لبنانيات >أخبار لبنانية
"دمّرونا، قتلونا"... اختصار لوجع عائلات الضحايا!
"دمّرونا، قتلونا"... اختصار لوجع عائلات الضحايا! ‎الأربعاء 4 08 2021 14:50
"دمّرونا، قتلونا"... اختصار لوجع عائلات الضحايا!

فالنتينا سمعان

لم يكن يومًا عاديًّا... فقد عصف انفجار الرابع من آب 2020 في نفوس وأجساد اللّبنانيين جميعًا، وخلّف جروحًا وندوبًا عميقة فيهما، وطبع في ذاكرتهم مشاهد الدم والدّمار، فلم تبقَ فئة عمريّة أو طبقة اجتماعيّة خارج هول الكارثة، فتساوى الجميع في الألم وإن بمستويات مختلفة وهرموا قبل أوانهم.

في ذلك اليوم المشؤوم، سُطِّرت حكايات تدمي القلوب لأهالي ضحايا وناجين وشهود عيان تقاسموها على مدار سنة بكل تفاصيلها مع اللّبنانيين جميعًا، فأشعلت نارًا في داخل كلّ فرد كان ليكون مكان هؤلاء وأيقظت بداخله روح التمرّد على الواقع "غير الآمن" الذي يعيش فيه.

 
الرابع من آب يوم مفصليّ إذًا، وما بعده ليس كما قبله، خصوصًا على أهالي الضّحايا والمصابين والمشرّدين، شهادات حيّة للحظة وقوع الإنفجار، وذكريات لا تُمحى مهما مرّ الزّمن عليها، ربّما توقّفت الحياة عندها، أو مازالت عالقة هناك عند السادسة والسبع دقائق أو أنها مستمرّة بحرقة قلب ولوعة بانتظار حقيقة تبرّد القلوب.

كارلين كرم حتي

"تحوّلت حياتنا من الفرح، الأمان، السلام، الحب والراحة، إلى الغضب، الدمار، الأسى، الوجع والإشتياق"، تقول كارلين كرم حتي التي فقدت ثلاثة أعزّاء، زوجها شربل كرم، شقيقها نجيب حتي وابن عمها شربل حتي من عناصر فوج الإطفاء، لافتًا إلى أنّهم وفي كلّ يوم يسعون للحقيقة لمحاسبة كلّ شخص مسؤول عن هذا الإنفجار.

حتي أم لفتاتين، تشكر الله لكون عائلتها كبيرة وأفرادها قريبون من بعضهم، ما يساعدها على التعامل مع طفلتيها بشكل أفضل، فـ"الفتاة الصغرى كانت بعمر العشرة أشهر لذا فهي لا تعرف الضحايا ولا يزال من الصعب عليها التفريق بينهم (من هو والدها، خالها، ابن عمها)، أمّا الكبرى(سنتان ونصف) فهي واثقة أنّ والدها في قلبها دائمًا وفي أحضان يسوع".

نبيه طربيه

بدوره، يؤكّد نبيه طربيه زوج الضحيّة لينا أبو حمدان أنّ الانفجار أصابه في أكثر من مكان، فـ"قد أخذ نور عيوني-زوجتي، وأخذ أولادي الذين لم يعودوا يحتملون الجلوس في المنزل ولا رؤية أي أحد".

ويضيف: "4 آب ذكرى لا تُنسى، بما فيها من مآسي وعذاب وجروح لا تلتئم، وإن حاولنا التناسي فنفشل، فكلّ يوم هو 4 آب خصوصًا عند دخول المنزل، فقد أصبح خيمة حزن سوداء بكل تفاصيلنا اليوميّة، عند النوم والإستيقاظ، عند شرب القهوة والغداء... دمّرونا".

 
ويتابع طربيه: "الله ينتقم منهم، ويقوي القاضي طارق البيطار الذي نشدّ على يده كعوائل شهداء وندعمه حتّى اللّحظة الأخيرة".

غدير عباس

تشير غدير عباس زوجة الضحية هولو عباس إلى صعوبة هذا اليوم، "فما شعرنا به من سنة نشعر به اليوم تمامًا". وعن تداعيات الانفجار على حياتها، تؤكّد أنّ مسؤوليتها أمام طفليها (7 و 4 سنوات) تزداد، فعليها أن تلعب دور الأب والأم معًا خصوصًا أن عباس كان كل شيء في المنزل.

معاناة أوّل ثلاثة أشهر تختصرها عباس بإلحاح طفلتها على رؤية والدها ومحادثته، التي لا تزال حتى اليوم تقبّل صورته مردّدة عبارة "لو إنو البابا بعدو معنا كنّا منكون كتير مبسوطين". من جهته يهدّد ابنها كلّ من يضايقه بعبارة "بس يجي البابا بفرجيك".

جيلبير قرعان

"4 آب وقفت الدني... ومتنا هونيك"، بغصّة يقولها جيلبير قرعان خطيب الضحية سحر فارس، مستذكرًا الثالث من آب 2020 يوم عيد ميلاده الثلاثون، شاعرًا أنّه الستون، فما عاد شيء يعنيه، لا مستقبل، لا هدف، لا طموح، قتلوا كل شيء!

"خسّروني سحر بأبشع طريقة، فقد كانت هدفي ومستقبلي وحلمي"، بحسرة يشير قرعان إلى أنّه لا يتمنى الموت للمسببين، بل العيش بالطريقة التي يعيش فيها أهل الضحايا وقساوة الأيام التي يمرّون بها، لعلّهم "يشعرون بما شعرنا، ويرون الخوف في عيون أحبائهم كما رأيته في عيني سحر وهي تركض هربًا من الموت، يفتشون بين الأشلاء وفي البرادات على أقربائهم...".

نبيلة علاء الدين

"4 آب أتى ليغيّر كل حياتنا، فلا الفرحة عادت فرحة والجلسة التي كانت تجمعنا أصبحت ناقصة، قتلونا!" بهذه الكلمات تختصر نبيلة علاء الدين شقيقة الضحية محمد علاء الدين يوميّات العائلة الحزينة، التي ما زالت تنتظر قدوم ابنها لتناول الغداء معه، "فكل يوم نقول اليوم يأتي، غدًا يأتي، ولكن الانتظار طال دون نتيجة"، فهو من اتصل في ذلك اليوم المشؤوم ووعد بأنه "مشوار الطريق" ويكون على طاولة الغداء.

وتأمل علاء الدين تحقيق العدالة، داعية أن تتجلى الحقيقة، لترقد أنفس الضحايا بسلام.

المصدر : وكالة أخبار اليوم