بأقلامهم >بأقلامهم
وداعاً أيها الغساني "العجوز اسماً، الشاب فعلاً"
وداعاً أيها الغساني "العجوز اسماً، الشاب فعلاً" ‎الجمعة 2 12 2022 17:12 معن بشور
وداعاً أيها الغساني "العجوز اسماً، الشاب فعلاً"

جنوبيات

سألني صديق التقيته في كنيسة مار الياس (بطينا) في وطى المصيطبة في بيروت خلال تشييع الصديق العزيز الراحل غسان العجوز (أبو ميشال) عن سبب هذا الحشد الكبير من مودعي الفقيد الغالي على كل من عرفه..
أجبته، لم يكن غسان العجوز يوماً نائباً أو مرشحاً لنيابة، ولا وزيراً  ولا موظفاً كبيراً في إدارات الدولة، ولم يكن ثرياً يتقرب منه كثيرون، بل كان بكل بساطة رجلاً عادياً محباً لكل معارفه ومحبوباً منهم يتلهف لخدمة كل محتاج، ولنصرة كل مظلوم، وللدفاع عن كل حق وطني أو إنساني..
كان أبو ميشال صاحب محطة بنزين بجوار مخيم للفلسطينيين، وعلى مقربة من تمثال السياسي اللبناني اللامع المرحوم  حبيب أبو  شهلا الذي لا يغيب اسمه عن لسان غسان، وكانت محطته ملتقى العديد من أبناء العاصمة وكل لبنان من شخصيات سياسية ومواطنين عاديين يحرصون على سماع آراء (أبو ميشال) الصريحة والحكيمة والناصحة في واقع الحال ومستقبل الأيام، وعرف عن غسان العجوز انه لم يكن يجامل أحداً، بل يحظى باحترام الجميع بسبب صراحته المنزهة عن الأغراض وجرأته التي لا تهاب إلا الله..
في زيارة "منتدى غسان العجوز"، كما كنا نسمي محطة المحروقات التي يداوم فيها كل صباح ومعه ابريق القهوة الجاهزة، كنت تعرف آخر الأخبار من مصادرها الأصلية، وكنت تستمع إلى تحليلات ونصائح من علمته الأيام أهمية بيروت الموحدة كعاصمة للحرية والكرامة، وعن عظمة لبنان الواحد رغم صغر حجمه في عالم الثقافة والابداع..
كان هو المسيحي ديناً حبيب المسلمين من أبناء مدينته، وكان وهو البيروتي حبيب اللبنانيين من كل المناطق، وكان وهو المواطن العادي حبيب الكثير من أصحاب المواقع والألقاب، يستمعون الى حكاياته بشغف والى آرائه باهتمام، لأنه لم يعرف يوماً في مواقفه تعصباً دينياً او تزمتاً حزبياً أو نعرة طائفية..
كنت أقول له يا أبا ميشال: كم كان والدك معتزاً بانتمائه العربي حتى يسميك منذ عقود طويلة "بغسان" وكان يجيب ضاحكاً: انا أعتز بغسانيتي حيث العروبة تتجاوز كل الحواجز، وأود أن تعرف أن النائب والوزير السابق المرحوم نسيم مجدلاني قد أسس في ثلاثينيات القرن الماضي "منظمة الغساسنة" وأصدر جريدة "الغساسنة" التي لم تتوقف إلاّ بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، وذلك للتأكيد على عروبة المسيحيين في بلادنا ومنهم المفكرون والمناضلون والشهداء..
وداعاً أيها "الغساني العجوز" اسماً و "الشب" فعلاً

المصدر : جنوبيات