ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
"الكيد الحقير، وحسن التدبير"
"الكيد الحقير، وحسن التدبير" ‎الثلاثاء 16 11 2021 08:41 القاضي م جمال الحلو
"الكيد الحقير، وحسن التدبير"


يُحكى أنّ كلثوم بن الأغر (المعروف بدهائه وذكائه) كان قائدًا في جيش الخليفة عبد الملك بن مروان، وكان الحجّاج بن يوسف يبغض كلثوم، وأراد التخلّص منه، فحاك له مكيدة جعلت عبد الملك بن مروان يحكم على كلثوم بن الأغر بالإعدام بالسيف. فذهبت والدة كلثوم إلى عبد الملك بن مروان تلتمس منه الصفح وأن يعفو عن ولدها، فخجل منها لأنّ عمرها كان قد جاوز المائة عام. وقال لها: سأجعل الحجّاج يكتب على ورقتين الأولى: "يعدم"، وفي الورقة الثانية: "لا يعدم"، ونجعل ابنكِ يختار ورقة قبل تنفيذ الحكم فإن كان مظلومًا نجّاه الله. فخرجت والحزن يعتريها إذ كانت تعلم أنّ الحجاج يكره ابنها، والأرجح أنّه سيكتب في الورقتين: "يعدم"، إلّا أنّ ابنها قال لها: لا تقلقي يا أمّاه ودعي الأمر لي.

وبالفعل قام الحجّاج بكتابة كلمة (يعدم) في الورقتين. 

وتجمّع الملأ في اليوم الموعود ليروا ما سيفعله كلثوم بن الأغر. ولمّا سيق كلثوم إلى ساحة القصاص قال له الحجّاج وهو يبتسم بخبث: اختر واحدة.

فابتسم كلثوم "ابتسامة صفراء" واختار ورقة وقال: اخترت هذه ثمّ قام ببلعها بدون أن يقرأها. فاندهش الوالي وقال: ما صنعت يا كلثوم؟ لقد أكلت الورقة بدون أن نعلم ما كُتب فيها!

فقال كلثوم: "يا مولاي، اخترت ورقة وأكلتها بدون أن أعلم ما فيها، ولكي نعلم ما فيها، لننظر إلى الورقة الأخرى فهي عكسها تمامًا.

فنظر الوالي إلى الورقة الثانية   فكانت: {يعدم}. فقالوا: لقد اختار كلثوم أن لا يعدم.

بقليل من التفكير وحسن التدبير نتجاوز الحقد الحقير، ونستطيع صنع أشياء عظيمة. وإذا أردت أن تنجو من مكر الماكرين وحقد الحاقدين فما عليك إلّا: "بالتفكير السليم والتدبير الحكيم".

المصدر : جنوبيات