بأقلامهم >بأقلامهم
ولك دق الدقة
ولك دق الدقة ‎الأربعاء 20 07 2022 11:46 جهاد دكور
ولك دق الدقة

جنوبيات

كانت الدولة العثمانية قديماً تستعمل الدواب في تنقلاتها وحمل ذخائرها وتموين جيوشها، خاصة في الأماكن الوعرة وذلك في ولاياتها المترامية الأطراف ومنها بلاد الشام.
ولما كانت بلاد الشام هذه لا تفي بالغرض ولا تؤمن الدواب المطلوبة رغم السخرة والمصادرة، فكانت تجلب تلك الدواب أحياناً عبر البحار في السفن لتغطي احتياجاتها من تلك الدواب.
صدف أن إحدى السفن كانت محملة بالبغال قادمة من استنبول قاصدة بلاد الشام - والسفينة في عرض البحر- نفذ العلف وكانت البغال قد تعودت على نفير البوق لتتناول وجبتها من العلف فتلتزم معالفها.
ولما أحست البغال بالجوع هاجت وصارت تدق بحوافرها ارض السفينة الخشبية، مما أخاف السائس المسؤول على السفينة من الغرق فذهب مسرعا إلى الطبيب البيطري ليعلمه بحدوث الكارثة ويسأله ماذا يفعل لتفادي الغرق.
فقال الطبيب - وكان يعرف طبائع تلك الحيوانات - صائحا بالرجل: ولك دق الدقة.
فلما سمعت البغال صوت البوق هدأت والتزمت معالفها.
ولكن العلف لم يأت، فبدأت بالهيجان ثانية، ولكن المسؤول صار يكرر تلك الدقة من حين لآخر فتحسب البغال أنه أتاها العلف فتهدأ وهكذا حتى وصلت السفينة سالمة بتلك الخدعة والمكيدة الى مرساها.
هذه الحيوانات استعملوا معها تلك الحيلة ليهدأ هيجانها.
ولكن الحكام بتوالي الازمان استعملوا مع رعاياهم حيل ومكائد عديدة ومتنوعة منها؛ الخطب الرنانة 
والوعود الفارغة واستعملوا عددا من الثعالب البشرية من الوصوليين والمستزلمين والابالسة والشياطين
ووظفوا علماء نفس وخبراء بطبائع الناس  وسخروا الإعلام وبعض رجال الدين لإصدار الفتاوى وتدليس الأحاديث لمسح الأدمغة وايتاء الحجة.
كما حرضوا الشعوب على بعضها بعضا مستغلين الدين والقبلية والطائفية والمذهبية والمناطقية والحزبية والترهيب والتجويع.. حتى أصبحت الشعوب طيعة مستسلمة لاؤلئك الظلمة الذين كدسوا الاموال وتركوا شعوبهم تتقلب بين براثن الثالوث المرعب الجهل والفقر والمرض ولا يرمش لهم جفن رغم صراخ الأرامل والأيتام والمساكين والولدان والشيوخ بينماهم ينعمون بالملذات والبهجة والسرور والغبطة والحبور صامين الآذان يدقون الدقة كلما اهتز الكيان.

المصدر : جنوبيات