لبنانيات >أخبار لبنانية
لبنان يستضيف اللجنة الاستشارية للـ"الأونروا": مساعدات للمخيمات ورفض لنقل صلاحيات الوكالة
لبنان يستضيف اللجنة الاستشارية للـ"الأونروا": مساعدات للمخيمات ورفض لنقل صلاحيات الوكالة ‎الثلاثاء 31 05 2022 10:28
لبنان يستضيف اللجنة الاستشارية للـ"الأونروا": مساعدات للمخيمات ورفض لنقل صلاحيات الوكالة

جنوبيات

أثارت الرسالة الأخيرة التي وجهها المفوض العام للـ"الأونروا" فيليب لازاريني إلى اللاجئين الفلسطينيين في شهر نيسان الفائت، لغطاً وجدلاً كبيرين في الأوساط الفلسطينية ومعها اللبنانية، لما فُهم منه تلويح بتسليم خدمات الوكالة الدولية إلى وكالات أممية أخرى، في الوقت الذي تمر فيه قضية اللاجئين، وهي روح القضية الفلسطينية، في منعطف دقيق. يأتي ذلك قبيل استضافة لبنان اجتماعات اللجنة الاستشارية للـ"الأونروا" " AdCom "، بين 14 و15 حزيران، والتي ستبحث خاصة الأزمة المالية للوكالة التي تقضّ مضجع الفلسطينيين في لبنان والذين تعاني مخيماتهم أصلاً، ومن المنتظر أن تناقش خططها الاستراتيجية والتحديات التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن العالمي والإقليمي. من هنا تتمثل أهمية الأمر عند اللاجئين الذين يتمسكون بحق العودة وبمرجعية الوكالة ويرون أن أي إضعاف لها ليس سوى مقدمة للتوطين على قاعدة أن الوكالة تمثل الشرعية الدولية في مسألة اللاجئين من خلال القرار الشهير 194. على أن اجتماع اللجنة التي من المنتظر أن تجدد ولايتها في شهر أيلول المقبل، يأتي في ظل ظروف معقدة وتحديات عديدة تواجهها "الأونروا" التي أنشأت عام 1949، أي بعد النكبة الفلسطينية بعام واحد. وهي تحديات ذاتية، كالتمويل والاستدامة، علما ان عدد الموظفين يبلغ 28 ألفا، وسط دعوات للتقليل من التدخل السياسي في التوظيفات في لبنان من قبل الفصائل الفلسطينية وفرض شروط أميركية بحياد الوكالة السياسي للتوظيف ما يؤدي إلى تقليل أعداد العاملين.. تواجه أيضا الوكالة تحديات إقليمية، لا سيما عبر استمرار صراعات المنطقة وغياب الاستقرار، في وقت يطمح لبنان الذي يترأس اللجنة هذه الدورة إلى أداء دور في طرح إطار معالجات على المستوى الاستراتيجي. تأثير الحرب الأوكرانية والواقع أن كثيرين قلقوا من تمهيد لازاريني لتجسيد مخاوفهم واقعاً عبر توقعه ان يؤدي الشتاء القاسي جدا وتأثير الحرب في أوكرانيا إلى تداعيات كبيرة على أسعار الغذاء والوقود في المنطقة وإلى اشتداد المصاعب اليومية التي تواجه اللاجئين. وفي رسالته أمل زيادة الجهات المانحة دعمها للاجئين، مع التركيز على لبنان وسوريا، حيث سيتم تنظيم زيارات إلى المخيمات. كما أمل بتوفير مؤتمر التعهدات السنوي بشأن "الأونروا"، الذي سينظم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في حزيران في نيويورك، ما يكشل فرصة أخرى لدعوة المجتمع الدولي إلى إظهار التضامن مع اللاجئين الفلسطينيين. وهو حذر من ان الوقوف على حافة الهاوية أمر مقلق للجميع وسط ركود الموارد المتاحة، في حين أن احتياجات اللاجئين الفلسطينيين وتكلفة العمليات لا تزال تتزايد. معللاً النقص في التمويل بمزيج من تقلب الأولويات الجيوسياسية، والديناميات الإقليمية الجديدة، وظهور أزمات إنسانية جديدة، يفاقمها إعياء المانحين تجاه أحد أطول الصراعات التي تبقى من دون حل في العالم. ما أدى إلى تراجع واضح في أولوية القضية الفلسطينية، بما في ذلك بين بعض المانحين من المنطقة العربية في الآونة