لبنانيات >أخبار لبنانية
ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يسأل ماذا يقول الخبراء سرور والخوري وعبود عن تسييل إحتياطي الذهب وإستعمال اصول الدولة ضمن خطة التعافي الإقتصادي؟
ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يسأل ماذا يقول الخبراء سرور والخوري وعبود عن تسييل إحتياطي الذهب وإستعمال اصول الدولة ضمن خطة التعافي الإقتصادي؟ ‎الثلاثاء 15 03 2022 23:46
ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يسأل ماذا يقول الخبراء سرور والخوري وعبود عن تسييل إحتياطي الذهب وإستعمال اصول الدولة ضمن خطة التعافي الإقتصادي؟


استكمالاً للجهود التي يقوم بها ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا منذ حوالي خمس سنوات في محاولة طرح ومعالجة الأزمات الوطنية والإقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية التي يتخبّط بها لبنان خاصة منذ اندلاع  الازمة الحالية وتفاقمهما وتعثّر الطبقة السياسية والمالية الحالية عن إيجاد الحلول الناجعة لها لأنها اصلاً هي في اساس المشكلة وليس الحل، تواصل منسّق الملتقى والجمعية الدكتور طلال حمود مع  بعض الخبراء الإقتصاديين لإستطلاع آرائهم وموقفهم حيال إمكانية استعمال احتياطي الذهب المتوفر لدى مصرف لبنان واصول الدولة وبعض مرافقها وممتلكاتها في إطار خطة علمية شفافة شاملة ومتقنة لإعادة إطلاق عجلة التعافي الإقتصادي.

وقال حمود ان  هذه المبادرة جاءت إثر معلومات تداولتها مؤخراً بعض المصادر الإعلامية (أبرزها تقرير اعدّته الإعلامية ليا القزي في موقع المحطة) وتضمنت إشارات دبلوماسية أوروبية حول نية صندوق النقد الدولي تشجيع المسؤولين اللبنانيين على إستعمال جزء أو كل احتياطي الذهب لردّ قسم او جزء من الودائع المصرفية الى مواطنين لبنانيين ولإعادة استنهاض القطاعات الإقتصادية وتحقيق نمو معيّن في لبنان، وبالتالي سيتمّ شطب قيمة هذه المبالغ من حسابات المصارف، تمهيداً لتحسين وضعية المصارف وإظهار انها ليست مفلسة وليس لديها خسائر كبيرة.
واضاف حمود ان هذا الحلّ يتجاهل حقيقة ان الكثير من المواطنين لا حسابات مصرفية لديهم ولا علاقة لهم بالمصارف وبالتالي لن يستفيدوا مباشرة من بيع الذهب الذي يُعتبر ثروة وطنية لجميع المواطنين على حد سواء.
وانهى حمود كلامه بالقول وعلى قاعدة أن هناك خبراء واقتصاديين كثر في لبنان يُؤيدون ويسوّقون لفكرة إستخدام الذهب مدخلاً لحل الأزمة الإقتصادية ويدعمون فكرة إنشاء صندوق (سيادي) توضع فيه الأصول والمرافق الأساسية والأملاك العامة، وهذا ما يشكل جريمة بحق الوطن وبحق اجيال المستقبل، عرضت هذه الأفكار على بعض الخبراء الإقتصاديين والمهتمين بهذا الملف الحيوي وهم الخبيران الإقتصاديان الدكتور حسن سرور والبروفسور بيار الخوري والوزير السابق الأستاذ فادي عبو؛ وكانت الأجوبة الآتية:
 سرور:
استاذ مادة الإقتصاد في الجامعة اللبنانية، الدكتور حسن سرور  رأى أن المعلومات الوارة في التقارير الإعلامية بخصوص تمنيات وإيحاءات صندوق النقد الدولي من الممكن ان لا تكون دقيقة حتى الآن.
