فلسطينيات >داخل فلسطين
لتكونوا ملعونين يا من منعتم أم من المُشاركة في جنازة ابنتها
لتكونوا ملعونين يا من منعتم أم من المُشاركة في جنازة ابنتها ‎الخميس 15 07 2021 13:58
لتكونوا ملعونين يا من منعتم أم من المُشاركة في جنازة ابنتها

جدعون ليفي

لتكونوا ملعونين. ملعون مساعد مفتشة مصلحة السجون، نائب المُفتشة رفائيل غانا، الذي كتب لوزير الأمن الداخلي: "طلبها لا يتطابق مع الشروط الدنيا التي تسمح بفحصه". ولتكن ملعونة مفتشة مصلحة السجون، الجنرال كاتي بيري، التي صادقت على القرار. وملعون وزير الأمن الداخلي، عمر بارليف، الجبان الذي لا يُوجد قلب له، والذي لم يحرك أي ساكن لتغيير هذا القرار الشرير. والشرير الأكثر منها جميعا هو الشباك الذي يقف بالتأكيد من وراء القرار، مثلما يقف من وراء الأكثر بكثير مما نعرفه.

ملعونون كل من شاركوا في هذا القرار الظالم والسادي، عدم إطلاق سراح خالدة جرار من السجن عند موت ابنتها. لتكن هذه الحكومة الجديدة ملعونة، التي تفاخرت بالتبشير بالتغيير ولم يقف أي وزير فيها ضد أجهزة الشر التي قررت إبقاء جرار في السجن. أيضاً الوزيرة ميراف ميخائيلي والوزيرة تمار زيندبرغ، اللواتي كما يبدو يُوجد لهن عوامل مُشتركة أكثر مع مُحاربة الحرية النسوية والعلمانية، جرار، أكثر مما يُوجد لهن مع نظيرتهن أييلت شكيد. ولتكن وسائل الإعلام الإسرائيلية ملعونة أيضاً، التي باستثناء هذه الصحيفة تقريباً، لم تهتم بهذه القصة، والتي نشرت في العالم ولكن لم يكتب عنها في البلاد.

جرار هي سجينة أمنية. بعد عدة اعتقالات بدون محاكمة حكم عليها مدة سنتين سجن بسبب "تسلم وظيفة في اتحاد غير مسموح"، في منطقة لا يُوجد فيها اتحادات مسموحة للفلسطينيين. جرار كان يُمكن أن تتحرر من السجن في 25 أيلول/سبتمبر القادم، أي بعد شهرين. كل الأخطار الوجودية التي تتربص بالدولة بسبب إطلاق سراحها ستكمن لنا بعد شهرين.

في يوم الأحد الماضي تم العثور على ابنتها سهى ميتة، يبدو بسبب نوبة قلبية. جثتها تم العثور عليها بعد خمس ساعات على الوفاة، بعد أن لم تنجح شقيقتها التي توجد في كندا في الاتصال معها هاتفيا وطلبت من أصدقاء لها اقتحام المنزل. الوالد غسان كان في ذلك الوقت في جنين، ووصل إلى المكان بسرعة. يُوجد للوالدين بنتين، سهى التي أنهت اللقب الثاني في موضوع تغير المناخ في كندا، والتي عملت في مُؤسسة "الحق" في رام الله، ويافا التي أنهت الدكتورة في القانون في كندا وهي تعيش هناك.

أنا لن أنسى في أي يوم تلك اللحظة في المحكمة العسكرية في عوفرفي صيف 2015: يافا وسهى وغسان على مقاعد الجمهور وخالدة على مقعد المتهمين وضابط مصلحة السجون، باسم كشكوش، يسمح فجأة للبنات بالاقتراب من الأم ومعانقتها. لم تبق أي عين جافة في القاعة، حتى السجانة التي وقفت جانبا.

هذا كان ممنوع ومُناقض للتعليمات، لكن ما تجرأ على السماح به ضابط مصلحة السجون، كشكوش، في لحظة نادرة من الإنسانية والشفقة، لم تتجرأ عليه دولة "إسرائيل" أو مصلحة السجون أو وزير الأمن الداخلي. كل ما كان مطلوب هو درجة ضئيلة من الإنسانية. وكل ما كان ينقص هو الحد الأدنى من الإنسانية. "كانت له أم"، كتب نتان الترمان. هم أيضاً آباء، كاتيوعمر، وعملاء الشباك. هل يُمكنهم تخيل كيف يكون الوضع عند فقدان ابنة صغيرة وعدم المُشاركة في جنازتها؟ وأن لا تكون مع والدها وشقيقتها في مأساتهما؟ وأن تقوم بالحداد على الثكل وهي في غرفتها في سجن الدامون؟ وأن تسمع عن موت ابنتها في راديو فلسطين؟

ماذا أيضاً؟ ما الذي يجب قوله حول عدم الرحمة الإسرائيلية سوى أمر واحد. جرار هي إنسانة. ولكن بالنسبة لمُعظم الإسرائيليين هي ليست كذلك، هي إرهابية، رغم أنه لم تتم في أي يوم أدانتها بالإرهاب، هي فلسطينية فخورة، وهذا كما يبدو الأسوأ.

غداة موت سهى، حيث كان ما يزال يُوجد أمل لإطلاق سراح جرار، كانت قاعة الاحتفالات في وسط رام الله مليئة بالناس. كل اليسار العلماني في المدينة جاء ليكون إلى جانب غسان الذي بقي وحيداً في الحداد. غسان بكى والجميع بكوا معه. فدوى البرغوثي، زوجة مروان البرغوثي، التي جلست بجانبي قالت إنه في هذا الوقت يزور ابني عرب والده للمرة الأولى منذ اندلاع الـ"كورونا". هو الوحيد من بين أبناء العائلة الذي يسمحون له بزيارة مروان. محظور على فدوى زيارة زوجها ولا يسمحون لخالدة بالخروج مناجل المُشاركة في جنازة ابنتها. كم هو فظيع الشر الإسرائيلي.

المصدر : هآرتس