الخميس 9 شباط 2017 10:19 ص

"الأسير".. في صيدا مجدداً!


في أواخر شهر حزيران من العام 2013، بلغ تجييش الإرهابي الموقوف أحمد الأسير على الجيش اللبناني ذروته مع إعتداء عناصره على العسكريين وقتلهم لضابط على أبواب عبرا. لم يقف الجيش مُتفرجاً يومها بل فتح نيرانه على الجماعة ليخمد ألسنتها مع الإطباق على "مربع عبرا الأمني" وبالتالي إستئصال الحالة الأسيرية التي إنتقلت إلى نموذج العمل الأمني السري.

تشتّت أنصار "الشيخ المتطرف" بين من تم إيقافهم، أو فرارهم أو التخفي في مخيم عين الحلوة أو حي الطوارئ أو الإنضواء تحت رايات "جهادية" أخرى أو تنفيذهم لعمليات إرهابية أو مبايعتهم لتنظيم "داعش"، لتذهب الحالة أدراج الرياح. قبل فترة وجيزة ظهر من يريد "نبش القبور" بُغية إسترجاع الحالة مُجدداً مستغلاً مواقع التواصل الإجتماعي وربما إعادة سوغها وتفعيلها، تماماً كنموذج الأسير نفسهُ الذي جعل من منبر "الفايسبوك" منصة للترويج له وجماعته والتهجم على كل من يخالفه الرأي.

مونتاج، فيديوهات مصنوعة بطريقة محترفة، صور، مشاهد "بروباغندا أسيرية"، مواد تنشر على صفحة فايسبوكية تحمل اسم "الكرامة اولاً" يُقال أنها الوليد الثاني لصفحة "مسجد بلال بن رباح". ذاع سيط الصفحة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد إلقاء القبض على "إنتحاري مقهى الكوستا"، عمر العاصي، الذي كان يوماً من مبايعي الشيخ الأسير، ومع بدء سطوع نجم الشيخ "م." الذي ينظر إليه على أنه إمتداد لـ"الأسير" فكرياً، ينظر إلى الصفحة على أنها تروج له كبديل مؤقت للشيخ الموقوف.

إنتهجت الصفحة نفس الإسلوب التسويقي الجدلي دامجةً بين نشر الأخبار الجهادية المتعلقة بجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) وأميرها أبو محمد الجولاني، ومسلسلات التحريض على الجيش اللبناني من بوابة الموقوفين الإسلاميين أو حراكه ضد الجماعات الأصولية، دون أن تسقط عن نفسها نموذج "إختلاق الأكاذيب الإعلامية" التي برع فيها الأسير على مواقع التواصل التي لا تبدأ بنشر خبر عن إعتقال شقيق زوجة الشيخ الأسير محمد شمس الدين علماً ان الرجل متوفي منذ أكثر من سنة، ولا تنتهي بإختلاق مسرحيات ومواضيع وهمية ذات أبعاد طائفية فقط من أجل شد العصب المذهبي وتجييره في سياق محدد، وهو نفس إسلوب الذي إستشهر به الشيخ الأسير. 

بدى لافتاً الفيديو الذي نشر يوم السادس والعشرين من الشهر الماضي على الصفحة وحمل عنوان "نصرة للمظلوم عمر العاصي ولفضح مسرحية الحمرا المفبركة" الذي تضمن "أدلة قطعية" هدفها دحض رواية توقيف الإنتحاري وتحويله من متورّط في عمل إرهابي إلى ضحية. 

الذي يُشاهد الفيديو يمكنهُ رصد بدقة الكم الهائل من عملية التجويف المقصودة لسياق العملية لا بل تحويرها والإنطلاق من تلك "التحويرات" نحو إستجواب الأجهزة الأمنية وجعلها موضع شك وإستهدافها بسياق طويل من الأسئلة المختلقة، لا ترى فيها مصادر إلا نماذج من تلك التي كان الأسير يستخدمها يوماً.

التماهي في نفس الأسلوب يفتح الباب أمام الإعتقاد من أن الذي يقف خلف هذه الصفحة اليوم، كان يعمل في المجموعة الإعلامية المدرّبة التي أعدها الشيخ تحت إسم "صفحة مسجد بلال من رباح" سابقاً، لا بل أن مراقبون يذهبون في الإعتقاد بأن هناك مجموعة محترفة تدير الصفحة إما من تركيا التي لجأ إليها العشرات من أفراد المجموعة الفارين، أو من أخرى مشكلة من المتوارين موجودة داخل مخيم عين الحلوة أو من الاثنين معاً.

التعبئة الطائفية والتجييش على الجيش اللبناني ورمي الإتهامات ذات الطابع العدائي بالاضافة إلى تناقل المنشورات وعملية التوجيه الواضحة والدقيقة لأنصار الشيخ من خلال أرشادهم نحو التحركات، يظهر الغاية المرجوة من وجود مثل هذه الصفحة التي يمكن تصنيفها على أنها "إطار نشاطي – دعائي جديد" للجماعة التي إستئصلها الجيش عام 2013، وتعاود الظهور بنمط لا يقل خطورة في العام 2017.

وبناءً على كل ما ورد اعلاه، يُصبح من الواجب على مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية بدء عملية تقصي حقائق حول من هو ضالع في نشر واستخدام ودعم الصفحة واتخاذها منبراً للدعاية الاعلامية لشخص يقبع خلف القضبان بتهم تتعلق بهدر دم الجيش اللبناني والتحريض طائفياً على ابنائه تحت راية منظمات جهادية تكفيرية باتت عدوة رسمية للبنان.

المصدر :ليبانون ديبايت