لبنانيات >أخبار لبنانية
رحيل العلامة الميس يترك فراغاً... من يُرشّد الخطاب الديني من التطرّف؟
رحيل العلامة الميس يترك فراغاً... من يُرشّد الخطاب الديني من التطرّف؟ ‎الجمعة 30 07 2021 09:39
رحيل العلامة الميس يترك فراغاً... من يُرشّد الخطاب الديني من التطرّف؟

أسامة القادري

لبست قرى البقاع الأوسط وشاح الحزن، بعدما غيب الموت مفتي زحلة والبقاع العلامة الشيخ خليل الميس، ليترك خلفه فراغاً في الحياتين السياسية والدينية، ولما لقدرة الميس على التأثير بتواضعه وعلمه المتراكم والمخزون.

فيوم أمس شيّعه البقاع والبقاعيون واللبنانيون الى مثواه الأخير، في مأتم مهيب حاشد رسمياً وشعبياً في مسقط رأسه بلدة مكسه في البقاع الأوسط، مقلّداَ بوسام برتبة "كوموندور" من رئيس الجمهورية ممثلاً بالنائب سليم عون، وبحضور مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، والنائب عاصم عراجي ممثلاً رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزير عباس مرتضى ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما مثل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الدكتور عبد الرزاق قرحاني، والمستشار علي الجناني مثل الرئيس سعد الحريري.

يترك الميس برحيله مساحات واسعة وفراغاً في زحمة الأزمات وفي أحلك الظروف وأحوجها الى رجل الإعتدال وصاحب القرار، لكونه الأكثر قدرة على ترشيد الخطاب الديني وابتعاده عن التعصب والتمذهب. ما يطرح سؤالاً بالهمس وبالعلن من هي الشخصية الدينية البقاعية القادرة أن تملأ الفراغ وأن تدير الدفة وسط جنون الأمواج.

فالمفتي الميس كان من  الشخصيات المعروفة بتأثيرها في الوسطين الرسمي والشعبي واحترام قل نظيره له في الشارع السني، لذا كان قادرا على لعب دور تنويري منفتح على الآخرين. لأنه استطاع بحنكته السياسية ووطنيته ومن تحسسه بمخاطر  المرحلة أن يفتح قنوات التواصل مع كافة المرجعيات الدينية لجميع الطوائف.

وكثيراً ما لعب دوراً منذ أول انتخابات نيابية بعد اتفاق الطائف حتى انتخابات 2018 في ترشيد الترشيح وتدوير الزوايا بين الاخصام انطلاقاً من مفهومه أن منطقة البقاع لا يمكن ان تحكم بخطاب متعصب، وان لا تكون الشخصيات السياسية فيها مستفزة خاصة تجاه سوريا والنظام السوري لأن البقاع هو الخاصرة لسوريا، وأي ارتداد يصيب البقاعيين وينعكس على حياتهم بشكل مباشر.

عدا عن تزكيته أسماء اكاديمية لمناصب وزارية ووظائف مدراء عامين، وعرف بعلاقته الودودة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومدّ حبل السرّة والعلاقة مع كافة رؤساء الحكومات بدءاً من الرئيس سليم الحص، الى نجيب ميقاتي وسعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وحتى حسان دياب، كما ووظف انفتاحه على القيادات السياسية لمختلف الأحزاب والتيارات لإطفاء أي خلل سياسي وأمني يؤثر على المنطقة، ليطلق عليه صفة "المفتي الإطفائي".

ففي أكثر المراحل التي هددت السلم الاهلي، في أحداث 7 آيار وما تلاها استطاع أن ينشئ خلية أزمة في دار الفتوى في البقاع من كافة الأطياف السياسية في العديد من القرى داخل الطائفة، حدد وظيفتها بمتابعة الاشكالات في القرى والبلدات والإسراع بمعالجتها واطفائها. فالمفتي الميس استطاع أن يحوّل دار الفتوى في البقاع منذ توليه سنة 1985 منصبه مفتياً لزحلة ولمحافظة البقاع، من مركز تقليدي الى مؤسسة وإن صح التعبير الى محجة، ومقصداً علمياً لطلاب العلوم الشرعية والمدنية. بعدما أنشأ مؤسسات أزهر البقاع التعليمية في مراحلها الثلاث الابتدائية والمتوسطة والجامعية، وجعلهِ منها قبلة لطلاب العلم الشرعي من كافة انحاء العالم، من أفريقيا وشرق آسيا واوروبا وأميركا اللاتينية، مقدماً لهم خدمتي العلم والاقامة، هذا ما أعطى "فتوى البقاع" موقعاً هاماً خلافاً لدور الفتوى في جميع المحافظات والأقضية.

كما أنشأ في الازهر اذاعة القرآن الكريم والتي غطى بثها معظم قرى البقاع بمحافظتيه.

نبذة مختصرة

مثل لبنان في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، وهو أستاذ محاضر في كلية الشريعة الإسلامية في بيروت، كما شغل منصب أستاذ محاضر في المعهد العالي للدراسات الإسلامية التابع لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، وكان مشرفاً على رسائل الماجستير بالفقه المقارن في كل من جامعة بيروت الإسلامية والمعهد العالي للدراسات الإسلامية، وقد شارك في العديد من المؤتمرات العلمية المتخصصة في بلدان عربية وإسلامية، بالإضافة للعديد من المحاضرات والندوات، وكتب عدداً من الكتب المهمة في الفقه الحنفي بالإضافة إلى العديد من الأبحاث العلمية (الفقهية والفكر).

المصدر : نداء الوطن