الأربعاء 8 أيار 2019 01:17 ص

أهالي غزة استقبلوا رمضان بوداع الشهداء... والآلاف صلّوا في الأقصى


* هيثم زعيتر

انتهت جولة جديدة من تصعيد العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزّة، بعد تدخّل الوسيط المصري، الذي نجح بالتوصّل إلى اتفاق بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة في غزّة.
وثبت أنّ الظروف غير مؤاتية لشن حرب، وأنّ ضمان التهدئة يحتاج إلى التزام الاحتلال بما سيتم التوصّل إليه من اتفاقات، وهو ما لا يلتزم به، وينكث بالوعود والعهود والاتفاقات، بما يحقّق أطماعه ومخطّطاته الجاهزة «غب الطلب».
وفشل الاحتلال في تغيير قواعد الاشتباك، حيث نجحت المقاومة في غزّة بالصمود، وتحقيق توازن ردع، تُوّج بالهدنة التي لم يقتصر الأمر فيها على وقف إطلاق النار مقابل وقف إطلاق النار، بل بتحقيق مكتسبات جديدة.
كل من الاحتلال وحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» اعتبر أنّه حقّق غايته خلال هذا العدوان، وسيبني عليه استثماراً للمرحلة المقبلة، طالما الجميع يُدرك أنّ الوسطاء يقومون باتصالاتهم بعد كل تصعيد، بالعمل على وقف إطلاق النار والتهدئة، والهدف منع الانهيار والحؤول دون حرب ستكون قاسية، والاحتلال غير مستعدٍ لتحمّل تبعاتها في هذه المرحلة.
لكن وانطلاقاً من التجارب السابقة، يجب أخذ الحيطة والحذر من مكائد الاحتلال، واللجوء إلى استثمار الدماء الفلسطينية في حساباته الداخلية، ورضوخ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لمطالب اليمين المتطرّف بالتصعيد ضد غزّة.

