أكد المُحلل السياسي الصحافي اللبناني داود رمال على أن "بعض من يحمل شعار المُقاومة في فلسطين، يُساعدون الاحتلال ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو على تحقيق غايتهما، من خلال تنفيذ أجندات خارجية، لا تخدم القضية الفلسطينية، كما لم تخدم لبنان".
وقال الصحافي داود رمال في حوار مع الإعلامي هيثم زعيتر، ضمن حلقة برنامج "من بيروت"، على شاشة تلفزيون فلسطين، حول "الاحتلال الإسرائيلي يُواصل حرب الإبادة الجماعية": "الرهان على المُجتمع الدولي بوقف المجازر بحق الشعب الفلسطيني في غير محله، لأن يد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مُطلقة في ارتكاب المجازر، فخطته واضحة بالتضييق على غزة لدفع أهلها نحو التهجير، وأيضاً المُخاطر تزداد على الضفة الغربية، والقدس، بمزيد من التهويد وقضم الأراضي، وكذلك في سوريا ولبنان، كما نرى الضغط المالي والاقتصادي على مصر، لإجبارها على قبول تهجير الفلسطينيين إليها، والأمر ذاته بالنسبة للأردن".
ورأى أن "استهداف أماكن العبادة المسيحية في فلسطين، يهدف من خلاله الاحتلال إلى تهجير المسيحيين، على غرار ما حدث في الوطن العربي، لتسهيل عملية التهويد، والأمر ذاته باستهداف المسجد الأقصى، ورأينا ما تعرض له الشهيد الرئيس ياسر عرفات "أبو عمار"، من مُضايقات، ولكنه تمكن من إقامة الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين، والاحتلال يُريد الانقضاض على ما تبقى من "اتفاق أوسلو" واضعاف السلطة الفلسطينية"، مُشيراً إلى أن "هناك مُحاولات جدية خاضتها القيادة الفلسطينية، لتحقيق المُصالحة الفلسطينية، كي تضم "مُنظمة التحرير الفلسطينية" القوى الفلسطينية التي هي خارجها، ولكن هناك منطق عقائدي وإيديولوجي لحركة "حماس" يتعارض مع مفهوم الدولة، يسعى للإمساك بكل مقاليد الحكم الفلسطيني، وإن كان ذلك يُؤدي إلى إجهاض أحلام الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، و"حماس" كانت خلال الحرب على غزة على تواصل مُباشر مع رجل أعمال إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية للتنسيق مع الاحتلال، وكلما فتح باب للتفاوض مع الكيان الإسرائيلي لإعادة الأسرى تُبادر "حماس" لذلك، مُتغاضية عن شهداء الشعب الفلسطيني، لكن في النهاية فإن "حماس" لن تجد ما تُفاوض عليه مع الاحتلال، ونتمنى أن تقتنع "حماس" بأن الملاذ لها، هو "مُنظمة التحرير الفلسطينية"، ولا يُمكن الاستمرار بحكم ما تبقى من غزة".
ورأى رمال أن "هناك تماهي بين "حماس" والكيان الإسرائيلي، ونراه خلال الانتخابات بقيام الاحتلال باستهداف وإلقاء القبض على قيادات الحركة، لحشد جمهورها في الانتخابات، وهناك مساعي لحركة "حماس" لاستقدام أسلحة للضفة الغربية عبر الأردن، وتعميم الفوضى لإضعاف السلطة الفلسطينية، من هنا نرى استهداف مقرات السلطة والأجهزة الأمنية الفلسطينية ومُحاولات شيطنتها"، مُوضحاً بأن "هناك تحالف بين الإيدلوجية "الإخوانية" مع الإيدلوجية "المهدوية"، بين "حماس" وإيران، مع الإيدلوجية "التلمودية"، والأخيرة هزمت الأيدولوجيتين "الإخوانية" و"المهدوية"، وهذا الأمر مُفيد للشعب الفلسطيني، لأن انتصار الأيدولوجيتين "الإخوانية والمهدوية"، كان سيُؤدي إلى صراع مذهبي بينهما، ولو لم يحدث الانقلاب في غزة لما رأينا تحقيق الحلم الإسرائيلي بقضم الأراضي في غزة ولبنان وسوريا، وكل حراك سيخرج في غزة سنرى حركة "حماس" تعمد إلى "شيطنته"، بالقول أن السلطة تتماهى مع الاحتلال، والعكس هو الصحيح، لأن "حماس" بما قامت به من "طوفان الأقصى" هي التي تتماهى مع تحقيق أهداف الاحتلال بالتهويد وقضم الأراضي".
وأوضح أن "هناك ضغوط أميركية هائلة لضم ما تبقى من دول عربية للاتفاقات الإبراهيمية، لكن موقف المملكة العربية السعودية مُتقدم، بأن ذلك مُمكن في حال تم تحقيق حل الدولتين، والدفع السعودي يُعطي مصداقية أكبر للنوايا العربية بأنها تُريد الذهاب إلى تحقيق السلام العادل والشامل من خلال مبدأ الأرض مُقابل السلام، الذي يُؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، والرهان على السعودية لتحقيق ذلك، لأن دول الطوق العربي مُفككة، والمملكة العربية السعودية تستطيع فرض الحل، وهي التي حققت انجازاً بعقد القمة العربية - الإسلامية في الرياض، وضمت الدول التي لا تعترف بالكيان الإسرائيلي، وعلى رأس هذه الدول إيران، وصدرت مُقررات بالإجماع، أكدت على الذهاب للسلام العادل والشامل، وحق إقامة الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، وإذا نجحت المُفاوضات الأميركية - الإيرانية، سيتم ضم إيران إلى المشاريع الاقتصادية في المنطقة، وهي التي أعلنت خلال القمة أنها مع ما يُقرره الجانب الفلسطيني".
ووجه رمال التحية إلى "المرجعية العراقية في النجف، السيد علي الحسيني السيستاني، الذي حرم السلاح خارج العراق، وما نراه اليوم من تسليم "الحشد الشعبي" لسلاحه للجيش العراقي تحقيق لذلك، ونأمل أن نرى ذلك في لبنان، فعقد القمة العربية المُقبلة في العراق، يعني عودته للحضن العربي بالكامل، والتخلص من الهيمنة الإيرانية، بعد سقوط الشعارات السابقة، واليوم إيران تتغزل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وديمقراطيته، ونحن يحز في نفسنا كأهل الشهداء في لبنان ذلك، وعلينا الوعي وأن نُراهن على قمة بغداد لإعادة القضية الفلسطينية للعرب وعدم التدخل الإيراني في هذا الأمر".
وأمل أن "يكون الاعتراف الفرنسي المُرتقب بالدولة الفلسطينية، فاتحة لاعتراف شامل من الدول كافة بفلسطين، خاصة الدول الأوروبية، وترجمة ذلك بعضوية كاملة لفلسطين في الأُمم المُتحدة، فضلاً عن موقف الفاتيكان والبابا فرنسيس، الداعم للشعوب، خاصة الشعب الفلسطيني، وهو يلعب دوراً أساسياً في رفع الحصار عن إيران وإقامة علاقات مع الولايات المُتحدة الأميركية، ويُمكنه لعب دور حاسم لصالح القضية الفلسطينية، وتدويل القدس ضمن آلية حل الدولتين، وإذا استطاع الفاتيكان بدبلوماسيته فرض الدولة الفلسطينية، وذلك مُمكن بالتكامل العربي الفاتيكاني الدولي لإنتاج حل عادل للقضية الفلسطينية".
وشدد على أن "الرئيس ترامب يعمل وفق المصالح الاقتصادية للولايات المُتحدة الأميركية، وذلك سيُؤدي إلى وقف التوسع الإسرائيلي في المنطقة، ونرى أن لبنان يُنفذ القرار 1701، والمُجتمع الدولي لا يستطيع غض النظر عن اعتداءات الاحتلال وإرهابه، وهناك مصلحة أميركية وغربية للإبقاء على التوازن بين السنة والشيعة في المنطقة، والمُفاوضات الإيرانية - الأميركية، سوف تصل إلى حلول، وللأسف على حساب الدول العربية، خاصة: لبنان، فلسطين، العراق واليمن، لأن كل ما هو خارج إيران لا يعنيها، لذلك لا تُقيم وزناً للحلفاء أو الخصوم، بل تعقد الاتفاقات وفق المصالح الإيرانية"، مُوضحاً أن "منظومة الردع الصاروخية غير واقعية، وسلاح الردع لم يتم تحريكه من قبل "حزب الله" لأنه بيد إيران، لذلك كان من نتيجة هزيمة الحزب، التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار المُذلة، والولايات المُتحدة الأميركية، لا تُريد عودة الحرب، وعلى الداخل والخارج الاقتناع بأن السلاح لن يبقى جنوب الليطاني، والمطلوب ترك مسألة السلاح شمال الليطاني بيد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بإقامة حوار مع الحزب، لتسليم الخرائط للدولة اللبنانية، واعتباره من الأسرار القومية للدولة اللبنانية، لتحقيق خطاب القسم والبيان الوزاري بحصرية السلاح، وليس نزع السلاح، بأن يُصبح كل سلاح، تحت سيطرة الدولة اللبنانية".
وختم رمال بالقول: "خرجنا من الوصاية السورية، ولبنان لا يتم إنقاذه إلا برعاية عربية، ولا تبدأ إلا بضوء أخضر سعودي، لذلك رأينا زيارة الرئيس عون والرئيس نواف سلام إلى المملكة العربية السعودية، كأول زيارة خارجية لهما، وحالياً يتم العمل على انجاز الاتفاقات بين البلدين، والأمر الهام أن السعودية أمسكت بالملف اللبناني والسوري".