بأقلامهم >بأقلامهم
لبنان الإمام موسى الصدر بين الأمس واليوم
لبنان الإمام موسى الصدر بين الأمس واليوم ‎الخميس 26 08 2021 20:46 نسيب شمس
لبنان الإمام موسى الصدر بين الأمس واليوم


في أوائل السبعينيات شكلت "النهضة الشيعية" الجديدة في لبنان تحدياً للدولة اللبنانية آنذاك،
ولقادة الطائفة الشيعية التقليديين ولقادة مسلمين آخرين.

كان شيعة لبنان، الذين يعيش الكثير منهم في الجزء الجنوبي من البلاد، مهمشين منذ فترة طويلة 
في الحياة الإقتصادية والسياسية للبلاد. وقد أدت العمليات الفدائية الفلسطينية والأعمال الانتقامية 
الإسرائيلية، فضالً عن البحث عن فرص حياتية اقتصادية جديدة، إلى نزوح الشيعة من جنوب 
لبنان إلى ضواحي بيروت.وقد أنتج هذا التحضير القسري نموذجا جديدا من التضامن بين أفراد الطائفة التي كان يُنظر إليها كمجموعة ريفية ومنقسمة، كما كان ينقصها الوعي السياسي الحديث.

لكن ظهور شخصية موسى الصدر، وهو إمام شيعي ذو كاريزما استثنائية، وهو من أصول لبنانية، 
ولكنه ولد ودرس في إيران، وقد أسس وـولى رئاسة المجلسالإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، 
ومن خلال موقعه رفع شعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية والسياسية.


وفي أواخر العام 1974، اجتمعت 191 شخصية تمثل مختلف القطاعات والطوائف والمعتقدات 
والمناطق في لبنان، ووقعوا بياناً ضمنته رأيها "الحركة" التي يقودها الإمام موسى الصدر، معلنة 
تعاطفها مع هذه الحركة وتصميمها على التفاعل الإيجابي معها ومساندتها بجميع الوسائل 
الديمقراطية، ومما جاء في هذا البيان أن " الحركة التي يقودها الإمام السيد موسى الصدر 
الشيعية بمظهرها وبقاعدتها الشعبية الفاعلة، إنما هي حركة شعبية لبنانية ذات أبعاد وطنية عامة.
تتجلّى هذه الأبعاد بما يلي:


أولا: إن هذه الحركة تؤ ّكد في تطور الحياة اللبنانية عهد المسألة الإجتماعية وما تفتضيه من 
ضرورة الإنماء الشامل للبنان وبخاصة المناطق التي يسكنها فقراؤه وعماله والمحرومون من
أبنائه بصورة عامة مهما تميّزت معتقداتهم وتباينت انتماءاتهم.


ثانياُ:  أنّها تتطابق مع الرغبة العامة عند مختلف الفئات اللبنانية في التغيير وفي الانتقال بلبنان
والشعب اللبناني  إلى مستوى الدولة والمواطنية الحقيقية والذي يدعم سيادة لبنان وفاعلية وجوده، في العمل على تحقيق رسالتها وإنّنا لندرك أ ّن أخطاراً كثيرة ستنجم عن تجاهلها أو إهمالها".

 
وطالب البيان" أهل الرأي واللبنانيين كافة بالتفاعل معها رجاء الوصول الى إصلاح جذري 
يحقق ما يطمح إليه لبنان من تقدّم وعدالة وما يستحق من تكور حضاري وإنساني".
يعتبر هذا البيان خلال تفكر 191 شخصية مثقفة انضوت تحت عباءة الإمام السيد موسى، لترسم 
درب الإمام الصدر نحو بناء لبنان..

وكان الإمام قد أشرف على تخريج دفعة من الشباب المتدرب على السلاح لحماية أراضيهم
ومنازلهم ضد الاعتداءات الإسرائيلية، وقال لهم " السلاح زينة الرجال والوطن أمانة في أعناقكم 
فاحملوا السلاح لتحموا الوطن ولتردّوا كيد العدو إلى نحره". نعم حدد الإمام الهدف والغاية من 
التدريب والتسلح.


وفي مهرجان صور قال الصدر "نحن تعلمنا من الدين أن نعمل، وأن نفرض العمل على 
الحكومة. بلدنا ديمقراطي، بلد حرية، بلدنا بلد الكرامات، حرية الكلمة، حرية الصوت، حرية 
القول، حرية التعبير".

وفي يوم القسم في بعلبك، صرخت الجماهير "نعم للإمام الثائر، لا للمتزلفين في بؤر الخيانة"،
"نعم للصمود في وجه الطغيان" لا للاستسلام والعمالة،نعم لوحدة الصف والكلمة، لا للحدود 
والمذهبيات"، "نعم للنضال، لا للإقطاع السياسي والإقليمية"، " لا تنتظروا الدموع في مأقينا، 
انتظروا السلاح بين أسناننا وأيدينا".


نعم هذا هو الإمام الصدر في اللحظة المفصلية عشية اندلاع الحرب على أرض لبنان. رسم 
السبيل، ومع اندلاع الحرب الداخلية انبرى رافضاً لها فكان اعتصام مسجد الصفا في العاملية،
لكن ما حصل في قرى البقاع من سقوط نفوس بريئة، سارع الى لسد الصدع وبلسمة الجراح.


اليوم، ومع اقتراب ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، نستشعر أنه لم يغب بل فقد جسداً
... بل يغيب فكراً وخطاباً ونهجاً... هذا  الذي كتب ميثاق حركته أرمنياً هو "كريم بقرادوني"
وأرثوذكسيا هو "غسان تويني" فولدت "حركة اللبناني نحو الأفضل"، وصرخة الإمام موسى
"لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه"... ولسنا همج رعاع نصرخ "شيعة شيعة شيعة" كما يصرخ البعض

المصدر : جنوبيات