بأقلامهم >بأقلامهم
"جامعة بلا أسوار"!
"جامعة بلا أسوار"! ‎الثلاثاء 18 07 2023 09:34 القاضي م جمال الحلو
"جامعة بلا أسوار"!

جنوبيات

إنّها قصّة حقيقيّة من صميم الواقع المعاش، حيث تتداخل الأشياء، وتختلط الأسماء، وينضب جدول الماء، ويتحيّر العلماء، ويتفكّر الحكماء، ويرتع الجهلاء، وتتظاهر بكنهها الفحشاء، ويصبح العلم والجهل على حد السواء، إلى أن يكشف عنّا الغمّة ربّ السماء!

يُحكى أنّ جامعة أسيوط في مصر المحروسة كانت بلا أسوار، حيث كان يمرّ عليها (العربجيّة) اختصارًا للطريق.
والمعروف أنّ العربجيّة هم أصحاب الحمير التي تجرّ العربات لنقل الركّاب وبعض الحاجيّات. 
وبسبب هذه الحالة الشاذّة علت الصرخة، وتذمّر الأساتذة وذهبوا إلى رئيس الجامعة (د. سليمان حزين)، "وهو أوّل رئيس لجامعة أسيوط، وأصبح بعدها وزيرًا للثقافة وكان رجلًا بليغًا".
وقد أعلن الأساتذة الجامعيّون عن سخطهم ممّا يحدث في الجامعة متسائلين: هل من المعقول أن تمرّ عربات تجرّها الحمير داخل حرم الجامعة؟ 
 وقد قدّموا عريضة يشكون فيها: "أنّ العربجيّة والحمير يدخلون الجامعة، وهو شيء يؤذي أكاديميّتهم".
 وقد كان د. سليمان يتبنّى رؤية فريدة في ذاك الوقت، شعارها: "جامعة بلا أسوار"، إذ أصرّ على عدم إقامة أسوار تفصل الجامعة عن المحيط الاجتماعيّ لمدينة أسيوط. بمعنى أن تكون شوارع الجامعة مجرّد امتداد جغرافيّ لشوارع المدينة.
فقال لهم: "ليس مهمًّا أن تدخل الحمير الجامعة، المهمّ هو ألّا تخرج منها بشهادة جامعيّة".
هذا وقد صدق الزعيم عادل إمام في مرافعته المشهورة حين قال: "ماذا أقول بعد كلّ ما قيل، وما أكثر ممّا يقال، وقد قال القائل: "وربّ قول قيل في قول ولكن القول لا يقال".
فاعتبروا يا أولي الأبصار!

 

المصدر : جنوبيات