الأخيرة. ناهيك عن تعرض "الأونروا" أيضاً وفي شكل متزايد لسياسات داخلية في بعض البلدان المانحة التقليدية. لذا فإن تحذير المسؤول الأممي يكتسب أهمية عبر كلامه من ان النجاح حتى الآن في إدارة هذا النقص المزمن في التمويل من خلال تدابير مستمرة لمراقبة التكاليف والتقشف، أدى إلى استنزاف هذه التدابير. مع الاعتراف بأن الحالة الراهنة لا يمكن الحفاظ عليها وستؤدي حتماً إلى تآكل نوعية الخدمات أو الأسوأ من ذلك أن تؤدي إلى انقطاع هذه الخدمات. فالنقص السنوي في ميزانية البرامج الأساسية يقترب بانتظام من 100 مليون دولار أميركي على مدى السنوات الماضية. ما يعني ان الاستمرار في الاعتماد بشكل حصري تقريباً على التمويل الطوعي من المانحين لن يكون منطقياً، بالنظر إلى الديناميات العالمية والإقليمية. وهو دعا كأحد الخيارات تقديم الخدمات نيابة عن "الأونروا" وتحت توجيهها، بما يتماشى تماماً مع الولاية التي تلقتها "الأونروا" من الجمعية العامة للأمم المتحدة. فمثل هذه الشراكات تملك إمكانية حماية الخدمات الأساسية والحقوق من نقص التمويل المزمن. هذا بالضبط ما أدى الى قلق اللاجئين وكل الحريصين على قضيتهم، رغم تأكيد المسؤول الأممي أن ليس مطروحاً على الطاولة تسليم أو نقل للمسؤوليات والبرامج، ولا يوجد أي عبث بولاية "الأونروا" متوقعا استمرار المستوى العالي من الدعم السياسي. في كل الأحوال فإن اللجنة التي تضم 25 عضوا وثلاثة أعضاء مراقبين برئاسة لبنان، والتي تجتمع مرتين سنويا وتسعى للوصول إلى توافق الآراء وتقديم النصح والمساعدة للمفوض العام للوكالة، ما يعني ان عملها ليس تنفيذياً، هي محط متابعة "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" في رئاسة الحكومة، ويريد لبنان تأدية دورا أكثر ديناميكية في ما يتعلف بالملفات الاستراتيجية للاجئين الفلسطينيين. ويؤكد لبنان ولجنة الحوار أن المخاوف من كلام لازاريني غير واقعية لناحية الهواجس المرتبطة بمستقبل "الأونروا" المطالبة في هذا المنعطف الأساس على صعيد قضية اللاجئين، تحقيق الإصلاحات. وعلى هامش اجتماع بيروت سيكون هناك لقاءات ستبحث التصدي لأية تطورات تضر بعمل الوكالة ودور لبنان في ذلك، ونفي كل الشائعات مثل الحديث عن نقل المهام الأمنية من الوكالة الى "اليونيفيل" أو أن تتولى الأخيرة الأمن داخل المخيمات علما أن امرا كهذا يحتاج تفويضا من مجلس الامن الدولي. رفض نظرية المؤامرة هذا لا يمنع من عدم ربط كل المسارات المتعلقة بحماية الوكالة بنظرية المؤامرة أو تصنيف كل اجتماع حول "الأونروا" شكلا من أشكال التحريض. سيكون أمام لبنان ولجنة الحوار الكثير من العمل انطلاقا من اجتماع بيروت لمواكبة الهواجس والرياح الدولية في حقبة تفجرت فيها النزاعات الدولية التي فرضت تحديات أمام دول مانحة مثل النروج فنلندا والسويد والدانمارك، لمقاربة قضية لاجئين كبرى من أوكرانيا. واليوم ليس هناك أية دولة حدّت من دعم الوكالة، لكن في الوقت نفسه هذا يفقد معناه مع تصاعد حاجات الوكالة ووقوع دول عديدة حيث اللاجئين في أزمات اقتصادية وأمنية وعسكرية. ومن ناحية لبنان فهو يؤكد ان لا نقل للصلاحيات الاساسية مثل التعليم أو الطبابة لكن في الوقت نفسه لا مانع من مساعدة وكالات دولية أو ما يعرف بالمجتمع المدني وحتى مساعدات تجلبها بعض الفصائل، في قطاعات عديدة ما يوفر شركاء جدد وتطوير بالعلاقة لرفع الأداء والشراكة الأوسع وتحسين الواقع المعيشي للجوار اللبناني ايضا.

المصدر : اللواء