عام >عام
رحاب أبو الحسن أغمضت عينيها.. وفلسطين لا تزال بوصلتها
رحاب أبو الحسن أغمضت عينيها.. وفلسطين لا تزال بوصلتها ‎الاثنين 1 02 2016 11:16
رحاب أبو الحسن أغمضت عينيها.. وفلسطين لا تزال بوصلتها
رحاب ابو الحسن

هيثم زعيتر:

تُغمض الزميلة رحاب أبو الحسن عينيها، وترحل...
تعود الى بتخنيه في الجبل الأشم، التي أبصرت فيها النور.. هكذا هو القدر، خطَّ مسيراً بين الولادة والرحيل.. لكن هذا الخطّ يرسم فيه الإنسان شخصيته وصفته، وليس ضرورياً أنْ يكون الإسم الذي اختاره له الأهل مطابقاً..
لكن رحاب أبو الحسن جمعت كل شيء في شخصها، من الإسم، الذي اتصف بالترحاب والاستيعاب واتساع الصدر، لتكون قدوة وعوناً في العمل والحياة..
هي إبنة عائلة أبو الحسن، المناضلة، العروبية، التي زادت من المسؤوليات الجسام على الزميلة رحاب..
هي كريمة عائلة ربّتها على قول الحقيقة الصادقة، حتى لو كانت على أقرب المقرّبين..
هي إبنة مدرسة كمال جنبلاط، التي آمنت بالوحدة العربية، وبوصلتها الأسمى، قضية فلسطين..
العزيزة الراحلة رحاب، رفيقة درب إعلامي طويل يعود إلى ما يقارب الـ3 عقود من الزمن..
كانت البداية في «صوت الجبل» يوم كانت تتولّى التنسيق في إيصال الرسائل بين المناطق والإذاعة في الجبل، لتعذّر الإتصال.
وذات ليلة وفي حفل أقامته «إذاعة صوت الجبل» في الشبانية، قُطِعت طريق الكحالة بفعل الأحداث المتكرّرة، وتقطّعت بنا السُبُل في العودة إلى بيروت، ومنها كل إلى منطقة إقامته، وكانت نخوة الزميلة رحاب أنْ استضافتنا بُعيد منتصف الليل في منزل العائلة العريق في بتخنيه، وهي لم تكن تحمل مفتاح المنزل، لأنها لم تفكّر أنّ السُبُل ستتقطّع بنا ونضطر للمبيت في منزل العائلة، وهي بالأساس لم تكن بحاجة إلى حمل المفتاح، لأنّها ستجده في مكان محدّد عند مدخل المنزل، وهذه هي عادات أهل الكرم.
في تلك الليلة بحضور عدد من الزملاء، جرى تداول واقع الصحافة، وبادرتُ إلى سؤالها عن إمكانية الكتابة في «اللواء»، فوافقت، قبل أنْ أنقل الفكرة إلى رئيس تحرير «اللواء» الأستاذ صلاح سلام، الذي قرّر ضمّ رحاب إلى أسرة «اللواء»، وهكذا كان، وبقيت في «اللواء» إلى أنْ وافتها المنيّة.
عقود مرّت، لم تتغيّر فيها رحاب، منذ أنْ عرفتها، بل بقيت متميّزة في عملها، واثقة من نفسها، صادقة في زمن كَثُر فيه الرياء.. متواضعة في مرحلة أصيب فيها الكثيرون بالغرور.. واقعية في زمن التزوير.. صريحة على الحقيقة، تقول كلمتها من دون خجل أو وجل.. وتُوصل رسالتها بشفافية، تحاور، تُقنع، أو تقتنع، وإن كان التباين، فاختلاف وليس خلافاً..
تلك هي الأخت العزيزة رحاب، التي نفتقد أمثالها في هذا الزمن، الذي زاد من معاناتها التشرذم العربي، وهي التي كانت تنشد الوحدة..
ترحل وعيناها كانتا شاخصتين إلى ذلك المكان الذي عشقته دون أن تولد فيه أو تزوره.. إلى فلسطين، التي ما زالت ترى فيها بارقة الأمل في زمن التجزئة في البلاد العربية..
هناك حيث يُقاوم الأبطال بالحجارة والسكاكين والدهس آلة القتل الصهيوني، فيصنعون مجدّداً فجراً جديداً للأمة..
عندما تُبادر إلى الاطمئنان عن صحّتها، تبادرك للسؤال عن صحتك والعائلة وأرض الرسالات السماوية، التي ناضلت من أجلها، كلمة وموقفاً وقضية..
هكذا هي الأخت العزيزة رحاب، التي تبادرك إلى التحية.. وتودّع بالسلام..
سنبقى نذكر رحابة صدرك ومواقفك المستمدة من قناعاتك الصادقة..
هنيئاً لك أنك ترقدين في الجبل الأشم، وتُحاكين جبل الشيخ والجليل، ومنهما تسمعين دبدبات الصامدين في قدس الأقداس.