مقالات مختارة >مقالات مختارة
شجرة الباولونيا.. هدية ربّانية صديقة للبيئة والاقتصاد
موريس أبو جودة: مستعدون لتوزيعها مجاناً بهدف عودة لبنان أخضر كما كان
شجرة الباولونيا.. هدية ربّانية صديقة للبيئة والاقتصاد ‎الخميس 6 10 2016 11:00
شجرة الباولونيا.. هدية ربّانية صديقة للبيئة والاقتصاد
أشجار الباولونيا الصينية في لبنان

ثريا حسن زعيتر:

إنْ بحثتَ عنها تجدها تتهادى فوق أكتاف الجبل بمنظر خلاب، كما هو حال بلدات وقرى لبنان المترامية على أكتاف الجبال، هي الغابات اللبنانية المتمايزة بأشجارها المتدلية التي تحتضن لافتات تدعو إلى الحفاظ على البيئة وجماليتها.. ومن هذه الأشجار "الباولونيا"، التي دخلت لبنان في الآونة الأخيرة، لما لها من فوائد في تنقية البيئة والحفاظ على جمالية المنطقة، ناهيك عن الاستفادة من جودة خشبها في صناعة المفروشات والتجهيزات والبناء..
هذه الأشجار أدخلت من الصين إلى لبنان على صعيد التجرية، وتمت زراعتها في مناطق مختلفة، وكانت المفاجأة السارّة أنّها أعطت نتائج إيجابية، كونها من أسرع الأشجار في النمو والإنتاج، وطبعاً هي استثمار اقتصادي مجدي، لأنها تنتج نوعية من الخشب عالي الجودة، الأمر الذي أدى إلى تزايد الطلب عليها لا سيما في اليابان ودول الخليج، حيث يُباع خشبها حسب درجة جودته بسعر يتراوح ما بين 900-2000 دولار أميركي للمتر المكعب، ويتراوح مردودها ما بين 10 آلاف و25 ألف دولار للدونم الواحد كل 10 سنوات، ويُمكن استعمال أوراقها الكبيرة الخضراء كعلف لبعض الحيوانات اللبونة، وتحضير المتساقطة منها كسماد عضوي، أما أزهارها الربيعية، فتجذب النحل بين آذار وأيار ولفترة ما بين 6-8 أسابيع..
 

المنافع

يتحدّث الناشط في المجالين الاقتصادي والبيئي والخير موريس زرد أبو جودة عن فوائد ومزايا شجرة الباولونيا، وضرورة تشجيرها لإعادة الاخضرار والاقتصاد إلى لبنان، مبدياً استعداده لمتابعة توزيعها مجاناً على البلديات والجمعيات والأفراد بهدف تشجيرها والاعتناء بها وعودة لبنان أخضر بيئياً كما كان.
وأشار إلى "أنّ الباولونيا تساهم في حماية الغابات من القطع، إذ تشكل مصدراً لإنتاج الحطب، نظراً للحاجة إلى قطع جذوعها القصيرة وغير المستقيمة، وإلى تقليم أغصانها البالغة، وإلى البقايا الناتجة عن استخلاص الخشب من الجذوع عند جني المحصول. وهي أيضاً مصدر لإنتاج الفحم من الأغصان البالغة المقطوعة، وإذا ما زُرِعَت بكثافة 170 غرسة في الدونم يمكن أن تنتج 8 أطنان من الحطب عند تشحيلها".
ولفت إلى "أنّ منافع شجرة الباولونيا البيئية عديدة وقيّمة، حيث إنّها تشكّل غطاءً أخضر للطبيعة، وتنقّي الهواء 10 مرّات أكثر من أي شجرة أخرى، إذ يمكن لكل شجرة أن تزيل من الهواء سنوياً 22 كلغ من الـCO2 ، وتفرز فيه يومياً 6 كلغ من الاوكسجين، ويمكن لمساحة دونم من الباولونيا، إزالة 3 طن سنوياً من الغازات السامة في الهواء".
 وبيّن "أنّ لها قيمة جمالية لافتة، لأنّها تؤمّن الظل لمحيطها، وتُزرع في مختلف المناطق الجغرافية من الساحل إلى ارتفاع 2000 متر، ويُفضّل في الأراضي المنخفضة، وتتحمّل درجات حرارة متنوّعة من 10 تحت الصفر إلى 40 فوق الصفر، وتنمو في أراضٍ هامشية، ويُمكن ريّها بمياه متدنية، كتلك الناتجة عن الاستعمال المنزلي وتحديداً المجلى والمغاسل، وتتعايش مع مختلف المحاصيل الحقلية".

