لم ترَ فلسطين يوماً ولم تطأ أرضها، لكنها تحملها في قلبها وفي أحلامها، تمسك بريشتها وتنقل هذا الحنين بألوان ولوحات، ترسم فلسطين بقراها وشوارعها وناسها، حيث تُجسّد من خلال لوحاتها الحنين العميق إلى الوطن، وتُعبّر عن الهوية والثقافة الفلسطينية بأسلوب بصري مؤثر.
الفنّانة التشكيليّة الفلسطينيّة خديجة خليل من قرية الشّيخ داوود قضاء عكا، وُلدت ونشأت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (جنوب لبنان)، تقول: منذ طفولتي كانت لدي ميولاً فنيّة، فكنت أرسم للمدرسة ولأطفال العائلة وأبناء الجيران، ومع مرور الوقت، تطورت موهبتي بدعم من الأهل والأصدقاء وصرت أنشر رسوماتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أن قررت البحث عن أستاذ لأتعلم منه أصول الرسم بشكل علميّ.
تضيف، أحد الأقرباء عرفني على الفنان التشكيلي الفلسطيني أسامة زيدان الذي علمني أصول الرسم وتركيب الألوان، وساعدني في تطوير أسلوبي الفني بشكل احترافي، تعلمت الرّسم بألوان الإكليريك والألوان الزيتيّة، كما تعلمت الرّسم بالفحم، وصار كل من يشاهد رسوماتي تصله الفكرة لأنني رسمتها بشغف وبطريقة بسيطة وسلسة دون تعقيد، حيث أنني أركّز في لوحاتي على الوطن والتراث والمرأة.
تؤكد خديجة أن لوحاتها التي تتناول فلسطين تحمل طابعاً خاصاً، حيث تسعى إلى توثيق الأحداث والذكريات بأسلوبها الخاص، معتبرة أن الحدث قد ينتهي، لكن اللوحة تبقى لتُذكّر به، وتقول: "نحن لم نعش في فلسطين، لكن فلسطين تعيش فينا"، ودائماً نتابع صور المدن الفلسطينيّة وشوارعها لنستلهم منها الرسومات التي نرسمها عن وطننا دون أن نراه.
تعتبر أن الفن التشكيلي له تأثير كما الأغنية الوطنية والشعر والمسرح، وهو تأثير إيجابي لكل من يشاهد اللوحات لأنها تنقله إلى عالم آخر، ويزور فلسطين من خلال الرسومات.
تلفت إلى أنها شاركت في معارض وورش فنيّة عدّة، كما شاركت في المُلتقى الثقافي التربوي الفلسطيني العاشر إلى جانب عدد من الشباب الفلسطينين من فلسطين وسوريا والأردن، وشاركت في مسابقة وحصلت على المركز الأول في الفن التشكيلي للفلسطينيين في لبنان، كما حصلت على المركز الثاني للمواهب الفلسطينية في لبنان.
من خلال فنها، تسعى خديجة إلى نقل معاناة وآمال الشعب الفلسطيني، وتُعبّر عن الحنين والحب إلى الوطن الذي تحمله في قلبها وتُجسّده في لوحاتها، وتعتبر أعمالها جسراً بين الماضي والحاضر، وتُسهم في حفظ الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، كما تسعى أن تصل إلى مرحلة تستطيع أن تعلّم الرسم للأطفال الفلسطينيين.
وأخيراً، تحلم خديجة أن تمتلك مرسمها الخاص، وطموحها أن ترسم في وطنها فلسطين وأن ترسم القدس رسماً حيّاً لأن الرسم حياة، والوطن هو الحياة.