![]() |
الجمعة 28 شباط 2025 07:09 ص |
من صَومِ الإنسان إلى قيامة لبنان! |
* جنوبيات
«صوموا تصحّوا»، فليس صدفةً أن يتزامن الصومُ الكبيرُ مع شهر رمضان هذا العام، وكأن الأقدارَ ترسمُ لنا مشهداً نادراً تجتمع فيه الأرواحُ على السّموِّ، على الرغم من الاختلاف والتضاد، وتتوحّدُ النوايا على الرغم من تباين الآراء. في هذا الشهر المبارك، يتخفّفُ البشرُ من أثقال الجسد ويتّجهون إلى غذاء الروح، إلى لحظات التأمّل والسكينة، إلى امتحان الصبر والمغفرة، فلماذا لا تنعكس هذه الشراكة في السياسة أيضاً؟ ولماذا لا يكون للسياسة صيامُها؟ فتتخلّى عن الشهوةِ المفرطة للسلطة وعن الانقسام الذي يقتاتُ على الكراهية، والمزايدات التي تلتهم الحقيقة؟ لماذا لا يدخل الساسةُ إلى محراب الضمير، فيكبحون جموحَ الأهواء في اعتناق الفساد فالصَّوم كما دعت إليه الأديان السماوية، لم يكن يوماً امتناعاً عن الطعام فحسب، بل هو لحظةُ صدقٍ مع الذات، واختبارٌ لنقاء النفس وسط صخب الحياة.
كذلك السياسة، لا بد أن تكون لحظة صدقٍ مع الشعوب، لا لعبة مصالح تبيعهم في سوق المساومات.
عهدٌ تحمل فيه الرئاسة بُعداً مختلفاً، أقربَ إلى روح الصيام، حيث لا ضجيجَ ولا استعراض، إنّما عملٌ بصمتٍ وصبرٍ وإيمانٍ بأنّ المسؤولية الحقيقية ليست امتيازاً بل شرفاً وتضحيةً، وثباتاً وسط العواصف.
فالمملكة ليست مجرد دولةٍ شقيقةٍ، بل هي قلب العالم العربي وقُبلتُه وواجهة الإسلام التي تحتضن الحرمين الشريفين.
وفي هذا الشهر المبارك، حيث تسمو النفوس وتتجدّد النوايا، تأتي هذه الزيارة لتؤكّد عمق العلاقة بين لبنان والمملكة، وتعكسُ مسعى الرئيس عون نحو تعزيز الروابط العربية، في زمنٍ يحتاج فيه لبنان إلى عمقه العربي أكثر من أي وقت مضى.
عسى أن يكون بدايةً لصومٍ حقيقيٍّ، فيتجلّى للسياسةِ رمضانُها وللزكاةِ ألقُها وللأمّةِ قيامتُها... المصدر :جريدة اللواء |