الأربعاء 26 تموز 2017 09:33 ص

انتصار فلسطيني بإرغام الإحتلال على إزالة البوابات الالكترونية عند مداخل الأقصى


* هيثم زعيتر

أرغم الفلسطينيون، سلطات الإحتلال الإسرائيلي على العودة عن قراراتها التعسفية، بوضع بوابات الكترونية عند بابي الأسباط والمجلس في المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة.
وحققوا انتصاراً على الإحتلال، حيث مني رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ووزراؤه المتشددون، وقادة أجهزته المتغطرسون، ومستوطنوه المعربدون، واليهود المتشددون، بهزيمة.
وحسموا قرارهم بالرفض التام لكل إجراءات وممارسات الإحتلال التعسفية، من البوابات الالكترونية، إلى الكاميرات الذكية، والتفتيش بالهراوات المعدنية، مطالبين بفتح المسجد الأقصى، وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل تنفيذ الإجراءات (الجمعة 14 تموز الجاري)، إثر عملية "محمّد الجبارين الثلاثة".
وتجسّد تلاحم ووحدة الموقف الفلسطيني بين القيادة السياسية برئاسة الرئيس محمود عباس والمرجعيات الدينية والقيادات الميدانية.
فيما ظهر التخبط بين المسؤولين الإسرائيليين، سواء داخل حكومة اليمين المتطرّف أو القيادات الأمنية.
وطُرِحَ تساؤل: ماذا حقق الإحتلال من تصرفه الأرعن بوضع البوابات الالكترونية، التي اضطر إلى إزالتها بعد 11 يوماً على تثبيتها؟
وأيضاً ماذا ستحقق الكاميرات الذكية التي قام بنصبها، حتى يضعها في كل مناطق القدس والضفة الغربية والأراضي المحتلة منذ العام 1948، طالما أن الشاب يُقرّر تنفيذ عملية فدائية قبل لحظات وبأساليب متعددة، وكثر ممن نفذوا هذه العمليات، لم يكونوا ضمن الأسماء المدرجة على لوائح "الخطر الأمني".
ومرد إقدام الشباب الفلسطيني على العمليات الفدائية، ومنهم من يحمل الجنسية الإسرائيلية، هو شعورهم بظلم الإحتلال وممارساته الوحشية والتعسفية، وفداءً لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والقدس المحتلة.
لقد جسّد المقدسيون والفلسطينيون معادلة جديدة، بفرض شروطهم على المحتل المتخبط، والساعي للبحث عن حلول للمآزق التي زج نفسه بها جرّاء قراراته التعسفية.
وواصل الفلسطينيون الصلاة بالقرب من أبواب وساحات الأقصى والمدينة المقدسة، على الرغم من إجراءات وممارسات الإحتلال، حيث رابطوا أمام المسجد الشريف، وأدى الآلاف، الصلوات الخمس في أوقاتها على الإسفلت، على الرغم من حرارة الشمس، وإطلاق قوات الإحتلال المعززة في المدينة المقدسة، الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والدخانية والغازية والمسيلة للدموع، والاعتداء على المصلين بالهراوات.
وأزالت قوات الإحتلال البوابات الالكترونية التي نصبتها عند بابي الأسباط والمجلس، لكن الفلسطينيين أكدوا تمسكهم بإزالة كل ما رافق ذلك من جسور، جرى نصبها عند مدخل البابين، ووضع كاميرات ذكية عليها للمراقبة أو إقامة ممرات تستطيع كشف العابرين من خلال التصوير الإشعاعي.
وعلى الرغم من عقد حكومة الإحتلال المصغرة "الكابينت" 4 اجتماعات لها خلال 3 أيام، والمواقف "العنترية" للمسؤولين الإسرائيليين، إلا أن صمود المقدسيين والفلسطينيين الساهرين على الإسفلت، متحملين لهيب الصيف الحارق، ومبتهلين إلى الله سبحانه وتعالى، ومتبارين بتقديم الأرواح فداءً للأقصى والقدس، خرّ أمامهم جبروت الإحتلال الذي أصيب بنكسة، ستؤسس للمرحلة المقبلة، بأن المقدسي والفلسطيني باستطاعته أن يُقرّر، ويصوّب البوصلة نحو القضية الأساس، قضية الأقصى والقدس وفلسطين، متكلاًً على سواعده، وإيمانه بالله، وقلة المناصرين.
