لبنانيات >أخبار لبنانية
المفتي سوسان في رسالة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة: نتعلم منها أن الظلم والطغيان مهما اشتد إلى انتهاء واندحار
المفتي سوسان في رسالة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة: نتعلم منها أن الظلم والطغيان مهما اشتد إلى انتهاء واندحار ‎الثلاثاء 18 07 2023 15:31
المفتي سوسان في رسالة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة: نتعلم منها أن الظلم والطغيان مهما اشتد إلى انتهاء واندحار

جنوبيات

لمناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة وجه مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان كلمة قال فيها :  

يطل علينا عام هجري جديد (العام 1445هـ) فيذكرنا بحدث من أهم أحداث السيرة النبوية العظيمة هجرة رسول الله ﷺ وأصحابه الكرام التي غيرت مجرى التاريخ وبدلت أحوال العالم، وكانت بارقة الأمل لنور عَمَ بعد طول ظلام، وعدل ساد بعد طول ظلم، هذه الهجرة كانت تنفيذا لأمر الهي لا بد من طاعته واحتمال المشاق من اجل تنفيذه، هذه الهجرة لم تكن من اجل مكسب دنيوي، ولا رغبة في متاع زائل بل كانت لنصرة دين الله تعالى، واعلاء كلمته، وافساح المجال لهذه الدعوة الوليدة كي تشرق شمسها ويسطع نورها على العالم فتبدد الظلمة نورا وضياء، والجهالة معرفة وحلما، والتخلف علما وحضارة، و تعود على الإنسان عدلا و رحمة و عزة و حرية و كرامة .
وأضاف: في ذكرى الهجرة المباركة لا بد ان نذكر تلك اللحظات العصيبة التي مرت بالنبي ﷺ ليلة الهجرة وكيف احاط به صناديد قريش يريدون قتله في خطة محكمة لا تقبل الفشل بكل مقاييس البشر ، ولكن عندما تتعارض ارادة الله عز وجل مع ارادة البشر تنقلب كافة الموازين وتطيش صنوف الكيد والمكر والخداع التي يتمتع بها الدهاة وتصبح هباء منثورا.. اضطره ﷺ عناد قومه وتآمرهم عليه وتعنُّتهم أمام دعوته، إلى الخروج، ولكن الحق أراد بهذا الخروج هدفاً آخر غير الذي أراده الكفار، فهم أرادوا قتله، وحين خرج ظنوا أن دعوته سوف تختنق بالعزل عن الناس، فأخرجه الله لتنساح الدعوة، وأوضح لهم سبحانه: أنتم تريدون إخراج محمد بتعنتكم معه، وأنا لن أمكنكم من أن تخرجوه مخذولاً، وسأخرجه أنا مدعوماً بالأنصار.
وتابع المفتي سوسان : خرجِ النبيّ الكريم صلوات الله وسلامه عليه مع صاحبِه الصدّيق رضي الله عنه مهاجرَيْن من هذا الحِمى المبارَك والحرمِ الآمِن والأرضِ الطيّبة ، وقف الرسول ﷺ مع صاحبه الصديق على ربا مكة المكرمة مؤثرًا رِضَا ربِّه وطاعةَ خالقِه ومصلحةَ دينِه ونشرَ عقيدتِه ، واكرمه الله تعالى في المدينة المنورة  برجال احبوا الله ورسوله، واحبوا احبابه، واحبوا من نصر دينه، فتميزوا بالايثار طائعين منقادين، بذلوا الاموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته، فنالوا رضى الله عنهم وخلد ذكرهم في القرآن الذي يتعبد المسلمون بتلاوته الى آخر الزمان· هؤلاء الذين سبقوا الى الايمان والهجرة والنصرة رضي الله عنهم بسبب طاعتهم له وانابتهم اليه وخشيتهم منه ورغبتهم فيما لديه فاوجب الله لجميع اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والرضوان وشرط على التابعين ان يتبعوهم باحسان· 
وقال: الهجرة حدث غير مجرى التاريخ حمل في طياته معاني الشجاعة والتضحية والاباء والصبر والنصر والفداء والتوكل والقوة والاخاء والاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء. لقد كانت هجرة  رسول الله صلى الله وعليه وسلم الى المدينة المنورة كانت سعياً حثيثاً لإقامة مجتمع جديد ، مجتمع إسلامي وبناء أمة وإنشاء دولة جديدة تقوم على الربانية والإنسانية والأخلاقية والعالمية ، ومنطلقا لنشر الدعوة في أرجاء الجزيرة العربية والبلاد المجاورة لتحرير الانسان من عبودية المال والاشخاص والشهوات، ليسود العقل والعدل  والاحسان، وترتفع رايات الايمان والاسلام والسلام، ويضيء نور الهداية والتوحيد امام جميع الخلق ويزول الشرك  فلا يُعبد الا الله الواحد الاحد الفرد الصمد المنفرد بالجلال والكمال.
وأضاف: يجب ان نتعلم من ذكرى الهجرة النبوية أن الظلم والطغيان مهما اشتد وتناهى فإنه إلى انتهاء واندحار ، فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يستسلم للباطل أو أن يدب اليأس والقنوط إلى نفسه. وإنما عليه أن يصبر ويصابر وأن يأخذ بالأسباب المتاحة أمامه معتمداً في ذلك كله على ربه وخالقه لاجئاً إليه متوكلاً عليه مفوضاً الأمور كلها إليه جل وعلا. فإن من توكل على الله كفاه، ومن لاذ به حماه، ومن استنصر به نصره ووقاه وإن خذله أهل الأرض أو كادوا به. 
وختم المفتي سوسان : اسأل الله تعالى ان يجعل هذا العام الهجري الجديد عام خير وعز ونصر لأمة الاسلام وان يجعل النصر حليفها وان يبدلها من عسرها يسرا ومن ضيقها فرجاً ونصراً وان يجعل خير اعمالنا خواتيمها، وخير اعمارنا اوآخرها، وخير أيامنا يوم نلقاك، واغفر لنا يا ربنا كل الذنوب والخطايا والسيئات يا ارحم الراحمين.

المصدر : جنوبيات