مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
فلسطين قضية مركزية في جولة بايدن .. والرئيس عباس أوصل رسائل واضحة وصريحة
الرئيس "أبو مازن" شكر خادم الحرمين وولي العهد لوقوفهما الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني
فلسطين قضية مركزية في جولة بايدن .. والرئيس عباس أوصل رسائل واضحة وصريحة ‎الثلاثاء 19 07 2022 09:43 هيثم زعيتر
فلسطين قضية مركزية في جولة بايدن .. والرئيس عباس أوصل رسائل واضحة وصريحة

جنوبيات

سمع الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المُحتلة، ومُشاركته في اجتماع "قمة جدّة"، كلاماً أجمع على أهمية إيجاد حلٍ عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ما يُؤكد مركزيتها، على الرغم من الانشغالات الداخلية والملفات المُتعدّدة التي تعصف بالمنطقة والعالم.
فقد أوصل رئيس دولة فلسطين محمود عباس الرسالة التي يُريدها بوضوح وصراحة وقوّة، على مسمع الرئيس بادين، مُؤكداً "التمسّك بالثوابت والحقوق الفلسطينية، وأنّ لا سلام في المنطقة والعالم من دون السلام والأمن والاستقرار، الذي يبدأ من فلسطين والقدس".
وشكر الرئيس عباس لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان، على التزامهما وتضامنهما ووقوفهما الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني.
وتوجّه بالشكر في برقيتي تهنئة مُنفصلتين إلى خادم الحرمين وولي عهده، لـ"تجديدهما العهد من خلال "قمة جدة"، ودعمهما لحقوق شعبنا الوطنية ولقضيته العادلة، وتأكيد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، والشكر موصول للدول الشقيقة المُشاركة في القمة على مواقفها الثابتة والمُقدرة تجاه القضية الفلسطينية".
لقد اكتسبت من الأهمية، قيام أكبر رئيس دولة في العالم، بزيارة فلسطين - آخر دولة ما زالت تقع أراضيها تحت أطول احتلال مُنذ العام 1948، وما تلاه في العام 1967 - بأنّ الرئيس بايدن استهل أولى زياراته إلى بلد عربي كانت لفلسطين، وهذا بحد ذاته إقرار بمكانتها، ودورها، ليكون الرئيس الأميركي الخامس الذي يزورها.
وإنْ كان الفلسطينيون لا يُعوّلون كثيراً على الإدارة الأميركية، التي أثبتت أنّ أولويتها هي أمن واستقرار ودور "إسرائيل"، لكن يريدون أنْ يبنوا على الإيجابيات..
انطلاقاً من الرئيس "أبو مازن" والقيادة الفلسطينية، استطاعوا أنْ يصمدوا وتصدّوا للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو في أوج قوّته وجنوحه، وقبل أنْ يُعلن عن "صفقة القرن" المُنحازة بالكامل لصالح الكيان الإسرائيلي بما ينهي القضية الفلسطينية.
هذا يُؤكد أنّ الرئيس "أبو مازن" مُتمسّك بالثوابت والحقوق بوضوح وقوّة، ولا تنازل أو تفويض عنها مهما كلّف ذلك، في مُواجهة ضغوطات أو عقوبات أو تهديدات، حتى لو وصلت إلى التصفية الجسدية!
لهذا، فإنّه على الرغم من عدم تحدّث بايدن في القضايا الجوهرية، لكنه أكد "التزام الإدارة الأميركية بحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين على حدود 1967، بما يضمن قيام دولة فلسطينية مُتصلة جغرافياً وقابلة للحياة".
وهو بحد ذاته يتناقض مع الطرح الإسرائيلي، الذي لا يُقر بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، والذي يعتبر أنّ القدس المُوحّدة هي عاصمة للكيان الغاصب، والضفة الغربية هي يهودا والسامرة.
يُدرك بايدن أنّ "هدف حل الدولتين، قد يكون بعيد المنال، لأنّ هناك قيوداً على الحركة تُفرض على الفلسطينيين، ونحن نستشعر الحزن الذي يشعر به الشعب الفلسطيني، ولا يُمكن لليأس والقنوط أنْ يحكم مُستقبلنا".
هذا الإدراك، يستوجب من الرئيس الأميركي، الإلتزام بما أعلن عنه من تعهّد في حملته الانتخابية، وبما أسمعه إياه الرئيس "أبو مازن" بـ"ضرورة تنفيذه من خلال حل الدولتين وإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين، بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، بعد 74 عاماً من النكبة والتشرد والاحتلال، أما آن لهذا الاحتلال أن ينتهي!".
كذلك، مُطالبة الرئيس عباس للرئيس الأميركي "تنفيذ خطوات من قبل إدارته من أجل تعزيز العلاقات الثنائية من خلال إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، ورفع "مُنظّمة التحرير الفلسطينية" عن قائمة "الإرهاب"، ونحن في طليعة مَنْ يعمل على التصدّي له، ويُعاني إرهاب جيش الاحتلال وقطعان المُستوطنين، وإعادة فتح مكتب المُنظّمة في واشنطن".
