لم يكن الشاب إبراهيم أرناؤوط، الذي غادر لبنان قبل نحو خمس سنوات، يتوقع أن تنشط مبادرته "الإلكترونية" في تغطية أخبار العدوان الإسرائيلي على مدينة صور (جنوب)، عبر تطبيق واتساب بالتعاون مع مجموعة أصدقاء، لتلقى تفاعلاً كبيراً، دفعه إلى التفكير أكثر بأنشطة ومبادرات إنسانية يمكن من خلالها دعم سكان المنطقة، خاصة مع دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، فأنشأ صفحة عبر تطبيق إنستغرام، تسلّط الضوء على أصحاب المصالح والمشاريع والأحياء التي تضرّرت في الحرب وتغيب أيضاً عن "المشهد السياحي العام".
ومع انتهاء الحرب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بمعناها الواسع، في ظلّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، سارع أهالي صور إلى رفع الركام، وبدء ترميم المباني والمنازل والمؤسسات المتضررة، وإعادة فتح المؤسسات، بيد أن مشاكل عدّة اصطدموا بها، أبرزها المرتبط ببطء الحركة التجارية، ما فاقم معاناتهم وخسائرهم المادية، لكن المبادرات الفردية دائماً ما تطلّ برأسها لتعيد الأمل وبصيص النور إلى أي نفق مظلم.
يقول أرناؤوط لـ"العربي الجديد"، إنّه أسس حساب "صور سيتي نيوز" عبر تطبيق إنستغرام عند انتهاء الحرب، ويهدف بالدرجة الأولى إلى تسليط الضوء على المصالح والمشاريع سواء الصغيرة أو الكبيرة، إلى جانب مبادرات تحصل على مجموعات "واتساب" لمحاولة تأمين أي مساعدة تحتاج إلى مبالغ كبيرة، سواء استشفاء أو أقساط جامعية أو مدرسية وغيرها، لكل من يحتاجها، وذلك بمساعدة مغتربين وأصدقاء وخيّرين.
ويلفت أرناؤوط إلى أنّ "المبادرة تقوم على تصوير مقاطع فيديو بالمجان لأصحاب المصالح، كإجراء مقابلات معهم، والإضاءة على أعمالهم، وتجهيزها بشكل كامل، ومن ثم نشرها عبر إنستغرام بأسلوب ريلز، الأمر الذي كان له انعكاسات إيجابية عليهم، وساهم في تنشيط أعمالهم، وتعريف الناس أكثر بهم، ولمسنا حماسة عند المغتربين برؤية أهالي المدينة وأنشطتهم"، لافتاً إلى أنّ "هناك مبادرات أخرى قمنا بها بمناسبات عدة منها في شهر رمضان وفي أحد الشعنينة وعيد الفصح وغيرها، وتضمنت أنشطة وتوزيع جوائز للفائزين، وهناك أفكار كثيرة للمرحلة المقبلة، منها إقامة برامج للأطفال وحتى كبار السن، إلى جانب الإضاءة على المواهب وهي كثيرة ومتنوعة في المدينة".
محمود، وهو أحد الأشخاص الذين لجأوا إلى هذه الصفحة واستفاد من فيديو ألقى الضوء على عمله في "كبس لوحات السيارات"، خصوصاً أن مكتبه كان ضمن أحد المباني المتضررة خلال العدوان، وعانى في الفترات الأولى بعد انتهاء الحرب من بطء في الإقبال. يقول لـ"العربي الجديد": "الفيديو الذي نُشر عن مصلحتي كما مصالح أصحاب المهن الأخرى، أعطى دفعاً كبيراً لعملنا كنا بحاجة إليه، وقد ساهمت هذه المبادرة بإعادة إحياء المنطقة"، مضيفاً: "رغم التحديات والخسائر أصبحنا نتأمل خيراً وأتت هذه الصفحة لتقدم لنا الدفع الكبير، والحمد لله وجدنا النتيجة وتحسّن عملنا كثيراً".
كذلك الأمر بالنسبة إلى أليس، صاحبة محلّ لبيع الشوكولاتة، التي كانت متردّدة في البداية في خوض التجربة، بيد أنها انضمت إليها، معبرة عن سعادتها بالانعكاس الإيجابي للمبادرة على عملها. تقول أليس لـ"العربي الجديد" إنّ "التجربة كانت رائعة، وهذه الصفحة ألقت الضوء على الكثير من المصالح، منها ما كان مدفوناً بعض الشيء"، وقد لاقت تفاعلاً كبيراً بعد نشر الفيديو الدعائي لعملها، خصوصاً أنها فتحت محلّها مع بدء حرب إسناد غزة، وقد أصابته الأضرار بفعل العدوان، من هنا كانت هذه الخطوة دفعة قوية لعملها.
بدوره، استفاد هاني وهو صاحب "كرفان" صغير يقدّم المأكولات المشوية، من الدعاية التي قدّمتها له الصفحة، معتبراً أنها خطوة مهمة جداً للمشاريع، خصوصاً الصغيرة منها وغير المعروفة، وللشباب الذين يريدون فتح مصالح ويصرّون على البقاء في مدينتهم، رغم كل المخاطر التي لا تزال أصلاً مستمرّة بفعل تواصل العدوان.
ويشير هاني إلى أن "هذه الصفحة خلقت ضحكة وابتسامة ودعمت أصحاب المشاريع، وأعطت الأمل للشباب وللأهالي الذين لم يتركوا أرضهم أصلاً، وحتى من اضطر للمغادرة مع توسع العدوان، عاد إليها سريعاً"، لافتاً إلى أن "هذه الدعاية عرّفت الناس أكثر عليّ، ولا سيما الزبائن الجدد الذين يأتون من خارج صور، بعدما شاهدوا الفيديو، وهذا الأمر انعكس إيجاباً على الحركة وعلى النشاط، ونأمل أن تتكرر مثل هذه المبادرات في خضمّ كل ما يواجهه اللبنانيون وأهالي صور من تحديات".