لبنانيات >أخبار لبنانية
سعد الحريري "الأقوى" حتى بعزوفه
سعد الحريري "الأقوى" حتى بعزوفه ‎الخميس 3 03 2022 19:01
سعد الحريري "الأقوى" حتى بعزوفه

محمد نديم الملاح

تعيش الساحة السياسية بشكل عام و التيارات السياسية بشكل خاص حالة من التخبط بعد إعلان الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني الفائت عزوفه عن الترشح و تعليق تيار المستقبل العمل السياسي التقليدي، في ظاهرة تكاد تكون الأولى من نوعها بالشكل وبالمضمون وذلك بعد انسداد أفق الحلول ودخول لبنان في دوامة ازمات صعب الخروج منها على المدى القريب.

فهل اصاب الحريري في خياره؟!

قبل الدخول في صوابية قرار الحريري من عدمه، من الجيد العودة للمرحلة السياسية الماضية لإنعاش ذاكرة من يريدون دفن رؤوسهم بالرمال كي لا يروا الحقيقة لأنها لا تتناسب مع مواقفهم الشعبوية، وتطبيقاً لكلام الله عز وجل "ولا تبخسوا الناس اشياءهم"، فقد حُمّل سعد الحريري اوزار الحلفاء والخصوم طوال المرحلة السياسية الماضية.

مرحلة اصاب تارة و اخفق تارة أخرى ولكن للحقيقة والتاريخ:  
١- آخر من دخل في التسوية الرئاسية بعد حصر عدد المرشحين و اتفاق اكبر كتلتين تحت مسمى "اوعى خيك" وحرصاً على الموقع الدستوري الأول للجمهورية.
٢- آخر من وافق على قانون الإنتخاب الحالي وكلنا نذكر البروبغاندا التي مورست آنذاك حول استعادة التمثيل الصحيح.
٣- بعد اندلاع انتفاضة تشرين قدم الحريري ورقة اصلاحية، وعندما تم رفضها الوحيد الذي استمع لمطالب الشعب وقدم استقالته.
٤- بعد انفجار المرفأ، قدمت كتلة المستقبل قانون رفع الحصانات لتسهيل عمل المحقق العدلي لكنها لم تكتب لها النجاح لأسباب تتعلق بحماية مواقع السلطة.

طوال الفترة السياسية الماضية شكل الحريري صمام امان للبنان واللبنانيين إذ:
١-شهدت حكومته الأولى عام ٢٠٠٩ نمو تجاوز ١٠٪.
٢-صمد في وجه كل التهديد والتهويل والإغتيالات بالمضي بالمحكمة الدولية.
٣- شكل الحريري محط ثقة دولية عامة و عربية خاصة، وكلنا نذكر دوره لإنجاح اتفاق س-س في تلك المرحلة.
٤- استطاع جمع كبار دول العالم و انجز مؤتمر سيدر الذي لو طبق ما وصلنا إلى ما نحن عليه من تدهور اقتصادي، لكنه عرقل بسبب النكايات السياسية.
٥- دعم المؤسسات العسكرية الشرعية و كان الغطاء لهم في كل المراحل وعند كل منعطف او معركة.
٦- رفض عام ٢٠٢١ من تشكيل حكومة تقليدية مخالفة لشروط المبادرة الفرنسية (حكومة اخصائيين غير حزبيين) والتي انقلبت عليها فرنسا فيما بعد.
٧- تمسك طوال فترة تكليفه لتشكيل حكومة ٢٠٢١  بكافة صلاحيات الرئيس المكلف عبر آلية التسمية والتشكيل، وكلنا نذكر كيف قوبل بالتعاطي معه.

والأهم من كل هذا هو خير حامل لإرث ابيه  الشهيد رفيق الحريري، رغم كل ما قيل ويقال و سيقال، للإنصاف وللتاريخ، رغم كل العواصف وحرائق المنطقة، ورغم تخاذل وتكالب الأمم، نجح سعد الحريري ونجحنا معه من تحييد لبنان عامة والسنة بشكل خاص من حروب اهلية حين رفضنا الإنغماس بالوحول الطائفية والمذهبية والغرق في حمامات الدم الذي كان امنيات البعض ان تحصل فتنة طائفية و مذهبية في أوج صراعات المحاور و ذلك عبر اتباع سياسة التحييد وربط النزاع اذ كان السباق في استخدام هذه السياسية وها هي اليوم تستخدم بين الدول المتخاصمة.

في ظل تخبط القرارات وربط المصير الإقليمي رهن الإتفاقيات الدولية، وفي ظل غياب مشروع حقيقي او رؤية حول كيفية الخروج من الحال الذي اوصلو اليه البلاد والعباد، وفي ظل القانون الإنتخاب الحالي والبزارات السياسية الشعبوية رأى الرئيس الحريري ان الإعتكاف السياسي خير من المشاركة في نحر الشعب، فكرامة المواطن اغلى من اي منصب زائف. 

أين كانت تلك الأصوات المتعالية اليوم حينما كان الحريري يتلقف كتل النار؟! إلا إذا كان المطلوب انشاء احزاب مسلحة على غرار مانشهده على الساحة الداخلية. 
على كل حال خرج سعد الحريري نظيف الكف ومرتاح الضمير، اما بعض المزايدين والشعبويين الديماغوجيين وارباب البروبغاندا   على حساب هذا الإنسان الطيب ابن البيت الوطني، فمشروعيتهم زائلة لا محال، لأن ما بني على باطل يبقى باطل ولو صفقت له الأمم.

و سعد الإنسان الأدمي الصادق الطيب صاحب القلب الأبيض الخالي من الحقد باقٍ في الضمير و والجدان مادام هناك ليل و مادام هناك نهار.  الحريري سعد هو الاقوى على الساحة حتى بعزوفه..

المصدر : جنوبيات