الاثنين 29 أيار 2017 11:30 ص |
شطب "القضية الفلسطينية" من المناهج التعليمية: تطبيع مستتر مع إسرائيل! |
ليست حوادث متفرقة، بل عملية متواصلة تخفي في طيّاتها مشروع «التطبيع مع إسرائيل». هذا ما يمكن استخلاصه من آراء وتعليقات عدد من التربويين على حذف محور «القضية الفلسطينية» من منهاج التاريخ للعام الدراسي 2016/2017. هذا القرار اتخذه وزير التربية السابق الياس بو صعب، في أيلول 2016، وهو الساري حالياً، إذ عمدت المدارس، بناءً على هذا القرار، إلى إلغاء 3 حصص مخصصة لهذه المحور والاكتفاء بنصف صفحة فقط تذكر القضية الفلسطينية تحت عنوان «الأردن والقضية الفلسطينية حتى 1967» في عام 2014، اشترطت الحكومة البريطانية وضع اسم «إسرائيل» (لا فلسطين المحتلة) على الخريطة الواردة في كتاب الجغرافيا، وإلا فلن تصرف هبة مخصصة لدعم شراء كتاب الجغرافيا في المدارس الرسمية. بعد فترة قصيرة، قدّمت الحكومة البريطانية تمويلاً آخر لإعادة النظر في المناهج التعليمية، وأصرّت على تخصيص هذا التمويل عبر مؤسسة تدعى «أديان».
بعد ذلك حصلت أمور مثيرة؛ فقد سيطرت «أديان» على ورش العمل الجارية لمناقشة تعديل المناهج، وبثت فيها ما تعتبره قيم «السلام» و»قبول الآخر»، وضغطت لإزالة كل ما تعتبره حضّاً على العنف من كتب التعليم الاساسي وما قبل الجامعي. في موازاة ذلك، اتخذ وزير التربية السابق الياس بو صعب قراراً في أيلول عام 2016 قضى بحذف عدد من الدروس والمحاور في التعليم المتوسط والثانوي للعام الدراسي 2016/2017. طال هذا القرار محاور ودروس مهمّة للغاية في اللغة وآدابها والكيمياء والفيزياء وعلوم الحياة والرياضيات والتربية والتاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والاقتصاد والفلسفة... وكانت حجّته التخفيف عن التلامذة وترشيق الامتحانات الرسمية. يومها، ذهب معظم السجال الى مادة الفلسفة التي تم تفريغها من دروس ومحاور رئيسة تتصل بالفلسفة العربية والاسلامية، إلا أن المقص في مادة التاريخ كان أمضى وأكثر إثارة للسجال، إذ جرى حذف 3 حصص (دروس) للسنة التاسعة تتعلق بـ: نشأة الصهيونية، فلسطين في ظل الانتداب البريطاني، الحروب العربية ــ الاسرائيلية، نكبة سنة 1948، حملة 1956 (العدوان الثلاثي)، حرب حزيران (سنة 1967). محاولة لفرض تطبيع ثقافي
مرّ حذف «القضية الفلسطينية» من كتاب التاريخ بهدوء تام، ولم يتجاوز الاعتراض على الخطوة جدران المدارس. فالقضية الفلسطينية تم إسقاطها سابقاً من أسئلة الامتحانات، إذ لم يحصل أن تضمنت هذه الاسئلة على مرّ السنوات أيّ أمر يتعلق باحتلال إسرائيل لفلسطين ومعاناة الشعب الفلسطيني وتشتيته وتاريخ ثورته ومقاومته، مع ما يعنيه ذلك من حثّ الطلاب على تجاهل هذه القضية في الإعداد للامتحانات باعتبارها مسألة غير مهمة وغير مطلوبة في الاستحقاق الرسمي. اليوم، صار الأمر أكثر مباشرة، وباتت المساحة المخصصة للقضية الفلسطينية نصف صفحة في الكتاب فقط، ومرتبطة بالأردن لا بفلسطين، وهذا له معنى كبير في سياقات الاحاديث التاريخية عن حلول للقضية الفلسطينية عبر تذويبها بالاردن. آراء التربويين: المقاومة حق
قد تكون الحسنة الوحيدة لمرحلة ما بعد اتفاق الطائف أنّها حسمت أن «إسرائيل هي العدو»، ولم يعد الأمر وجهة نظر. لكن اليوم، يستشعر بعض التربويين أن هناك من يريد أن يضع القضية الفلسطينية في خانة الصراع السياسي المحلي وعدم اعتبار مقاومة المحتل والمغتصب قضية حق، ويسعى إلى طمس هذا الحق من خلال تضمين المناهج مفاهيم تربوية تحشر في طيّاتها عناوين فضفاضة، مثل قبول الآخر وحل النزاعات بالطرق السلمية. يسأل الخبير التربوي إبراهيم العزنكي: «ما هي حدود قبول الآخر، وأي النزاعات تحل بالطرق السلمية؟ وهل هذه المفاهيم التربوية أحادية الالتزام؟ فإذا كان الآخر متلبساً بالشر والاعتداء، أيعقل أن يُقبل هذا الآخر؟ هل المطلوب ابتكار مناهج الحمَل في مواجهة الذئب المعتدي؟».
