عام >عام
تفاصيل العملية النوعية بتوقيف أمير "داعش" عماد ياسين
"الصيد الأثمن" و"كنز المعلومات" في قبضة مخابرات الجيش
العماد قهوجي يحقق وعده بملاحقة الخلايا الإرهابية
تفاصيل العملية النوعية بتوقيف أمير "داعش" عماد ياسين ‎الجمعة 23 09 2016 08:27
تفاصيل العملية النوعية بتوقيف أمير "داعش" عماد ياسين
رصد عماد ياسين قبل التوقيف

هيثم زعيتر

حقق الجيش اللبناني إنجازاً هاماً بتوقيف الفلسطيني عماد ياسين عقل (47 عاماً) أمير "داعش" في لبنان، وأحد أخطر المطلوبين بموجب مذكرات توقيف عدّة، حيث يُعتبر صيداً ثميناً، وكنزاً هاماً لما يحتويه من معلومات عن تفجيرات إرهابية أو كان بصدد تنفيذها ضد مراكز الجيش اللبناني، ومرافق حيوية وسياحية وأسواق تجارية وتجمعات شعبية، وأماكن سكنية في العديد من المناطق اللبنانية، بتكليف ومساعدة من مسؤولي "داعش" في الرقة.
توقيف ياسين ظهر أمس في الشارع المؤدي من حاجز الجيش اللبناني عند مستشفى صيدا الحكومي وصولاً إلى الشارع التحتاني للمخيم، تمّ من خلال رصد ومتابعة دقيقة من قبل مديرية المخابرات في الجيش، بعد خروجه من منزله وأداء الصلاة في مسجد زين العابدين بن علي في مخيم الطوارئ، حيث جرى تنفيذ العملية النوعية، التي تُعتبر إنجازاً هاماً للجيش، وتابع تفاصيلها قائده العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد الركن كميل ضاهر، وفرع المخابرات في الجنوب.
وحصلت "اللواء" على معلومات خاصة لجهة الرصد والتوقيف، حيث أمضى ضباط من مخابرات الجيش أسابيع عدّة برصد ومتابعة ياسين وعملية خروجه من منزله في مخيم الطوارئ بإتجاه المسجد، وهو الشارع الذي لم يتم نشر الجيش فيه عند تنفيذ خطة الانتشار في تعمير عين الحلوة (25 كانون الثاني 2007).
ومن أجل نجاح العملية قام أحد الأشخاص بإشغال دكان مهجور مقابل مخيم الطوارئ، كان بداخله خرضوات وعتاد قديم، وله بابان جراران أحدهما لجهة شارع الطوارئ المؤدي إلى المخيم وآخر يطل على منطقة تعمير عين الحلوة، التي يسيطر عليها الجيش، الذي طلب من صاحبه عند انتشار وحداته، نزع الجرار واستبداله بجدار من الحجارة.
وبعد إشغال هذا الدكان تمّ وضع ستارة للجهة المؤدية إلى منطقة التعمير، ولاحقاً جرى وضع جرار، حيث كانت تتم من خلال هذا الدكان عملية المراقبة الدقيقة لياسين.
وكان بالإمكان النيل منه بقنصه، ولكن كانت التعليمات بتوقيفه حياً، ودون إراقة دماء.. وهو ما حصل نظراً إلى "كنز المعلومات" الذي يمتلكه، وقد تمت العملية ظهراً حين كان ياسين في دائرة يمكن توقيفه، حيث تمّ فتح الجرار المطل باتجاه مخيم الطوارئ وقام أفراد المجموعة الذين كانوا يضعون أقنعة على أوجههم بالانقضاض على ياسين وتقييده سريعاً، ودفعه باتجاه الدكان، وإغلاق الجرار ونقله سريعاً من الباب الخلفي في المنطقة التي يسيطر عليها الجيش ونقله سريعاً إلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني باليرزة.
وما أن جرى تناقل خبر توقيف أمير "داعش" حتى سُمع إطلاق نار في عدد من أحياء المخيم وانتشار مسلح مع تسجيل حالات نزوح، خاصة من مخيم الطوارئ تحسباً لأي تداعيات قد تشهدها المنطقة.
وجرى إلقاء قنبلة يدوية بإتجاه شريط شائك يضعه الجيش مقابل أفران المصري.
في غضون ذلك، سُجل انتشار كثيف لوحدات من الجيش اللبناني في محيط مخيم عين الحلوة، حيث استقدمت تعزيزات آلية وعسكرية إلى محيطه، فيما سُجل تحليق طائرة استطلاع للجيش اللبناني في أجواء المخيم.
وعماد ياسين عقل، مواليد مخيم المية ومية في العام 1969، رقم الملف: 931، والبيان الإحصائي: 19744، من بلدة صفورية، وهو أمير "داعش" بعد مبايعته أبو أيوب العراقي، حيث كان على تواصل مع مدينة الرقة السورية، ومن أهداف الخلايا الإرهابية تنفيذ أعمال إرهابية تستهدف:
مراكز الجيش، وفي مقدمها ثكنة الشهيد محمّد زغيب في صيدا وحواجز الجيش في محيط مخيم عين الحلوة ومناطق أخرى.
وأيضاً استهداف مرافق حيوية منها: معمل الجية الحراري، ومنشآت النفط في الزهراني.
ومراكز سياحية في طليعتها كازينو لبنان، حيث كان المخطط تنفيذ هجوم يستهدف الكازينو بهدف إلهاء الأجهزة الأمنية، ومن ثم تنفيذ عمليات تفجير تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت ليلة القدر (28 حزيران 2016) بتفجير سيّارات مفخخة بما في ذلك استهداف مجمع سيتي سنتر، وأيضاً سوق النبطية التجاري.
ولكن سبق تنفيذ هذا المخطط إنفجارات القاع، التي اكتشفت أولى مجموعاتها فجراً، ومن ثم فجّر 4 انتحاريين أنفسهم، حيث كان يُعتقد بأن أهدافهم هي خارج القاع.
هذا الإنجاز الهام تحقق بفضل المتابعة الشخصية للعماد قهوجي الذي كان قد أعلن سابقاً عن الاستمرار بمكافحة الإرهاب واستئصاله من جذوره، وهو ما تحقق بهذه الضربة القاصمة ضد الخلايا الإرهابية.
وكان عماد ياسين عنصراً في عصبة الأنصار الإسلامية التي انشق عنها في العام 2003، وكان ركناً أساسياً في تنظيم "جند الشام" الذي أسسه أبو يوسف شرقية في العام 2004، وخلال اشتباك وقع في نيسان 2004 بين عماد ياسين وجند الشام من جهة، و"قوات القسطل" في حركة "فتح" التي كانت بإمرة العقيد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو"، أُصيب ياسين، واضطر إلى النزوح بإتجاه تعمير عين الحلوة، وبعد انتشار الجيش في المنطقة عام 2007، انتقل إلى مخيم الطوارئ، وبعد حل جند الشام في تموز 2007، أصبح تحت ولاية "عصبة الأنصار"، حيث تعرض في العام 2008 لمحاولة اغتيال، فأُصيب في بطنه وقدميه ويده اليمنى، وتمت معالجته في منزله، ثم نسق لاحقاً مع مجموعات "فتح الإسلام" قبل أن يعود إلى كنف تنظيم القاعدة، ومن ثم يبايع "داعش".

