يحتفلُ العمال والموظّفون في لبنان اليوم بعيدهم. عيدٌ يحلّ حزيناً ومُثقلاً بالهموم والخوف من المُستقبل المجهول الذي رُسم لهم عن سابق تصوّر وتصميم.

في هذا اليوم تماماً كسائر المُناسبات “الوطنيّة” الأخرى، ينشط السياسيّون على “تويتر” أكثر من نشاطهم الحقيقي في وظائفهم ومناصبهم “الشّاغرة”. يُحيّون العامل اللبناني بكلماتٍ وعباراتٍ فصيحة وصورٍ وأشعار. ولكنّ الحقيقة هي أنّهم في هذا اليوم بالذات يستحقّون عبارة “يعطيكن العافية”… نابعةً من القلب!

“يعطيكن العافية” على تعبِكم وجهدِكم الاستثنائي في مجلسي الوزراء والنوّاب والوزارات التي تشغلونها، وعلى عدم تفويت الاستحقاقات المهمّة في البلد، وعلى احترام المهل، وصون كلّ كلمة في الدّستور.

“يعطيكن العافية” على كلّ “المشاريع” التي “تُخطّط” للبنان عن حقّ، ونعني بذلك طبعاً المشاريع الداخليّة من بنى تحتيّة وطرقات و”مترو” ومؤسّسات تربويّة ومُستشفيات متطورة تُعيد لبنان جامعة ومستشفى الشّرق. 

“يعطيكن العافية” على الأمان الذي تعيشه عُملتنا الخضراء الأبيّة الذي انعكس ازدهاراً في الاقتصاد والتجارة والحركة المصرفيّة، وتظهَّر جليّاً في تسابق كبار التجّار والمُستثمرين في العالم لحجز مكان لهم في سويسرا الشرق، لبنان.

“يعطيكن العافية” على المستوى المعيشي الممتاز الذي نعيش فيه. علامَ عسانا نقلق؟ على تعليم أولادنا المجانيّ؟ أم على ضمان آخر الخدمة الذي يؤمّن شيخوخة مُحترمة؟ أم على الطبابة المُتاحة للجميع؟ أم على تعويضاتنا في المصارف التي تدوم للأجيال القادمة؟ أم على القدرة الشرائيّة للمواطن اللبناني التي تجعله في حيرة من أمره في نهاية الشهر… أين يصرُف ما تبقّى له من راتبه؟

“يعطيكن العافية” أيضاً على الأرقام التي يحقّقها مطارنا، وعلى مشاهد الفرح ودموع البهجة في جناح المغادرة.

أما أسمى ما قد يُقال لكم في هذا اليوم، فهو من عمّال لبنان الذين لا وقتَ لديهم للتغريد على “تويتر” مثلكم، فهم يعملون في هذا اليوم، يومهم، في أكثر من وظيفة ومهنة ودوام لتأمين القليل القليل. 

منهم ومنّا نقول لكم: “يعطيكن ألف عافية”، أثقلتُم كاهلنا كثيراً، حتّى انحنت رؤوسنا أرضاً ليس تعباً، وإنما شعوراً بالعار منكم. 

في عيدنا نقول لكم أيضاً: أنتم موظّفون لدينا…”روحوا عملوا شغلكن”!