الدولة اللبنانية ليست الموقف الرسمي
من جهتها، تردّ رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء، لمى عويجان، على ما يثار في حذف «القضية الفلسطينية» بالقول «إنّ مشروع تطوير المناهج يحرص على بناء المتعلّم المواطن المعتز والمنتمي إلى وطنه لبنان السيّد الحرّ المستقلّ، والمتعلّق بأرضه، والمتشبّث باعتبار مقاومة كلِّ معتدٍ عليها، وكلِّ محتلٍ لأي شبرٍ منها، حقاً مشروعاً وواجباً مقدّساً». ولكن المركز، بحسب عويجان، يدعو أيضاً إلى سماتٍ أخرى، كالتزام شرعة حقوق الإنسان، التي كان لبنان من واضعيها، وترسيخ قيم العدل والسلام والانفتاح واحترام الآخر المختلف»، معتبرة أن ذلك «يجب أن لا يتعارض مع إعلاء قيمة الفداء والبطولة، بعيداً من الاستسلام والخنوع». * للمشاركة في صفحة «تعليم» التواصل عبر البريد الإلكتروني: felhajj@al-akhbar.com حزب الله: عمل مشبوه التعبئة التربوية في حزب الله، كما قال مسؤولها يوسف مرعي لـ«الأخبار»، تقدمت باعتراض أمام وزير التربية السابق الياس بو صعب على ما سمّته «العمل المشبوه في المركز التربوي لجهة تدخل السفارة البريطانية علناً وبلا أي مواربة في صناعة المناهج الوطنية واختيار أعضاء اللجان وتقديم وجبات جاهزة للأساتذة المشاركين. ويشرح مرعي كيف أن «أساتذتنا كانوا يذهبون إلى اللجان ويفاجأون بالمفاهيم الجاهزة، مثل التربية على السلام واحترام الآخر المختلف وقبوله». يقول: «هم لا يريدون أن يكون لبنان في موقع المقاومة للعدو الإسرائيلي ويحذفون كل شيء له صلة بالموضوع». ويستدرك بأنه لا يحلل، بل يستشهد بما قالته عويجان سابقاً لـ«الأخبار»: «في العصر الحالي، إسرائيل تعتبر عدواً ولا نعرف ماذا سيحصل بعد 5 سنوات أو 10 سنوات، وإذا كان هناك لزوم لتسميتها بالاسم في الأهداف العامة، وكان الأمر يتناسب مع المصلحة العامة، فسنسميها طبعاً». ويشير مرعي الى أن مراجعات الحزب للمراجع الرسمية لم تؤت ثمارها، وبقي المشروع مستمراً. ما هو الدور البريطاني؟
يرى بعض التربويين أن حذف «القضية الفلسطينية» هو استكمال لما حصل في عام 2014، عندما منحت الحكومة البريطانية وزارة التربية هبة مشروطة بتغطية ثمن الكتب المدرسية للتلامذة، باستثناء كتاب الجغرافيا، وذلك لكونه «يتضمن كلمة فلسطين المحتلة على الخريطة وليس كلمة إسرائيل». يومها، استفزّ الموقف البريطاني مشاعر اللبنانيين الوطنية والقومية، ووصف بأنه اعتداء على السيادة الوطنية وكرامة اللبنانيين، فضلاً عن كونه محاولة خبيثة لفرض تطبيع ثقافي مع العدو الصهيوني. المصدر :الأخبار - فاتن الحاج |