بيان قيادة الجيش

وصدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه بيان حول الوضع جاء فيه: "بنتيجة الرصد والمتابعة الدقيقة، وفي عملية نوعية، تمكنت قوة تابعة لمديرية المخابرات صباح اليوم (أمس) في حي الطوارىء داخل مخيّم عين الحلوة، من توقيف الفلسطيني عماد ياسين، المعروف بأمير داعش في المخيّم المذكور.
والمدعو ياسين المطلوب بموجب عدة مذكرات توقيف، كان قبيل إلقاء القبض عليه، بصدد تنفيذ عدة تفجيرات إرهابية ضد مراكز الجيش، ومرافق حيوية وسياحية وأسواق تجارية وتجمعات شعبية وأماكن سكنية في أكثر من منطقة لبنانية، وذلك بتكليف ومساعدة من قبل منظمات إرهابية خارج البلاد. وقد بوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص".
وفي بيان آخر، نفت قيادة الجيش ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول اختطاف أحد العسكريين على مدخل مخيم عين الحلوة، وجاء في البيان: "توضيحاً لما تناقله بعض وسائل الإعلام حول خطف أحد العسكريين عند مدخل مخيم عين الحلوة من قبل مجموعات مسلحة، يهمّ قيادة الجيش أن تنفي صحة هذه المعلومات، وتذكّر وسائل الإعلام بضرورة توخّي الدقة في تناول أي معلومات تتعلق بالجيش والعودة إلى هذه القيادة للتأكد من صحة هذه المعلومات قبل نشرها".

مقبل وقهوجي

وفي السياق، زار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، قائد الجيش العماد جان قهوجي في مكتبه باليرزة، وبحث معه في أوضاع المؤسّسة العسكرية واحتياجاتها المختلفة، والعملية النوعية التي نفذتها مديرية المخابرات، وأسفرت عن توقيف امير "داعش" في مخيّم عين الحلوة، الارهابي عماد ياسين.

