الاثنين 7 أيار 2018 14:04 م

برجا تتحدّى الحريري... بعلي الحاج


لا يشبه ساحل الشوف، اليوم، نفسه في السّنوات العشرين الأخيرة. منطقة إقليم الخروب التي كانت توضع تلقائياً «في جيب» الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، بدا، بالأمس، وكأنها تشهد حراكاً لا بد أن يجعل الكل يستشعر الأرض التي تميد تحت قدميه

تُحاول كلّ الأحزاب السياسيّة في منطقة إقليم الخروب استنهاض نفسها عشية السادس من أيار. خلايا نحلٍ في كلّ قرى الإقليم وبلداته فرضتها المعادلة النسبيّة والصوت التفضيلي واللائحة المطبوعة. لا تنكر الأحزاب الممثّلة في السّلطة أنّ تقصيرها الإنمائي والخدماتي فتح الباب واسعاً أمام مشاركة أبناء الإقليم في تحديد خياراتهم. هذا ما يؤكّده قيادي في تيار المستقبل في الإقليم، ولو أنّه يعزو الأمر إلى تقصير الدولة «وليس تيّار المستقبل أو حكومة الرئيس سعد الحريري»! 
يبسّط هؤلاء معركة الأحجام الانتخابيّة، إذ إنّهم يعتقدون أنّ دم الإقليم «لن يتغيّر»، ولا بد أن يحتمي الجميع بالحضن السياسي الدافئ لـ «التيّار الأزرق». 
تختصر معركة برجا العمليّة الانتخابيّة في الإقليم. هي التي تُعد، أحد الخزانات الرئيسيّة لتيار المستقبل كونها إحدى أكبر بلدات الإقليم من حيث عدد الناخبين (15 ألف ناخب). 
أمّا اليوم، فبرجا لم تعد كذلك. استبعاد كوادرها الحزبيّة عن لائحة «المصالحة» (المستقبل والاشتراكي)، جعلها تُفكّر في الانتفاض على واقعها السياسيّ. «إقليم كمال جنبلاط ورفيق الحريري» بدا وكأنّه يمدّ رأسه من برجا خارج عباءة الزعامات التقليديّة. ليس تفصيلاً أن تُرفع صورة وئام وهاب فوق أحد المحال التجاريّة على بعد أمتار قليلة من ساحة برجا. تماماً كأعلام «التيّار الوطني الحر» التي ترفرف فوق أكثر من مركز انتخابي للمرشّح فريد البستاني.
أمّا «الأفدح» لــ«ثنائي الإقليم»، فهو ترشّح علي الحاج. لم يكن أحد ليتخيّل سابقاً أن تُرفع صورة «اللواء» إلى جانب صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ساحة برجا. بهذه الصورة، أعيد الاعتبار إلى الضابط الذي كان مرافقاً للحريري الأب، وصُنّفَ في خانة «القتلة» و«المجرمين» ورُفعَت صورته إلى جانب صور بقية الضباط المتهمين في ساحة 14 آذار 2005. نعم، يندر ألا يقع نظر العابرين داخل أزقة البلدة الضيّقة والمزدحمة على صورة لعلي الحاج. عدد مندوبيه الذي يفوق الـ400 يغطّي كل مراكز الاقتراع. 
الاشتراكيون لا ينامون على حرير. مُتيّقنون أنّ الـ6000 ناخب الذين كانوا يصبّون سابقاً لمصلحة تحالفهم مع تيار المستقبل صاروا أقلّ من 2000 اليوم! 
يحاول «الجنبلاطيون» إخراج أنفسهم من المعركة، متمسّكين بـ"وسطيّة" زعيمهم. ما إن يتنامى إلى مسامعهم حصول إشكالات بين مناصري تيار المستقبل والحاج، حتّى يحاولون إبعاد أنفسهم عن المشهد. أمّا المستقبل، فهو الخاسر الأكبر من ترشّح الحاج. لا يتوانى مسؤولوه من التذكير أنّه كان من بين المتّهمين باغتيال الحريري الأب. لا يعير هؤلاء الاهتمام لبراءته، بل يعيدون التذكير بأنّه خان المنزل الذي «صنعه». لائحة الاتهامات بحق الحاج لا تُعد ولا تحصى من اغتيال الحريري مروراً بكونه "مرشّح وليّ الفقيه في المنطقة"، ووصولاً إلى شراء الأصوات. في المقابل، فإنّ الرّجل مزهو بالحراك الحاصل داخل مسقط رأسه. يتكئ المدير العام السّابق للأمن الداخلي على إرث جدّه الذي كان أحد المراجع الرئيسيّة في برجا.

علي الحاج لو صار نائباً في مجلس نواب 2018!

يجلس الحاج في باحة منزله الكائن في «ساحة الروس». يتقاطر أبناء برجا إلى هنا. منهم من يفضّل التقاط «السيلفي» معه، فيما البقيّة تكتفي بسندويش شاورما طازجة من السيخ الذي وضع في باحة المنزل البرجاوي! 
لا شيء يستفزّ مسؤولي تيار المستقبل أكثر من علي الحاج. باستطاعة هؤلاء «بلع» مرشّح اللائحة المدعومة من وئام وهاب، الياس البراج، أكثر من الحاج. بالنسبة إليهم، الأخير طامح وغير محسوب على 8 آذار بالمطلق.
يقلّلون من حجم الحاج والبرّاج ليشيروا إلى أنّ الكثير من الناخبين الذين سيقترعون للوائح الأخرى، سيفعلون ذلك فقط لأسباب عائليّة. 
يدلّل هؤلاء بالإصبع إلى مناصري «الجماعة الإسلاميّة». صحيح أنّ قيادتهم ألزمت الحزبيين باسم مرشّح الحزب الاشتراكي بلال عبد الله، إلّا أن مناصرين الجماعة ممن تُرك لهم حريّة القرار، سيقترعون لمصلحة علي الحاج. 
لا يعترف مسؤولو المستقبل والاشتراكي أنّ استثناء برجا من لائحتهم، شكّل مدخلاً لـقوى 8 آذار إلى إقليم الخروب. يرفضون القول إنّ خصمهم أسّس أرضيّة، ولو ضئيلة في عقر دارهم. يطرح أحدهم سؤالاً «بريئاً»: «ماذا لو قبل طلال إرسلان بـــ«نصائح» حزب الله وتمكن علي الحاج من الفوز وصار نائباً هو وجميل السيد معاً في مجلس نواب 2018»؟
ليست 8 آذار وحيدةً في البناء سياسياً على «الانتفاضة البرجاويّة». للمجتمع المدني أيضاً حصّة فيها. مندوبو «كلنا وطني» ليسوا قلّة على الأرض، عكس «لائحة مدنيّة». 
هذا ما يريح الحزب الشيوعي اللبناني في الإقليم. وإن كان مسؤولوه يؤكّدون أنّهم أخطأوا في عدم ترشيح أحد أبناء برجا في لائحتهم. يعزون الأمر إلى السّرعة في تشكيل اللوائح وبعض الأسباب المتعلّقة بمرشحيهم، إضافة إلى كونهم «حزباً عابراً للمناطق والطوائف». ينتظر «الشيوعيون» النتائج. يجزمون أنّ في الصناديق العديد من المفاجآت التي ستحجّم أحزاب السّلطة، وستكون محطّة للانطلاق نحو مرحلة جديدة.

المصدر :لينا فخر الدين - الاخبار