السبت 17 شباط 2018 20:42 م

عمر العبد يستخف بمؤبدات الاحتلال الـ4 بابتسامة خرقت عين القاضي!


فاحت نسائم البَسمات على شفتي منفذ عملية "حلميش" الجريئة، عطرًا من داخل قفص محكمة الاحتلال، حيث يقف الأسير عمر العبد (19 عامًا) لتصطدم بقلب أمّه بمجرّد أن وقعت عيناها عليه وهي تدلف للمحكمة، وتبثّ به الصّبرَ والثّبات.

ابتَسَمَت بقوّة، وأرسلت إليه القُبلاتِ بصمتٍ، خشية أن يمنعها المحتلّ من دخول المحكمة كما فعلوا بها في المحكمة السابقة قبل بضعة أشهر.

وحكمت محكمة الاحتلال العسكرية، أول من أمس، على الأسير عمر العبد بالسجن المؤبد أربع مرات وغرامة مالية كبيرة بقيمة مليون و800 ألف شيقل، بعد إدانته بقتل ثلاثة مستوطنين طعناً في مستوطنة "حلميش" قرب رام الله قبل سبعة أشهر.

تروي والدة الأسير "أمُ محمد العبد" (52 عامًا) لصحيفة "فلسطين"، أن تلك الابتسامة غمرتها بالقوّة، وتركتها لا تردد غير كلمات الاستغفار و"حسبي الله ونعم الوكيل".

وتقول: "أحدهم بالمحكمة طالب بإعدامِه، ولو فعل لما نُحتُ أو بكيت، فلا يحكم على حياتِه وفقدانها غير الله، وهو الذي كان يحلم بالشهادة ويطلبها، فيكون قد نالَها".

لكني القاضي قضى بالحكم "4 مؤبّدات" وليس بذلك جديد على قاضٍ محتل وفق "أم محمد" التي أضافت: "ارتديتُ جلبابي الأسود ذي الخيوط السكنيّة من الأمام، وقلبي لا يتوقّف عن الخفق، لرؤية ابني في المحكمة بعد شوقٍ ومنع، فذلك الجلباب أكثر ما كان يحب عمر أن يراني به، إذ يحتضنني ويلتقط لي برفقته صور (سيلفي)".

ابتسامة تملأ المحكمة

وتتبع: "ارتديتُه لأجلِه، وبمجرّد أن رأيتُه مبتسماً ثمّ زادت ابتسامتُه أكثر دبّت القوةُ بقلبي، شعرت بروحي تعانق روحه حال رؤيته لي ولوالده بجانبي، أما ابتسامته العريضة فكانت كما لو أنها مِخرز في عين القاضي، لكنني كم تمنيت لو أن معجزةً تفكك ذلك القفص والقيد عن يديه ورجليه لأركض إليه وأحتضنه حتى ينغرس في قلبي"، لكنه قدر الله وثقتنا بالله كبيرة مهما كان المُصاب عظيماً لذلك كانت ابتسامته (معبية) المحكمة".

"كيف حالك يمّا" قالتها بصوتٍ منخفضٍ، تسمعُها هي فقط، فيما يفهمُها هو فقط، فهي لا تريد أن تُصدِر أي فعلٍ يدفع الاحتلال لإخراجِها من المحكمة كعادتهم مع عائلات الأسرى، فأشار بعينيه إليها أنه بخير وبادلها قبلات الشوق على الهواء. تعلق: "لقد طُبعت قبلاته في روحي للأبد، وما زلت أشعر بها تُزيّن جبيني".

وتصف أم محمد عُمرَ في يوم محاكمته بأنه "نُوّارة"، وتوضح: "لم أرَ وجهه منيراً كما رأيته في المحكمَة، إنه واثق بالله ومفتخرٌ بفعلِه وغير نادِم، ومطمئن لقَدَره الذي كتبه الله له".

عمر كان إذا ما ذهب للحلاق يعود لوالدتِه ممازِحاً يسألها بمرح: "كيف يمّا.. حلو؟! " فترد عليه: "القالب غالب والله يمّا".