الخصائص

وفي ما يتعلق بخصائص خشب الباولونيا، أوضح أبو جودة أنّه "صلب وخفيف الوزن (300 كلغ/م3) ومقاوم للكسر والتفتت والتشقق في آن واحد، ما يُسهّل تصنيعه، كونه يتحمّل حرارة مرتفعة حتى 430 درجة، وهو عازل للحرارة والرطوبة والدخان، ومقاوم لفتك الحشرات، وقليل التأثّر بالرطوبة، ويقاوم الانتفاخ والانكماش، وسهل التجفيف من شهر إلى شهرين في الهواء الطلق، ومن يوم إلى يومين في الفرن، وهو أيضاً قابل للتلوين نظراً إلى لونه الأصلي الفاتح، الذي يسمح بتقليد ألوان الخشب الصناعية، ما جعله واسع الاستخدام في صناعة المفروشات والآلات الموسيقية والورق وبراميل حفظ الزيت والمشروبات، وكذلك البناء ابتداءً من التبليط الخشبي، مروراً بتقطيع غرف الشقق وانتهاءً بمختلف أعمال الديكور الخشبية".

إنتاج الباولونيا

وشرح أبو جودة "أنّ عملية زراعة شجر الباولونيا، تتم إما برش البذور أو في الشتلات الصغيرة في المشتل، وذلك في الفترة ما بين نيسان وأيلول من كل عام، وبعد الغرس من السنة الأولى تفقد الغرسة أوراقها في الخريف، وفي شباط من السنة اللاحقة يجب قطع الجذع من على سطح الأرض كي ينمو في فصلَيْ الربيع والصيف المقبلين بجذع رئيسي جديد مستقيم الشكل، لا يقل ارتفاعه عن 4 أمتار، ويعوّل عليه في إنتاج خشب ذي نوعية جيدة، حيث يُمكن جني المحصول بعمر لا يقل عن 8 سنوات، وذلك بقطع الأشجار اليانعة، التي تنتج كل شجرة منها ما بين النصف متر والمتر المكعّب القائم من الخشب، ولا حاجة لزرع غرسات جديدة مكان الأشجار المقطوعة، فمن الجذع المقطوع تنمو شجرة جديدة أنشط من السابقة. وفي أوّل كل عام تثمر عند أسفلها شجرة جديدة، وهي تُحافظ على البيئة بألوانها الزاهية، ويستفاد منها مستقبلاً في الخشب".
وختم أبو جودة قائلاً: "لقد أقمنا وسنقيم بشكل دوري نشاطات ثقافية توجيهية عبارة عن ندوات حول أهمية شجرة الباولونيا، وتعريف الناس عليها أكثر وأكثر من خلال المعارض التي نقيمها للأثاث والمفروشات والآلات الموسيقية والتحف وغيرها، المصنوعة من خشب الباولونيا ذي الجودة العالية، وعندما تشجّع الناس على زرع الشجر، فأنت تقول لهم بطريقة غير مباشرة، لا تقطعوا الأشجار، ونحن قمنا بزراعة آلاف الأشجار المثمرة في البلدة، فهناك غابة من الشجر على الطريق العام".

 

موريس أبو جودة

أوراق الباولونيا العملاقة

 

 

غرفة سفرة من خشب الباولونيا