لبنانيات >أخبار لبنانية
جنبلاط يلاقي "الحزب": منعاً لعون جديد
جنبلاط يلاقي "الحزب": منعاً لعون جديد ‎الجمعة 12 08 2022 10:26
جنبلاط يلاقي "الحزب": منعاً لعون جديد

جنوبيات

تقدّم وليد جنبلاط على المسرح السياسي. وحده من يقوم بحركة غير اعتيادية، تجعل الأنظار تتجه إليه وتراقب ما يقوم به. أسئلة كثيرة تطرح حول ما يقوم به الرجل. من المؤيدين والمعارضين لخطواته، وتحليلات أكثر رافقت انتظار اللقاء الذي عقد بينه وبين وفد من حزب الله. المعارضون لهذه الخطوة يتهمون جنبلاط بأنه يقدّم تنازلاً جديداً لحزب الله، ويقرأ في كتابه تمهيداً لعقد لقاء مع امين عام الحزب السيد حسن نصرالله. بينما المؤيدون يعتبرون أن الرجل يتعاطى بواقعية ويحاول اختراق الجمود القائم بحثاً عن صناعة تسوية سياسية جديدة.


مهّد جنبلاط لهذا اللقاء بمواقف متعددة أظهرت تقارباً مع حزب الله، منذ قضية المطران موسى الحاج والتي دعا إلى معالجتها قضائياً، إلى تغطية الحزب في إطلاق المسيّرات باتجاه حقل كاريش. وصولاً إلى الاتصال الذي أجري بينه وبين رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا. ومؤخراً دعا جنبلاط إلى تأجيل البحث في سلاح الحزب، لا سيما أن الدول الكبرى لا تأتي على ذكر هذا السلاح، إنما تركز على موضوع الإصلاحات، في إشارة منه إلى أن ملف السلاح مرتبط بملفات إقليمية ودولية. كما أقر بأنه لا يمكن تجاوز حزب الله في الانتخابات الرئاسية، ولا بد من البحث عن تسوية معه. بالإضافة إلى إشارته الأهم بأن حزب الله هو حزب لبناني ومكون من لبنانيين. وما قصد قوله موجّه إلى خصوم الحزب، بأنه لا يمكن التعاطي معه كما تم التعاطي سابقاً مع منظمة التحرير الفلسطينية.


عندما يُقدم جنبلاط على مثل هذه الخطوة، يعني أنه يترقب لحدث كبير، أو لتطورات كبرى، قد ينطوي بعضها على تصعيد كبير، أو على تسوية كبرى. في كلا الحالتين يعمل على حفظ موقعه ودوره، وأن لا يكون في حالة صدامية مع أحد. فبحال وقع الحدث الكبير والمنطوي على صدام بين حزب الله وإسرائيل مثلاً، بفعل انسداد آفاق الاتفاق النووي وترسيم الحدود، لا يكون جنبلاط في موقع العداء ولا يتلقى أي رد فعل سلبي، لا بل يشكل حاضنة في السياسة وبالمعنى الاجتماعي، لا سيما أنه أشار قبل فترة إلى أن الشعب اللبناني مجتمع موحد ويمكنه احتضان بعضه البعض، رداً على سؤال حول احتمال حصول حرب وتهجير الشيعة من منازلهم، وإذا كان اللبنانيون سيستقبلونهم. فأكد أن هذا الاستقبال والاحتضان سيحصل. وذهب أكثر عندما أشار إلى أنه لا يمكن تأييد الحياد فيما العدو الإسرائيلي على الأبواب.

أما بحال كان الوضع في المنطقة يتجه إلى تسوية كبرى انطلاقاً من إحياء الاتفاق النووي، وترسيم الحدود، فهذا يعني أن الحزب سيكسب في السياسة، ولا بد من ترتيب العلاقة والوضعية معه على قاعدة عدم الاستعداء أو الإمعان في الخصومة، إنما بحثاً عن صيغة تسوية تحدّ من الخسائر وتكون قادرة على إنجاز الاستحقاقات على قاعدة توافقية، بدلاً من المواجهة المفتوحة والمكاسرة. يستند جنبلاط على ضغط دولي هائل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده ولتجنب الدخول في فراغ، وبالتالي من الأفضل بالنسبة إليه الذهاب إلى تفاهم. فيما يتهمه معارضوه بأنه يحاول تقديم أوراق الاعتماد للحزب لحفظ دوره وموقعه.


كلام جنبلاط لاقى اعتراضاً وانتقاداً من قبل معارضي موقفه، ومن الذين كانوا يعولون على التحالف معه ضد الحزب. فيعتبر هؤلاء أن جنبلاط سارع في إنهاء المعركة السياسية التي كان يمكن أن تفتح، وبقراره التقرب من الحزب رجح كفة ميزان حزب الله في المعادلة السياسية، ما يعني أنه قد يسير في ما يريده الحزب رئاسياً. إلا أن هذا الأمر تستبعده مصادر أخرى معتبرة أنه لا بد من الذهاب إلى تفاهم مع الحزب على مرشح توافقي، خصوصاً أن لا أحد سيكون قادراً على تحمّل مسؤولية الفراغ واستمرار الانهيار على وقع التعطيل.

ملفات كثيرة مطروحة للنقاش بين جنبلاط وحزب الله. منها ملف التفاوض مع صندوق النقد، وخطة الكهرباء وإنشاء صندوق سيادي لإدارة الثروة النفطية، فيما الملف الأبرز سيكون الاستحقاق الرئاسي. هنا أيضاً تتضارب المواقف والتقديرات. فالبعض يعتبر أن جنبلاط قد يكرر تجربة والده في العام 1970 والسير بانتخاب سليمان فرنجية الحفيد. بينما آخرون يعتبرون أن جنبلاط سيبحث عن مرشح توافقي وقد يطرح بعض الأسماء، مثلما تجنّب الانقسام العمودي في الاستحقاق السابق، والذي طرح خلاله اسم هنري حلو كمرشح لرئاسة الجمهورية. لكن الرجل يقول إنه لن يطرح أي اسم، ولن يرشّح. إنما هو معني بتأمين التوافق على شخصية معينة.


يتقرب جنبلاط من الحزب من موقع الفائز في الانتخابات، ومن موقع القادر على ترجيح كفة أي من الطرفين. في خطوته أيضاً ردّ على بعض النواب التغييريين والمستقلين وعلى القوات اللبنانية، الذين يحاولون -حسب ما يعتبر- فرض الإملاءات عليه أو فرض شروطهم. فبهذه الخطوة يقول للجميع إنه لا يمكن لأحد أن يتعاطى معه وكأنه تحصيل حاصل. بهذا الموقف سيجعل الطرفين بحاجة إليه. كما أنه ينتهج طريقاً في ظل غياب أي مشروع داخلي أو خارجي واضح المعالم ويفيد بإمكانية تحقيق التوازن.

هنا تعود المقولة التي يتسم بها أنه عند صراع الدول الكبرى "احفظ رأسك".

المصدر : منير الربيع - المدن