وأصيب أمس عدد من المرابطين المقدسيين، بينهم نساء وأطفال خلال المواجهات التي اندلعت بعد صلاة العشاء أمام باب الأسباط في المسجد الأقصى.
وشرعت قوات الإحتلال ظهر أمس (الثلاثاء) تركيب كاميرات مراقبة أعلى سور القدس التاريخي من جهة باب الأسباط.
وقامت آليات تابعة للإحتلال بتوزيع الكاميرات التي جرى تركيبها على مقاطع أخرى من سور القدس التاريخي، وتحديداً في الجهة الشرقية والجنوبية.
وكانت قوات الإحتلال قد أزالت فجر أمس، البوابات الالكترونية من أمام بابي الأسباط والمجلس، فيما أبقت على الجسور الحديدية بالقرب من بوابات المسجد، والتي حملت كاميرات ذكية، لتكون بديلة عن البوابات الالكترونية التي رفضها الفلسطينيون.
وقد تعرض رئيس وزراء الإحتلال نتنياهو إلى هجوم كاسح من قبل وزراء حكومته خلال مناقشة مصير البوابات الالكترونية، والكاميرات في جلسة استمرت حتى ساعات متقدمة من فجر أمس، حيث اتخذ قرار بإزالة البوابات الالكترونية من أمام المسجد الأقصى.
وقد بدا الخلاف واضحاً بين المسؤولين الإسرائيليين، بشأن مصير البوابات الالكترونية والكاميرات، حيث عارض الإزالة 3 وزراء، فيما كانت الأجهزة الأمنية مع إزالتها بإستثناء الشرطة التي قُتل اثنان من أفرادها خلال عملية الجمعة.
وشدّد الرئيس عباس على أنه "إذا لم تعد الأمور إلى ما كانت عليه في المسجد الأقصى والقدس، قبل 14 تموز، لن تكون هناك أية تغييرات".
الرئيس عباس، كان يتحدث خلال اجتماع القيادة الفلسطينية، مساء أمس في مقر الرئاسة في رام الله، بعدما جرى تقديمه من مساء اليوم (الأربعاء) في ضوء المستجدات في مدينة القدس.
وأكد أن "قرار تجميد التنسيق الأمني قائم، والدفاع عن المقدسات قائم، ونريد أن ندرس ماذا جرى منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا، لنرى ماذا سنفعل؟".
وكان الرئيس عباس قد بحث آخر التطورات التي تجري في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، خلال استقباله بمقر الرئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين ومحافظ القدس الوزير عدنان الحسيني، بحضور رئيس الوزراء رامي الحمد الله وعدداً من أعضاء القيادة.
ونظراً إلى خطورة الأوضاع، أوفد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مبعوثه لعملية السلام إلى الشرق الأوسط جيسون غرنيبلات، الذي التقى برفقة القنصل الأميركي العام دونالد بلوم، أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات ورئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج.
وأصر الجانب الفلسطيني على ضرورة التزام سلطات الإحتلال بالحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي، وإعادة الأوضاع بشكل تام في الحرم القدسي والمسجد الأقصى إلى ما قبل 14 تموز.
كما يلتقي الموفد الأميركي، مسؤولين اسرائيليين وأردنيين.
وفي خطوة ذات دلالات متعددة، عقدت حكومة الوفاق الوطني اجتماعها الأسبوعي برئاسة الدكتور الحمد الله في مقر محافظة القدس في الرام، بتوجيهات من الرئيس عباس بما يُشكّل رسالة تؤكد على عمق وتجذر القدس في الوجدان والضمير الوطني والقومي.
