بأقلامهم >بأقلامهم
شيخ القرية.. وشرّ البليّة!
شيخ القرية.. وشرّ البليّة! ‎الخميس 29 12 2022 08:42 القاضي م جمال الحلو
شيخ القرية.. وشرّ البليّة!

جنوبيات

يُروى أنّه في قرية صغيرة وادعة، كانت تُرعى بقرة حلوب فاقع لونها تسرّ الناظرين. وكان أهل القرية يعيشون على حليبها الطيّب المذاق. 

وفي يوم من الأيّام، وبينما كانت البقرة تشرب من زير الماء، حُشِر رأسها بداخله، ولم تستطع إخراجه كونه دخل في حجرة ضيّقة من الزير. فأتى أهل القرية وراحوا يحاولون إخراج الرأس من الزير (وذلك للحفاظ على حياة البقرة بدون أذى من جهة، ومن جهة ثانية للحفاظ على زير الماء كي لا ينكسر). لكنّهم لم يفلحوا وباءت محاولاتهم بالفشل. عندها لجأوا إلى شيخ القرية (إيمانًا منهم بحكمته) ليحلّ لهم المشكلة. جاء الشيخ ونظر إلى البقرة والزير. "وبعد تفكير عميق وتمحيص دقيق" قال لهم: إقطعوا رأس البقرة. فامتثلوا لأمره وقطعوه. ثمّ قالوا : يا شيخنا ما زال رأس البقرة في الزير، ماذا نفعل؟ قال: إكسروا الزير،  فكسروه. ثمّ ذهب شيخ القرية بعيدًا وجلس حزينًا. فجاءه أهل القرية يواسونه، فقالوا له: "يا شيخنا لا تحزن، فداك البقرة، وفداك زير الماء". فنظر إليهم، (نظرة المتفاخر)، وقال لهم: "لست حزينًا، لا على البقرة، ولا على الزير، ولكنّي حزين، ماذا كنتم ستفعلون بدوني لو لم أكن معكم"؟! فهلّلوا وكبّروا  وقالوا : لا حرمنا الله من حكمتكم ورصانتكم يا شيخ الملاح! وأطال الله في عمرك. وصاروا يدعون له بالسلامة وطول العمر.(وشر البلية مايضحك).

وهنا أتساءل :

 كم هناك من أمثال هذا الشيخ في بلدنا؟! وكم يعيش على أراضينا ممّن يدّعون الحكمة والمعرفة الخنفشاريّة؟!
وكم، وكم نمتلك مهارات ممّن يجترحون الحلول، ويزينون بالمكيول، ويقدرون على مقياس ريختر لرصد هزّات البلد على الصعد والمستويات كلّها؟

أيّها المسؤول، هات أخبرنا؟!
أجارنا الله من ذلّ السؤال، وفحوى الجواب "على ذاك المنوال"!... 

المصدر : جنوبيات