وقال ان المطلوب جزم بالاحصاءات وتحديد حجم ودائع اللبنانيين في المصرف المركزي وفي باقي المصارف، وبالتالي انّ المبلغ الموجود من احتياطي الذهب لا يمثل إلّا ٢٠٪ بأفضل الاحوال واحسنها ربما من كامل الايداعات. وبالتالي يكون بيع الذهب هو خطوة في المجهول. هذا تفريط بثروة مهمة جداً للبنان وثانيا لا يكفل الإيفاء بكامل حقوق المودعين إلّا اذا كان الهدف التقسيط على سنوات طويلة جدا وبالتالي اعتماد آليات السوق بحيث أنّ الحركة الاقتصادية تصبح محرّكا للقطاع المصرفي. ومن خلال هذه الحركة يمكن سداد هذه الديون خلال ١٠ او ١٥ سنة حسب حركة الاقتصاد. وبالرغم من أن الذهب لم يعد له تأثير على سعر العملة والدليل أن لدينا ما يعادل ٢٠ مليار$، ولكن عملتنا انهارت بشكل كبير جدا، فإن الواقع الاقتصادي والمالي والسياسي هو الذي يؤثر اكثر في مسألة العملة الوطنية. أعتقد أنه من الممكن تسييل قسم من الذهب بحيث يكون لاحقاً لعملية تحريك العجلة الاقتصادية. لذلك يمكن ان تكون الحواصل والعوائد المحقّقة نتيجة هذه الحركة اعلى بكثير جدا من الآن.
وبشكل اوضح، اذا قمنا الآن ببيع قسم من الذهب واعاده ٢٠٪من الودائع فذلك لن يحرك السوق لأنه بحاجة الى تشجيع  الاستثمارات الخارجية والداخلية ويكون هو المدخل الاساس ومن ثم لاحقا حتى لو تمّ تسييل قسم من  الذهب فتكون الآثار ايجابية اكثر بكثير وبالتالي ممكن ان نلاحظ خلال سنوات قليلة جدا الآثار المطلوبة وممكن ان يعود القطاع المصرفي الى طبيعته وبعدها اعادة جزء من الايداعات ولو مقسّطة وممكن ان تتعافى الليرة قليلا.
كل ذلك يتطلب مَن يقوم بدفع هذا الاسثمار الى الأمام واتخاذ قرارات إقتصادية واضحة المعالم. وللأسف التعويل على هذا الطاقم السياسي العفن الموجود حاليا حتى لو بعنا ذهب العالم كله لن يغني لبنان لأنّ الافلاس السياسي هو الذي أدى الى الافلاس المالي والاقتصادي.
تصحيح المسارات الاقتصادية في البلاد والإنطلاق من عملية الاصلاح بالبنية الاساسية اي البنية السياسية هو المدخل الاساس الذي يمكن ان يخرج لبنان من أزمته الحالية. أما اذا اعدنا نفس الطبقة السياسية فإنها تكرر ذاتها وتعيد انتاج ذاتها من خلال قوانين انتخابية او من خلال تهويل وتخويف المواطنين من الفراغ. نحن في عمق الخراب وفي قلب الخراب حقيقة، نتيجة كل السياسات التي مارستها هذه الطبقة السياسية خلال ٣٠ سنة الى الآن. وبالتالي التفكير بذهب او بخصخصة بعض القطاعات على يد هذه الطبقة السياسية سيؤدي الى مزيد من النزف في الاقتصاد ومزيد من المديونية ومزيد من افقار اللبنانيين واضعاف الليرة اللبنانية أكثر وأكثر.
الوحيد القادر على تخفيف الإنهيار هو إعادة الروح والحياة إلى الإقتصاد اللبناني والى القطاع المصرفي لأنه المحرك الأساس للإقتصاد. وهذا لا يتم إلا من خلال استثمارات داخلية وخارجية. بكل أسف حتى الآن الخيارات السسياسية ترفض كل الاستثمارات التي تأتي من خارج المنظومة الغربية. لذلك نحن عملياً نغرق ونغرق أكثر وأكثر.
المطلوب أولا خيارات سياسية واضحة وقرارات بمستوى المرحلة. بكل اسف نحن أمام طبقة عاجزة كل العجز عن اتخاذ أي خيار او قرار سياسي ممكن ان يخلص البلد ولكن تترتب عليه بعض المشاكل او بعض التبعات السياسية مع بعض الدول. حتى الآن هذه الطبقة لا تستطيع المضيّ في هذا الخيار.

