بأقلامهم >بأقلامهم
من تحت الدّلف لتحت المزراب
من تحت الدّلف لتحت المزراب ‎الاثنين 30 01 2023 08:34 القاضي م جمال الحلو
من تحت الدّلف لتحت المزراب

جنوبيات

إنّه مثل شعبيّ قديم ويُطلق على من يخرج من حال الضّيق إلى حال أضيق منه، أو يخرج من مأزق صغير فيقع في مأزق أكبر منه. 

وكلمة الدلف كلمة شائعة بالعامّيّة وتعني تساقط ماء المطر من سقف البيت نتيجة خلل في السّقف. 
أمّا المزراب فهو عبارة عن أنبوب معدنيّ يُسمّى بالعامّيّة (قسطل) مفتوح من الجهتين يُركّب على أسطح المنازل لصرف مياه الأمطار وإبعادها عن سقوف الجدران لحمايتها من التخريب. 
فالمزراب لا يعدو عن كونه مصرفًا هوائيًّا يصرف المياه الهواء عن طريق الانحناء نزولًا. 
وهذا المثل يعيدنا بالذاكرة إلى أيّام خلت، يوم كانت الأمطار تتساقط بغزارة وكانت أسقف المنازل من الطين ولا تصمد كثيرًا إذا طالت فترة سقوط الأمطار. ومن أجل ذلك كان أصحاب البيوت القديمة في أواخر أيّام الصيف وبداية الخريف يضعون ما يُسمّى (بالحماية من تسرّب الماء) على أسطح المنازل لحفظ السقوف الداخليّة، وكانت "هذه العمليّة تتمّ بفرك الصّوف الصخريّ فوق الأسطح، ثمّ صبّ الإسمنت فوقها" ويجري وضعها بحالة مائلة قليلًا باتّجاه المزراب ما يُسمّى بالعامّيّة (بالسّرود). فيقوم هذا الصوف الصخريّ بعزل الأسطح تمامًا وحمايتها من تسرّب المياه بشكل كامل. 
ولمّا كانت الشوراع والأزقّة ضيّقة كان المشي فيها أثناء المطر مغامرة تحتاج الى حنكة ودراية ورشاقة لتجنّب تلك الشلّالات المنحدرة من المزاريب في كلّ مكان. 
ولإسقاط هذا المثل الشعبيّ على واقعنا المزري بأن يهرب المرء من الدلف فيقع تحت المزراب. فإنّ هذا الشعب وبتدبير المتسلّطين وبتقصير من لدنه، فإنّه يهرب من مشكلة فيقع في مشكلة أكبر. 
وصدق الزعيم عادل إمام أمدّ الله في عمره عندما قال (في فيلم مرجان أحمد مرجان): "لقد وقعنا في الفخّ".
تولّانا الله برحمته وأجارنا من الأعظم!

المصدر : جنوبيات