتقييم مدى وعيهم بحقوق الإنسان وفهم ما إن كانوا يعرفون ما حقوقهم وأي حقوق انتهكت نتيجة انفجار مرفأ بيروت.

وينوه التقرير بجهود الصليب الاحمر والدفاع المدني والاطقم الطبية والاجهزة العسكرية في عملية الاستجابة، لكنه يخلص إلى افتقار المؤسسات الإدارية والمؤسسات الأمنية اللبنانية إلى النقد الذاتي، فبينما تنقل انطباعا بأن كل ما فعلته في استجابتها للانفجار كان فعالا وضروريا، يظهر جليا أن ذلك لم يكن حقيقيا.
أما منظمات المجتمع المدني، فعلى الرغم من ملئها فجوة كبيرة وقيامها بعمل فعال، فإنها لا تريد الاعتراف بأن التنسيق الأفضل مع الحكومة كان يمكن ان يثمر جهود أكثر كفاءة وفعالية.

إن غياب التخطيط الاستراتيجي جعل الاستجابة فوضوية وغير فعالة في بعض الأحيان. وزادت هذه الازدواجية من ضائقة الناجين، إذ لم يشعر الكثيرون بالراحة عند فتح منازلهم وتبادل المعلومات مع جميع من شاركوا في الاستجابة. ورأى البعض أنه جرى انتهاك الحق في الخصوصية. وقد سلمت المساعدات الطارئة عدة مرات إلى الأشخاص أنفسهم أو إلى أشخاص ليسوا في حاجة حقيقية. وزاد الافتقار إلى المعلومات أو تناقضها من الإحباط وانعدام الثقة عموما بالمصادر الحكومية، إذ كان الانتشار السريع للمعلومات الخاطئة والمريبة والمضللة عارما. وقد أثر نقص التنسيق بين جميع مؤسسات الدولة بنحو خطير على كفاءة تقديم المساعدات. ولم تضع الوزارات والادارات المعنية والمؤسسات المعنية بالإسعاف والاغاثة استراتيجية مشتركة أو أي خطة عمل لتلبية الاحتياجات في ما بعد الكارثة. وقد كشف ذلك عن الحاجة الماسة إلى هيئة تنسق عمل الحكومة وإلى رقمنة الحكومة لتسهيل الوصول إلى المعلومات وتبادل البيانات.
لقد كان تأثير الانفجار على الفئات الأكثر ضعفا كبير جدا، لا سيما التأثير على المرأة وعلى كبار السن والأطفال والعمال والعاملات الأجانب واللاجئين ومجتمع الميم والأشخاص ذوي الإعاقة.

يؤكد التقرير أهمية التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي والمخاطر المرتبطة به كضرورة ملحة في الوقت الذي تستجيب فيه الدولة للأزمة الثلاثية (الاقتصادية والصحية والأمنية). يعتبر العنف القائم على النوع الاجتماعي من أكبر تحديات الحماية في أي أزمة إنسانية، حيث يؤثر على النساء والفتيات بشكل غير متناسب ويؤثر على الأسر والمجتمعات عموما.
وفي خضم الكوارث، تعمل الضغوط الإضافية التي يشعر بها مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين على تضخيم رهاب المثلية، ما قد يؤدي إلى حالات خطيرة وحادة من العنف ضد أفراد هذا المجتمع وحرمانهم من المساعدة".

وتابع: "بحسب المقابلات التي أجريناها في المناطق المتضررة، فقد واجه كبار السن صعوبة في الوصول إلى الإغاثة الإنسانية، إذ لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم، ولم يتلقوا الرعاية الصحية اللازمة. وأفاد ستة أشخاص من كبار السن بأنهم انتظروا عدة أيام قبل أن يأتي أحدهم للاطمئنان عليهم عقب الانفجار، فيما تلقى بعضهم الآخر موارد غذائية ومياها في الشهر الأول، لكن هذه الخدمات توقفت بعد ذلك بسبب إجراءات الإغلاق التي أجبرتهم على أكل طعام غير مغذٍ وفي بعض الأحيان تفويت بعض الوجبات.
وفي أثناء مقابلات أجريناها مع 30 والدا من مناطق متضررة مختلفة، سألناهم عما إن كان أطفالهم تلقوا أيا من خدمات الصحة النفسية، فأفاد 12 منهم بأن متخصصين في الصحة النفسية من مختلف المنظمات غير الحكومية قد زاروهم، لكن هذه الزيارات توقفت بسبب الإغلاق الناتج عن فيروس كورونا. وبالتالي، تشير كل هذه الأعراض وردود الفعل إلى حاجة ماسة لجميع الأطفال الناجين من الانفجار إلى الحصول على خدمات الصحة النفسية المستمرة.

عانى العمال الأجانب من التمييز عندما تعلق الأمر بالحصول على المساعدات الإنسانية المقدمة؛ بناء على المقابلات التي أجريت، كما افتقرت الحوامل منهن إلى الطعام المغذي لهن ولأطفالهن الحديثي الولادة. وسجل أيضا أن كثيرا من الأفراد لم يتمكنوا من الوصول إلى الخدمات والمساعدات بسبب الحواجز اللغوية، إذ لم تتوفر أي من المعلومات التي جرى تداولها عبر الإنترنت أو على تطبيق الواتساب أو غير ذلك بلغة يمكنهم قراءتها وفهمها، لذلك، لم يحظ الكثير منهم بالمساعدات الإنسانية المقدمة.
ويشير التقرير إلى أن بعض المنظمات غير الحكومية رفضت تقديم المساعدة للاجئين بحجة حصولهم على المساعدة من المنظمات غير الحكومية الدولية، وقد نفى معظم من قابلناهم هذا الأمر. وجرى توثيق خمس عشرة حالة تحرش وتمييز من قبل العاملين في المنظمات غير الحكومية تجاه اللاجئين السوريين. وقد رفضوا تقديم الخدمات لهم، ما أعاق وصولهم إلى الغذاء والماء والخدمات الصحية الأساسية.

وفي حين صدر قانون يساوي بين شهداء الانفجار وشهداء الجيش اللبناني لتستفيد عائلاتهم من الخدمات مدى الحياة، لم تمنح من جهة أخرى المعوقين الجدد من جراء الانفجار نفس المكانة. ولا يوفر تطبيق القانون 220 علاجات مناسبة للأضرار الجسيمة التي لحقت بهؤلاء الأشخاص من جراء الانفجار، إذ يجب أن تمنح نفس المكانة التي منحت للشهداء للمعوقين حديثا من أجل الحصول على التعويضات والخدمات التي ينبغي أن يتمتعوا بها بكل حق.
ختاما لا بد من التأكيد أن التوصيات التي تضمنها التقرير ستشكل خطة عمل للهيئة من أجل تنفيذها بالتعاون مع جميع الشركاء، وتبقى التوصية الاهم شفافية المسار القضاء وعدم المس باستقلالية القضاء من أجل الوصول إلى الحقيقة والعدالة".

المصدر : حنوبيات