بأقلامهم >بأقلامهم
هل نحن متأخرون عن قطار بازل؟
هل نحن متأخرون عن قطار بازل؟ ‎الأحد 28 08 2022 18:16 هبه بيضون
هل نحن متأخرون عن قطار بازل؟

جنوبيات

كان إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية المسؤولة عن تنفيذ البرنامج الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، أهم مخرج من مخرجات المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل في سويسرا عام 1897 برئاسة ثيودور هيرتسل، والذي كان الشرارة التي أدّت بالشعب الفلسطيني إلى ما وصل إليه من إبادة جماعية، تمثّلت بالمجازر التي ارتكبت في حقه على مر التاريخ، سواء في فلسطين أو في لبنان، أو غيرها من المجازر الفردية المتمثلة بالاغتيالات ضد قادة الثورة الفلسطينية والمبدعين الفلسطينيين في أرجاء الأرض، والذي أودى بالفلسطينيين إلى التهجير القسري من بيوتهم وقراهم ومدنهم إلى بلاد اللجوء والشتات.

 
كان ذلك المؤتمر الصهيوني الأول هو بداية النكبة وبداية النكسة، كان بداية الألم والمعاناة لملايين من الفلسطينيين، الذين عانوا ولا زالوا يعانون ألم البعد عن الوطن، وعيشهم مواطنين من الدرجة الثانية في بلاد اللجوء، وعلى أكثر حال، من الدرجة الأولى، تصنيف (ب) في دول أخرى.
 
كان ذلك المؤتمر الصهيوني الشرارة التي أشعلت قلوب أمهات ونساء فلسطين حرقة على استشهاد أطفالهم وأولادهم وأزواجهم، كما كان الشرارة الأولى لألآم فراق الأسرى في معتقلات الاحتلال الصهيوني ومعاناتهم وعائلاتهم.
 
كان مؤتمر بازل بداية لخطة العمل الاستيطانية في فلسطين، والتي لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا، لتأكل من أراضي فلسطين ما لا يمكن أن يبقي شبراً لإقامة الدولة الفلسطينية عليه.
 
كما كان الأساس الذي انطلقت منه فكرة إقامة دولة يهودية بعد أن ضمن لها شعباً لقيطاً من عدة دول في أوروبا وأفريقيا والدول العربية، ليحل محل الشعب الفلسطيني، السكان الأصليين، بعد تهجيرهم من فلسطين بوسائل متعدّدة، كالحرب والمجازر والإبادة والتهديد والإبعاد والتطهير العرقي والتمييز العنصري والتطفيش وغيرها من الوسائل الجهنمية التي ابتدعها الصهاينة.
 
باختصار، كان ذلك المؤتمر اساس البلاء الذي أصاب الشعب الفلسطيني..
 
واليوم، وبعد 125 عاماً على عقد هذا المؤتمر، نظّمت المنظمة الصهيونية العالمية بالتعاون مع الرابطة السويسرية للجاليات اليهودية مؤتمراً احتفالياً إحياء لهذه الذكرى المبهجة بالنسبة للصهاينة، والأليمة بالنسبة للفلسطينيين، في ذات المكان الذي عقد فيه مؤتمرهم الأول، في بازل، في سويسرا، البلد المسالم، وذلك خلال يوميّ 28 و 29 آب.
 
لن يكون احتفالاً عادياً ولا رمزياً، بل سيكون احتفالاً كبيراً تحضره 1200 شخصية صهيونية من جميع أنحاء العالم من بينها الرئيس الإسرائيلي، سيكون هناك إجراءات أمنية مشدّدة وسيتم إيقاف الملاحة الجوية من وإلى بازل لمدة يومين، سيتولى الأمن السويسري مهمة حماية الشخصيات، سيكون هناك احتفالات متنوعة تشمل إلقاء محاضرات وورشات عمل وحلقات نقاش.
 
لن أدخل أكثر في تفاصيل فعّاليات المؤتمر المزمع عقدها، ولكن يكفي أن نعرف بأن إجمالي تكاليف التجهيزات الأمنية الضرورية هو 5.7 مليون فرنك، أيّ ما يعادل (5.85 مليون دولار).
 
السؤال هو: كيف يمكن لهكذا حدث مستفز بجميع المقاييس أن يتم التخطيط والتنظيم والتنفيذ له منذ فترة ليست بالقصيرة، أن يمر مرور الكرام، دون أيّ رد فعل من قبل أي دولة عربية أو إسلامية أو مناصرة أو صديقة لفلسطين أو حتى من قبل فلسطين الحبيبة، ودون أن نسمع صرخة غضب واحتجاج في الشارع، كيف يتم تجاهل مثل هذا المؤتمر الذي فيه من الدلالات ما يكفي لترسيخ الفكر الصهيوني الاستعماري الاستيطاني، وفي إحياء ذكرى المؤتمر الأول كم هائل من الإصرار على احتلال فلسطين وسرقة الحق الفلسطيني!!
 
هذا الحدث يجب أن يجابه ويواجه بحدث ما، صحيح أننا لا نملك الإمكانيات المادية لنقوم بمؤتمر مماثل للتصدّي له، ولكن لدينا من الإمكانات المعنوية والحق المثبت والحجج والبراهين القوية ما يكفي لأن نتصدّى لهذا المؤتمر، رافضين انعقاده ومضمونه، ومتحدّين بالحقيقة الفلسطينية التي تنقض الرواية الصهيونية المختلقة، علينا أن نقوم بجهود كبيرة، وأن نصرخ بأعلى الصوت شعبياً ودبلوماسياً وإعلامياً، لنخلق ضجة تصل إلى ذلك المؤتمر وإلى آذان كل من يحضره، وإلى أسماع الدولة المضيفة، وإلى آذان الدول الداعمة.
 
علينا ألّا نكتفي بإصدار البيانات، ولكن التحرك للضغط على الدول الصديقة لتدعم الحق الفلسطيني، وعلى تلك الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، أن تعترف فوراً بها، على الجالية الفلسطينية في سويسرا والدول المجاورة، أن تحتج خارج قاعة المؤتمر، رافعة الأعلام الفلسطينية، لتقول نحن موجودون على الرغم من قرارات مؤتمركم، علينا أن نكثف فضحنا لجرائم الاحتلال وانتهاكاته التي يرتكبها بحق أبناء شعبنا، لنتصدّى للتلميع لصورة إسرائيل والتي هي من أهم أهداف المؤتمر، وذلك باستمرار التوثيق والنشر والمتابعة بأنّ معاملاتنا لدى المنظمات الحقوقية الدولية، خاصة في الجنائية الدولية، تتحرك وليست في الأدراج المغلقة، علينا أن نقوم بعاصفة إلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي كافة واستحداث هاشتاغ بجميع اللغات، أو عالأقل باللغة الإنجليزية، يرفض عقد المؤتمر الذي سيجدد ويبارك أهدافه التي وضعت عام 1897...
 
علينا وعلينا وعلينا....هل نحن متأخرون عن قطار بازل، أم أنّ هناك ما يمكن فعله غداً وبعد غد؟؟

المصدر : جنوبيات