عندَ الفجرِ...
عَلَتْ أصواتُ الهُديلِ الحزينِ ..
والمآذنُ نادتْ بصوتٍ مُتهدّجٍ ..
تهتفُ: حيَّ على الصلاة...
حيَّ على الفلاح...
ثم همستْ: حيَّ على الجهاد ..!
أجراسُ الكنائسِ قُرِعتْ بشوقِ النور ..
وشقشقةُ عصافيرِ الصباحِ ..
نسجتْ نداءَ القيامةِ من جديد...
لكنَّ الناسَ من حولكَ...
ما زالَ بعضُهُم في غفوةِ النسيانِ نيام...
***
يا ابنَ القدسِ...
لكَ وحدكَ أن تعود...
إلى حيثُ تنتمي الروحُ ..
إلى حدودِ العزِّ والكبرياءِ ..
حيثُ ترتقي متى شئتَ ..
وتُحلّقُ كما تشاءُ...
الأرضُ تُناديك ..
والسماءُ تنتظرُ خطاك...
***
لكَ أن تعود...
إلى مصلّاكَ الأولِ ..
إلى محرابِ شوقِكَ ..
كيفَ، ومتى تشاءُ...
لكَ المسجدُ حينَ يكبرُ النداءُ ...
لكَ الكنيسةُ حينَ يكتملُ الرجاءُ ...
لكَ الشمسُ حينَ تستيقظُ الحقيقةُ ...
لكَ الظلُّ حينَ يحتدمُ الضياءُ ...
لكَ الريحُ إن ثارتْ ..
لكَ السحابُ إن بكى ...
لكَ الصحوُ والمطرُ ...
لكَ أسرابُ الحمامِ ...
تُحلّقُ فوقَ المآذنِ والقباب ...
تُحلّقُ باسمكَ، وتحطُّ حيثُ تشاء...
***
لكَ كلُّ ما في القدسِ...
من ترابٍ، من حَجَرٍ، من هواءِ ...
من رُوحٍ متقدةٍ لا تموت ..
لكَ كلُّ مقدّسٍ فيها ..
لكَ الأمنُ إن استعدتَ الأمان ...
لكَ السلامُ إن شئتَ السلام...
***
لكَ ماضيكَ الزاهي..
الموشومِ على جدرانِ الوقت ..
ولكَ الحضورُ في كلِّ زاويةٍ ..
في الظلالِ، في الأسوار،
في الزهوِ، في التاريخِ
المزخرفِ بآياتِ المجد،
لكَ الخُطبُ،
والأسفارُ،
والأشعارُ،
لكَ الألوانُ كلُّها،
كما يشتهيها ضوءُ النصر...!
***
ولكَ الحاضرُ الثقيلُ ..
المثقلُ بخطايا الصمتِ ..
لكَ المستقبلُ الواعدُ ..
كصلاةٍ لا يُؤجَّلُ وقتُها ..
لكَ الصمودُ ..
وحقُّ المواجهةِ ..
وشرفُ الجهادِ والرباط...!
***
لكَ كلُّ حدودِ الكبرياءِ ..
لكَ الرفضُ،
ولكَ الإباءُ،
لكَ المجدُ،
لكَ الشهادةُ،
لكَ الفخرُ،
ولكَ النصرُ...
لكَ كلُّ الكبرياءِ،
يا ابنَ القدسِ...
يا وُجهةَ السماء ...!
د. عبد الرحيم جاموس
12/4/2025 م
Pcommety@hotmail.com