فيما أخته البِكرَ مريم التي تبوح بشوقٍ كبيرٍ لعمر الأكثر محبةً لقلبها بين إخوتها تقول لـ"فلسطين": "حين حُكم عليه بالمؤبّد الأربعة، لم أحتمل، فالحكم قاسٍ ومؤلم وظالم، وأول ما خطر ببالي ذلك اليوم الذي زرتُ فيه أهلي خصوصاً لرؤيته إذ كنت أتوق شوقاً له، وحينها (تناقرنا) لأمرٍ لا يستحق، فلم يتركني دقيقةً غاضبةً فبات يلاحقني ويرضيني ويمازحني ويلقي عليّ عبارات المحبّة حتى كدت أن أضعه بقلبي كابني الصغير".

اليوم تدور المواقف الجميلة وتلاحق فِكرَ مريم وأمّها لتستمدّ منها الأمل كما زهور دوّار الشمس، فيما تستقي أم محمّد القوةَ أيضاً من خلف تلك السجون التي سيقضي بها عمر باقي حياته، فتقول بثقة: "سيعطيني الله تعالى القوة والصبر والصحّة لأجل عمر طالما هو أسير خلف قضبان المحتل".

ابتسامة تغيظ العدو

وعلى ما يبدو فقد باتت الابتسامةٌ سمةً تُميّز الأسير الفلسطيني في المحاكم الإسرائيليّة مهما كان الحكم مجحفاً وغير منطقيّ، فمن قبل عمر، أغاظ الأسير ماهر الهشلمون المحتل بابتسامتِه التي كلّفته مؤبداً جديداً، وغيره من الأسرى والأسيرات من بينهن الأسيرة ملك سلمان التي ودّعت طفولتَها في سجون الاحتلال.

فملامح الابتسامة التي ارتسمت على محيا الأسير العبد والمليئة بالفخر والتحدي، خلال جلوسه في قفص الاتهام، أذهلت قادة الاحتلال الاسرائيلي، وأشعلت النار في قلوبهم، وأصابتهم بحالة من السخط والغضب.

وبدت حالة الغضب واضحة على وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، حينما علّق على الحكم في تغريدة عبر صفحته الشخصية على موقع "تويتر": "الآن حكم عليه بالسجن المؤبد 4 مرات, عدد لا يحصى من الأحكام لن تكون كافية لمعاقبة هذا الإنسان "عمر العبد" الذي لا يزال يبتسم داخل قاعة المحكمة أمام عائلة سالمون".

وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات على ابتسامة الأسير عمر العبد، عقب إصدار الحكم عليه، فقد غرّدت الناشطة لبنى، عبر صفحتها الخاصة بموقع "تويتر" قائلةً: "ابتسامتك وطن تنير درب الحرية (..) عمر العبد فك الله بالعز قيدك يا بطل".

فيما كتبت الناشطة زهرة تشرين على صفحتها أيضاً "تستفز ابتسامته-عمر العبد- بعد إصدار الحكم بالسجن٤ مؤبدات الصحف الصهيونية وتستفز وزير الحرب الصهيوني ليبرمان".

حب الوطن

وينتمي عمر لعائلة عُرفت بحبها للوطن والدفاع عنه، وكان ذلك واضحاً حينما تحدثت صحيفة "فلسطين" مع عمه علي عبد الجبار (72 عاماً)، حينما افتتح حديثه بعبارة "عمل عمر مُشرف وبرفع الرأس".

ويقول عبد الجبار: "إن إصدار هذا الحكم على عمر لم يكن مُستبعداً من سلطات الاحتلال المعروفة بعنجهيتها وممارستها التعسفية ضد أبناء الشعب الفلسطيني كافة".

ويستحضر المُسن عبد الجبار لحظات تنفيذ العملية، قائلاً "عُمر كان ينوي الاستشهاد، ودخل على المستوطنة، وهو متوضأ، كي يلقى ربه شهيداً طاهراً، لكن قدرة الله أبقته على قيد الحياة"، مُعرباً عن أمله بأن يمّن الله عليه بالإفراج خلال الفترات المُقبلة. وخلال حديثه أخذ يعدد مناقب وصفات الأسير عمر: "إنسان متدين وخلوق ويقيم الليل، وهو من أحسن شباب البلد".

ورغم قسوة الحكم الصادر بحق الأسير عمر، إلا أن ذلك لم يُشكل رادعاً لعائلته، وفق عبد الجبار "هذا قدرنا كشعب فلسطيني، ولن نتراجع عن مواصلة درب المقاومة".

تجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال هدمت في 16 أغسطس الماضي منزل العبد في قرية كوبر شمال مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.

المصدر :وكالات