"القوى الإسلامية"

وأجرت القيادات الفلسطينية سلسلة من الاتصالات من أجل العمل على تطويق تداعيات توقيف عقل.
وعقدت "القوى الاسلامية" في عين الحلوة اجتماعا طارئا في منزل مسؤول "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ أبو طارق السعدي، جرى خلالها البحث في سبل تطويق تداعيات توقيف ياسين من منطقة الطوارىء، والاشتباكات الاخيرة التي وقعت في الشارع الفوقاني في المخيّم.
وذكرت مصادر فلسطينية أنّ القوى الاسلامية أرسلت وفداً إلى الطوارىء من اجل العمل على التهدئة ومنع دخول طابور خامس على خط التوتير واستغلال ما جرى لايقاع الفتنة مع الجوار اللبناني، فيما يتواجد ميدانيا عدد من الناشطين الاسلاميين لاحتواء الموقف".
وعُقد اجتماع في ثكنة محمّد زغيب العسكرية في صيدا بين رئيس فرع مخابرات الجيش مع الجنوب العميد الركن خضر حمود ووفد من القيادات السياسية الفلسطينية الموحدة في لبنان، تمّ خلاله التطرق إلى بحث الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة، والعملية الأمنية النوعية التي قام بها الجيش، واعتقال ياسين، والاشتباكات التي وقعت في المخيم على خلفية اغتيال سيمون طه منذ عدّة أيام.
وليلاً عاد العديد من العائلات إلى المخيم، الذي كانت قد غادرته صباحاً.

سعد

* وأشاد الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد، في تصريح له "بنجاح الجيش اللبناني في توقيف أمير داعش في مخيّم عين الحلوة عماد ياسين، وأمل أن "تؤدي عملية التوقيف إلى الحد من قدرة هذه الجماعات وتهديد الأمن في لبنان وفي مخيّم عين الحلوة وغيره من المخيّمات".
وتابع سعد: "ان اعتبار ما يجري كل مرة في المخيّم من إشكالات وتجاوزات فردية أو خلافات عشائرية لم يعد يقنع أحدا، كما أن عبارات الشجب والاستنكار والإدانة لم تعد تجدي نفعا، فلقد بات من الواضح تمام الوضوح وجود مخطط دولي وإقليمي تعمل في إطاره أطراف وجماعات لبنانية وفلسطينية يستهدف جر المخيّم إلى التقاتل الداخلي، وإلى الصدام مع الجيش اللبناني بغية تدمير المخيّم وإنهاء وجوده لكونه يرمز إلى حق عودة اللاجئين إلى فلسطين، ولا يخفى أن شطب حق العودة يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية التي يحتل فيها حق العودة الموقع الأهم".

الفصائل الفلسطينية

* إلى ذلك، عقدت القيادة السياسية للفصائل الفلسطينية في لبنان اجتماعاً في سفارة دولة فلسطين، في حضور السفير أشرف دبور وممثلي الفصائل الوطنية والاسلامية، وتم البحث في أوضاع المخيّمات الفلسطينية.
وأكد المجتمعون في بيان "حماية الوجود الفلسطيني في لبنان والمحافظة على أمن المخيّمات الفلسطينية واستقرارها"، مشددين على "تفعيل دور القوة الأمنية المشتركة في مخيّم عين الحلوة في ضبط الوضع الأمني وملاحقة العابثين بأمن المخيّم وتوقيفهم ومحاسبتهم وخصوصا الذين يثبت تورطهم في عملية الاغتيال وآخرها اغتيال الاخوة سيمون طه وعلي البحتي وكل الشهداء في جرائم الاغتيال الاثمة وتسليمهم للعدالة".
كما أكدوا حرصهم على "السلم الأهلي في لبنان وتعزيز العلاقات الاخوية اللبنانية الفلسطينية وأن أمن المخيّمات هو جزء من أمن لبنان والفلسطينيون عامل من عوامل الاستقرار والسلم الاهلي"، مطالبين "الحكومة اللبنانية بمقاربة الوضع الفلسطيني في لبنان بكل جوانبه السياسية والانسانية والاجتماعية والقانونية والأمنية، واقرار الحقوق المدنية وخصوصا حقي العمل والتملك بما يحفظ سيادة لبنان وحق العودة".
وثمّنوا "دور أهالي المخيّمات ومتابعة تحصين الوضع الامني والتعاون مع الفصائل والقوى لوأد الفتنة وتعزيز الامن والاستقرار، وخاصة في الأحداث الاخيرة التي جرت في مخيّمات عين الحلوة والبص والبداوي"، مقدرين "موقف اخواننا اللبنانيين على كافة المستويات السياسية والعسكرية والأمنية في تعاطيها مع موضوع المطلوبين الذين سلموا أنفسهم من اجل انهاء ملفاتهم وعودتهم الى حياتهم الطبيعية، وكذلك تسهيل حرية الحركة والتنقل وادخال مواد البناء الى داخل المخيّمات".