وأيضاً من أجل التنفيذ الفوري لقرارات الرئيس ومجلس الوزراء لدعم صمود أهالي القدس، حيث تقرر رصد مبلغ 15 مليون دولار أميركي لدعم قطاع الاسكان وترميم وإعمار بيوت المقدسيين من ضمن المبلغ الذي قرره الرئيس عباس للقدس والبالغ 25 مليون دولار، وصرف مبلغ 1000 دولار شهرياً لمدة 3 أشهر لتجار البلدة القديمة، ودفع الأقساط الجامعية للفصل الأوّل المقبل للطلاب الجامعيين في البلدة القديمة، وتغطية فاتورة الكهرباء عن كافة مواطني القدس القديمة عن شهري تموز وآب، وصرف مكافأة مقطوعة بقيمة 1000 شيكل لحراس المسجد الأقصى، فضلاً عن صرف نصف مليون دولار مع دعم نصف مليون دولار لجامعة القدس القديمة مع دعم المؤسسات الثقافية ومؤسسات الإسعاف والطوارئ في المدينة المقدسة، ودعم مستشفيي "المقاصد"  و"المطلع" بمبالغ يتم تقريرها وفق الظروف الخاصة بالمدينة.
وأكدت المرجعيات الدينية في القدس، أمس رفضها التام لكل ما قامت به سلطات الإحتلال الإسرائيلي منذ تاريخ 14 تموز وحتى اليوم، داعية إلى "ضرورة فتح جميع أبواب المسجد الأقصى لجميع المصلين من دون استثناء، وبحرية تامة.
وعقدت المرجعيات الدينية ممثلة برئيس الأوقاف الإسلامية ورئيس الهيئة الإسلامية العليا ومفتي القدس والديار الفلسطينية، والقائم بأعمال قاضي القضاة اجتماعاً لها في المدينة المقدسة، حيث جرى تكليف مديرية الأوقاف الإسلامية في القدس، بتقديم تقرير أولي عن الحالة داخل وخارج المسجد الأقصى المبارك، من أجل الوقوف على ما تمّ من عدوان داخل وخارج الأقصى، وفي ضوء التقرير نتخذ قراراً بشأن دخول المسجد وفك الاعتصام.
وقررت "المحكمة العليا الإسرائيلية" أمس تسليم جثامين الشهداء الثلاثة "محمد جبارين"، بعد التماس "عدالة" لتسليم الجثامين، حيث عقدت المحكمة 5 جلسات متتالية خلال اليومين الماضيين وألغت الشروط التي وضعتها شرطة الإحتلال على عائلات شهداء أم الفحم، لتسليم الجثامين خلال 30 ساعة، بدفع كفالات منها: تبلغ قيمتها 75 ألف شيكل، يلتزم بها ذوو الشهداء، وحظر اشتراك شخصيات سياسية وعامة بالجنازة، وإلغاء حـظر التغطية الإعلامية للجنازة، وتحديد عدد المشيعين الذين سيسمح لهم الإحتلال بالمشاركة في التشييع، واشتراط الإحتلال إقامة الجنازة في ساعة متأخرة من الليل، وهو ما وصفه قضاة المحكمة بأنه أمر يستحق التوقف عنده بصفته غير اعتيادي.
إلى ذلك، عقد "مجلس الأمن الدولي" أمس جلسة خاصة ناقش خلالها الأوضاع في مدينة القدس والمسجد الأقصى، بعدما فشل في جلسة أمس الأوّل، بالتوصل إلى صيغة عملية ومفيدة ومقبولة للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية في القدس المحتلة.
وجدّد مندوب فلسطين الدائم لدى "الأمم المتحدة" رياض منصور، رفض "الإجراءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى، وضرورة اتخاذ تدابير عاجلة من أجل إعادة الوضع في القدس، ورفع كل الإجراءات التي تؤدي إلى تغيير هذا الوضع".
وشدّد مبعوث "الأمم المتحدة" إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف في كلمة أمام المجلس على أن "أنشطة الاستيطان الإسرائيلية تقوض فرص إقامة دولة فلسطينية، والوضع يتفاقم بسبب ممارسة إسرائيل لسياسة التدمير وعدم احترام القوانين الدولية".

 

المصدر :اللواء