(قصة من وحي الخيال)
اقترب موعد الانتخابات البلدية في مدينتنا صيدا وامتلأت الساحات بالحركة والنشاط خمس لوائح ترشحت لخدمة البلدة: سوا، نبض، بتستاهل، قدها، وتستحق. جميعهم أبناء المدينة تربّوا فيها وشربوا من نفس الماء وافترشوا نفس الأرض.
بدأ الناس يتناقشون:
"أنا مع سوا لأنهم أصحاب خبرة."
"أنا قلبي مع نبض، قرايبينا ولازم نوقف معهم."
"بتستاهل عندهم ناس ثقة وشغّيلة."
"قدها صوت العقل، وبمثّلوا الشباب!"
"وتستحق ناسهم نزيهين وبيشتغلوا."
لكن وسط هذا الحماس بدأت بعض الأصوات تخرج عن روح الاحترام فانتشرت كلمات جارحة وشائعات وتخوينات وتحولت بعض النقاشات إلى خلافات كادت تفسد العلاقات الطيبة بين الأهل والأصدقاء.
في اليوم السابق للانتخابات اجتمع كبار البلدة وشبابها في الساحة القديمة ووقف رجل حكيم يُدعى العم أبو محمد وقال:
يا أهل صيدا تذكّروا أن الانتخابات يوم لكن علاقتنا ببعض عُمر. كل لائحة من اللوائح الخمس تمثّل جزءًا من نسيج هذه المدينة وكل المرشحين هم أهلنا وأصدقاؤنا وجيراننا. من يفوز اليوم سيتحمّل مسؤولية الجميع لا جماعته فقط لذلك لا تعطوا صوتكم لمصلحة أو لعصبيّة أو لاسم... بل أعطوه لمن هو أقدر وأصلح واختاروا القوي الأمين.
صوّتوا بعقل لا بعاطفة واختلفوا باحترام لا بخصام لأن المدينة لا تُبنى بلائحة بل تُبنى بمحبة وتعاون وثقة.
سكت الجميع ونظروا لبعضهم بابتسامة….. وفي الغد كان يوم الانتخابات هادئًا، نقيًّا... مليئًا بالمسؤولية.
فاز من فاز لكن الأهم: أن صيدا ربحت لأنها اختارت الديمقراطية بعقل لا بعصبيّة، واحترمت اختلافها دون أن تمزّق وحدتها.