أيضاً "وقف الأعمال أحادية الجانب من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بوقف الاستيطان والتمييز العنصري، والاعتداءات، وهدم المنازل، واقتحامات المدن والقرى والمُخيّمات، والتوقّف عن القتل والاعتقالات اليومية، واحترام الوضع التاريخي في الأماكن المُقدّسة الإسلامية والمسيحية".
وضرورة إنهاء قضايا الوضع الدائم بما فيها، إقامة الدولة الفلسطينية وفق حل الدولتين، وملفات: القدس، الاستيطان، الأمن، اللاجئين والأسرى، ووقف "الإرهاب" الإسرائيلي، المُتمادي، في ظل التطرف الديني وغياب أي شريك في الكيان الإسرائيلي يُؤمن بصنع السلام!
هذه الثوابت لا بُدَّ وأنْ يُقرَّ بها الرئيس الأميركي، بل يجب القيام بتنفيذها بشكل عملاني.
لقد أكد الرئيس بايدن "مركزية القدس، ويجب أنْ تكون لجميع مَنْ يعيشون فيها، والحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المُقدسة والوصاية الأردنية عليها".
فيما شدّد الرئيس عباس على "ضرورة مُعاقبة قتلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة ومُحاسبتهم، لأنّ استمرار ذلك سيُؤدي إلى التصعيد من ناحية، وفقدان الأمل في غدٍ أفضل من ناحية أخرى"، فأكد الرئيس بايدن "الدعوة إلى استمرار التحقيق في قتل شيرين أبو عاقلة لكشف النقاب عن مُلابسات مقتلها".
لا شك في أنَّ زيارة الرئيس الأميركي إلى أراضي فلسطين، كان فيها الكثير من المحطات الفلسطينية الخالصة التي تجاوزت الوقت المُحدّد من 3 ساعات إلى 6، وخرق فيها "البروتوكول" بالوقت المُحدّد للقاء مع الرئيس عباس، وأيضاً بعيداً عن المُشاركة الإسرائيلية، بعدما رفض أي مُشاركة أو حراسة أمنية للاحتلال.
فقد استهلَّ الرئيس بايدن بزيارة إلى مُستشفى المطلع "أوغستا فيكتوريا" في القدس الشرقية، حيث تقطن غالبية فلسطينية.
أنزل العلم الإسرائيلي عن سيارته الرئاسية، في دلالة على أنّها لا تزال تحت الاحتلال، فيما كان يُستقبل برفع الأعلام الفلسطينية وصور الشهيدة أبو عاقلة.
جال في المُستشفى، والتقى مرضى فلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزّة، اجتمع مع شبكة مُستشفيات القدس الشرقية، التي تضم 6 مُستشفيات فلسطينية في المدينة، وقدم لها دعماً بمبلغ 100 مليون دولار أميركي إضافية، وهو التزام على مدى سنوات عدّة، بعد ما كان الرئيس ترامب قد أوقف الدعم عنها.
من القدس الشرقية، انتقل الرئيس بايدن إلى بيت لحم، رافعاً على سيارته العلم الفلسطيني إلى جانب الأميركي، قبل أن يستقبله الرئيس عباس في قصر الرئاسة في مدينة بيت لحم، حيث قدم طفل وزهرة، يرتديان زي التراث الفلسطيني، باقتين من الزهور، واستعرضا حرس الشرف.
بعدها عقد لقاء مُشترك بين الوفدين، ثم ثنائي، قبل أن ينتقل الرئيس بايدن لزيارة كنيسة المهد، حيث كان في استقباله بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن للروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث، حارس الأراضي المُقدّسة الأب فرانشيسكو باتون ونائبه الأب إبراهيم فلتس، بطريرك الأرمن نورهان مانوغيان، بحضور وزيرة السياحة والآثار رولا معايعة.
سلّم البطريرك ثيوفيلوس الثالث، الرئيس بايدن، رسالة نيابية عن بطاركة رؤساء كنائس الأراضي المُقدسة أكدوا فيها "ضرورة تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وأثر السلام والاستقرار الإيجابي على الوجود المسيحي الأصيل في الأراضي المُقدسة".
وأدّى الرئيس بايدن صلاة داخل كنيسة المهد (مكان ولادة رأس السيد المسيح - عليه السلام)، ثم زار كنيسة اللاتين.
كما قدّم له أطفال فلسطينيون، يرتدون الزي التراثي الفلسطيني ويرفعون أعلام فلسطين، رسالة تُؤكد مطلبهم بتحقيق السلام.
في كل المحطات التي شملتها زيارة بايدن، رُفِعَتْ صور الشهيدة أبو عاقلة، حتى أنّ زملاءها ارتدوا "تيشورتات" تحمل صورتها.
هذا قبل أنْ يُغادر الرئيس بايدن بطائرة مروحية من "مهبط الطائرات" في بيت لحم إلى "مطار اللد".
لقد ثبُت للجميع أنّ القضية الفلسطينية، هي جوهر الصراع، عصيّة على النسيان ولا يُمكن لأحد، مهما علا شأنه، تجاوزها، أو التحدث أو يتصرف نيابة عن شعبها ومُمثلها الشرعي والوحيد "مُنظّمة التحرير الفلسطينية"، ولا يُمكن إلا تحقيق حلٍ عادل وشامل لها، يُحقق آمال الشعب الفلسطيني وطموحاته بالحرية والاستقلال وعودة اللاجئين.

المصدر : اللواء