الخوري:
الخبير الإقتصادي، الأكاديمي البروفسور  بيار خوري قال إنّ الدولار في لبنان يختلف عن الذهب بخصوصية قانونية واضحة بعدم التصرّف به إلّا بقرار من المجلس النيابي. وثانيا علينا أن نأخذ بالاعتبار إننا نتعامل مع سلطة لم تتغير. هذه السلطة التي ضحّت بدولارات لبنان تجدّد نفسها الآن في الحكومة وبقراراتها ومن غير المتوقع أن تغير شيئا لا بل من الإحتمال أن تصبح أكثر شراسة بالدفاع عن مصالحها. الذهب اليوم علينا أن نتعامل معه بحذر شديد، رغم أنّ من حق المؤسسات الدولية ان تطالب بضمانات موجودة للبنان ولكن ليس من حق هذه السلطة السياسية أن تعطي هذه الضمانات لأنه مشكوك بأخلاقها وبنزاهتها وبكفاءتها وبحسن إدارتها للأمور. وهذه ثلاثة اسباب رئيسية تدفع ان يكون الآخر على حذر من أي تصرف بالموجودات الذهبية البالغة تقريباً حوالي ١٨ مليار دولار، وهي الآن للأسف أكبر من احتياطي مصرف لبنان.

ويضيف خوري: لا يمكن أن يترك لسلطة كهذه قامت بتغطية إنهيار الليرة وضياع ودائع الناس أن تتصرف بالذهب والأهم من ذلك أنها لا يمكن أن تخضع إلى محاسبة حقيقية في موضوع ضياع ودائع اللبنانيين، وتهريب الودائع المُغطّى بعد ٢٠١٩. بمعنى آخر أنه اليوم إذا سمح المجلس النيابي لهذه السلطة بالتصرف بالثروة الذهبية فسيكون استكمالا لما جرى منذ ٢٠١٩ الى اليوم. وهذا أخطر ما يمكن التعرّض له في هذه الأيام. للأسف أن الشعب اللبناني يلعب دور المستمع والمتفرّج، لكن الصمت الآن لا ينفع، وعلى الناس  رفع الصوت عالياً لأنّ الذهب ضرورة مقدّسة اليوم وعلى الشعب أن يتحمل المسؤولية عن مستقبله، ولا يمكن السكوت عما يحصل من إعادة تجديد الطبقة السياسية وانهيار الليرة ودمار الإقتصاد بانتظار الإنتخابات التي، إن حصلت، فإنها لن تغيّر تغييراً جذريا وبخاصة بالمقاربات الإقتصادية والسياسية للأزمة اللبنانية.

عبود:
وبرأي الوزير السابق فادي عبود فالموضوع اليوم فقط للفت الأنظار عليه إن كان بموضوع الذهب المملوك من الدولة اللبنانية او بموضوع الأصول الثابتة أي الأراضي وغيرها، وهل ممكن الوصول إلى حلّ دون المسّ بالذهب او بالأصول الثابته؟

ممكن الفصل بين الذهب والأصول الثابتة لأن رهن الذهب او تسييله أو استعماله ككفالة أسهل بكثير من موضوع الأراضي. ولكن يجب أن يكون هناك خطة علمية وعملية دقيقة مع المحافظة على أملاك الدولة للأجيال القادمة. هناك فجوة مقدرة بنحو 70 مليار دولار. هذا هو الواقع. الذهب قد يساعد حتما في إرجاع بعض الودائع لأصحابها. ولكن مع المنظومة الموجودة طبعا وحتماً سيتم سرقة هذه الأموال وهدرها كما هدر سابقها. يجب أن تكون الاستثمارات مدروسة ضمن خطة إقتصادية مالية واضحة وشفافة ولا يمكن الخروج من الأزمة من دون المس بالذهب.
أما بالنسبه للأصول الثابتة، فهناك أملاك للدولة اللبنانية، عدم بيعها أو استثمارها هو جريمة بحق الوطن. مثال على كلامي هذا هو مرفأ بيروت الذي تقدّر أرضه بحوالي المليون متر وإذا افترضنا أن المتر يساوي ١٠ آلاف $ يعني هذه البقعة تساوي ١٠ مليار $.

هل يا تُرى الجدوى الإقتصادية الأفضل هو أن يُترك مرفأ تجاري يجب أن يكون هناك مخطط توجيهي لمستقبل المرافئ البحرية في لبنان مع شبكة طرقات متطورة كافية لإستقبال آلاف الكونتينرات دخولا وخروجا (وهذا ما لا أعتقده). مرفأ بيروت أقرب إلى مرفأ دمشق من مرفأ اللاذقية وهو يلعب دورا مهما في المنطقة بالإضافة إلى موقعه الإستراتيجي والمهم أن يكون الذين يتعاطون هذا الموضوع أصحاب إختصاص لمعرفة كيفية استثماره.

أتمنى أن نكون واقعيين وعقلانيين لأنه بدون  إستثمار للأصول الثابتة أو للذهب سيكون الخروج من الحفرة صعبا جداً.
خلفية تاريخية:
احتياط الذهب في لبنان له دور كبير ويحتل لبنان المرتبة الثانية عربياً بعد السعودية لناحية كمية احتياطه منه وهو يملك 286,8 طن.
وتبلغ قيمة هذا الذهب حالياً على الأسعار الحالية حوالي 17 مليار دولار. وكان آخر احصاء للذهب قد حصل عام 1996 وهناك 60% منه موجود في مصرف لبنان و40 % في الولايات المتحدة الأميركية. وقد بدأت منذ فترة إعادة اجراء احصاء (جردة حساب) لهذا الذهب في لبنان بهدف التأكد من ان القيمة التي يصرّح عنها المصرف المركزي فعلاً موجودة. وقد تمّ حتى اليوم إحصاء 20% فقط من هذا الذهب في لبنان. وقد بدأ شراء الذهب في الستينيات ايام الرئيس السابق للمصرف المركزي الياس سركيس واستكمل في السبعينيات او حتى قبله ايام وزير المالية حسين العويني في الخمسينيات كما يقول البعض. وكان الهدف منه هو المحافظة على ضمانة الليرة واستقرارها. وكانت عدة دول تعتمد على احتياط الذهب لضمان قيمة عملتها الوطنية وهذا الهدف كان المطلوب ففي لبنان في الفترات الماضية عندما كان حجم الكتلة النقدية متناسب مع قيمة الذهب وكانت عدة دول تعمد الى ذلك منها الولايات المتحدة الأميركية حتى ايام الرئيس السابق نيكسون في آب 1971 والمملكة المتحدة وغيرها من الدول حتى العام 1973. ولكن الأمور تغيّرت منذ ذلك الوقت واصبحت العملات غير مرتبطة بإحتياط الذهب؟
وفي العام 1986 اقرّ المجلس النيابي قانونا يمنع استخدام الذهب تحت اي ظرف الا اذا اصدر مجلس النواب قانون آخر يُجيز ذلك.

د طلال حمود- ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا.