يُحكى في زمن الخوالي أنّ فلّاحًا كان يمتلك حمارَين يستعملهما لنقل المتاع، حيث يذهبان وحدهما إلى المكان المنشود ثمّ يعودان إلى صاحبيهما بعد تفريغ الحمولة.
وذات يوم قرّر صاحب الحمارَين أن يحمّل على أحدهما ملحًا، وعلى الآخر صحونًا وقدورًا لكي يقوما بإيصالهما إلى المكان المقصود.
انطلق الحماران بحمولتهما، وفي منتصف الطّريق شعر الحمار "حامل الملح" بالتّعب والإرهاق حيث إنّ كمّيّة الملح كانت أكثر وأثقل من القدور الفارغة، في حين أنّ "حامل القدور" كان سعيدًا بحمولته إذ كانت أقلّ وأخفّ.
وعلى حين غفلة قرّر الحمار حامل الملح (ومن شدّة الإعياء) أن يغطس في بركة من الماء كانت بجوار الطريق كي يستعيد بعضًا من قواه التي خارت تحت وطأة الملح.
فلمّا خرج من البركة شعر كأنّه بُعث حيًّا من جديد!
فقد ذاب الملح المُحمّل على ظهره في البركة وخرج نشيطًا كأن لم يمسّه تعب من قبل.
ولمّا رأى حامل القدور ما نزل على صاحبه من النّشاط قفز بدوره في البركة لينال ما نال صاحبه، فامتلأت القدور بالماء.
فلمّا أراد أن يخرج من البركة كاد ظهره أن ينقسم إلى شطرين من وطأة القدور المُحمّلة بالماء.
وعليه،
فإنّ الحكمة من هذه القصّة في محاكاتها لواقع الحال تكمن في الآتي:
ما يفيد غيرك قد لا يفيدك، لا بل قد يضرّك، وما يضرّه قد يفيدك.
وقبل أن تبدأ فى تقليد غيرك، يجب أن تعرف وتدرس سبب فعله وتصرّفه، وإن كان هذا التّقليد سيفيدك أم سيضرّك.
فما يفيد غيرك قد يضرّك إن حاولت التّقليد الأعمى ودونما حساب لعواقب الأمور.
فإذا لم نُعمل عقولنا على الوجه الصّحيح حمَّلْنا أنفسنا ما لا تطيق، بدون أن نجني أي مكسب أو راحة.
لذا، "كن أنت" ولا تكن نسخة عن غيرك!
أحسن التّصرّف على النّحو الذي يفيد، ولا تكن في حياتك غاويًا للتقليد!