نص وقف إطلاق النار

ما تحقّق بجهود مصرية بين «إسرائيل» والمقاومة في غزّة، أدّى إلى وقف إطلاق النار، الذي دخل حيّز التنفيذ عند الساعة 4:30 بتوقيت القدس من فجر الاثنين، وتضمّن:
1- عدم إطلاق النار تجاه المتظاهرين في مسيرة العودة الكبرى على حدود قطاع غزّة.
2- قيام الاحتلال بتنفيذ التفاهمات السابقة، التي تتضمّن كسر الحصار عن قطاع غزّة بكافة الأشكال.
3- وقف التصعيد فوراً عند الساعة 04:45 دقيقة من صباح الاثنين، وعدم التمادي وعدم تجاوز المدّة المتّفق عليها.
4- وقف إطلاق النار يكون متبادلاً وعدم اختراق التهدئة مجدّداً.
5- يتعهّد الاحتلال الإسرائيلي بعدم اختراق الاتفاق كما كل مرّة يقوم باختراق العهود والمواثيق التي يتم الاتفاق عليها برعاية مصرية.
6- السماح للمنظمات الدولية الإنسانية بمساعدة العائلات التي تضرّرت خلال العدوان منذ يوم الجمعة حتى فجر اليوم الاثنين.
7- عدم تكرار محاولة الاغتيال لأي فلسطيني «سواء أكان مدنياً أم عسكرياً» من قِبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
8- توسيع مساحة الصيد في البحر 12 ميلاً.
9- عدم إطلاق النار والاعتداء على المزارعين شرق قطاع غزّة.
هذا العدوان هو الأوسع منذ «الجرف الصامد» في العام 2014، وسُجّل خلال 48 ساعة قصف عنيف متبادل، أسفر في غزّة عن سقوط 31 شهيداً: بينهم 4 سيدات ورضيعتان وجنينان وطفل، وجرح 154 مواطناً، وتدمير 130 وحدة سكنية بشكل كامل، و700 وحدة بشكل جزئي مع مساجد ومدارس.
فيما كان الوضع أقسى على الاحتلال، فقُتِلَ 4 مستوطنين وجُرِحَ العشرات بصواريخ وصلت إلى مناطق جديدة تجاوزت مسافة 40 كلم، وتميّزت بغزارتها، فوصلت إلى 690 صاروخاً، أثبتت فشل «القبة الحديدية»، التي لم تتمكّن إلا من اعتراض 173 صاروخاً، وكذلك بالمواد المتفجّرة، التي احتوتها ما شكّل مفاجأة للاحتلال، خاصة بالتركيز على إطلاق زخّات دفعة واحدة، وباتجاه المنطقة ذاتها، كذلك استخدمت المقاومة صواريخ «كورنيت» فأصابت سيّارة جيب عسكرية وناقلة جند إسرائيلية.
وأبقى ردّ المقاومة المستوطنين في الملاجئ، مع تعطّل الدراسة وشل الحياة في العديد من المستوطنات والمدن الفلسطينية المحتلة، وهو ما أفشل وعود نتنياهو لهم، لكنه سيحاول الاستفادة مما جرى، للإسراع في تشكيل حكومته الخامسة، وبأنّه لا يلتزم التهدئة مع قطاع غزّة، إذا كانت تستهدف الأمن الإسرائيلي، والذي هو أولوية.
وفي أوّل تعليق له على الهدنة، بعد الانتقادات العنيفة التي تعرّض لها، أشار نتنياهو إلى أنّ «المعركة مع حركتَي «حماس» و«الجهاد» لم تنته بعد، فقد ضربنا بقوّة كبيرة، وهاجمنا أكثر من 350 هدفاً، والمعركة تتطلّب منّا الصبر والحكمة، ولقد فهمت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أنّ قواعد اللعبة قد تغيّرت، وبالتالي توقّفتا عن إطلاق النار بمبادرة منهما».
في المقابل، فإنّ أبناء غزّة الذين ألِفوا الحصار منذ سنوات عدّة، اعتادوا على غارات واعتداءات الاحتلال التي لا ترهبهم، بل تجدهم يسارعون إلى التجمهر في المكان المقصوف، على الرغم من خطورة ذلك، ويزفّون الشهداء، ويواصلون حياتهم بالصمود والتصدّي، ويبتكرون الوسائل لإيلام المحتل وليس آخرها البالونات الحرارية.
وأمس، عادت الحياة لتدب في شوارع غزّة، ففتحت المدارس والجامعات والمؤسّسات الحكومية أبوابها، فيما شهدت الأسواق ازدحاماً مع بداية شهر رمضان المبارك، والحديث عن وصول الدفعة القطرية البالغة 30 مليون دولار أميركي، والتي أعلن نتنياهو مصادقته على دخولها إلى غزّة.
هذا في وقت، قرّر فيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد تخصيص مبلغ 480 مليون دولار أميركي للضفة الغربية وقطاع غزّة.
إلى ذلك، حشدت وسائل الإعلام العالمية ضد المقاومة في قطاع غزّة، وزعمت بأنّها اعتدت على الكيان الإسرائيلي، الذي يقوم بالدفاع عن النفس.
ووصل الأمر بالرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الإعلان عن ذلك في تغريدة له عبر «تويتر» بإعادة التأكيد على الدعم المطلق للكيان الإسرائيلي.
وتزامناً مع بداية شهر رمضان المبارك، اكتست مدينة القدس حلّتها الخاصة بالشهر الفضيل، حيث ازدانت بلدتها القديمة والشوارع والأحياء المتاخمة لها، بالزينة والفوانيس الرمضانية، فيما شهدت أسواق البلدة القديمة القريبة من محيط بوابات المسجد الأقصى حركة تجارية نشطة.
وأدّى آلاف المواطنين من القدس ومن داخل الأراضي المحتلة في العام 1948، صلاتَي العشاء والتراويح في رحاب المسجد الأقصى المبارك.
وتناول مئات المواطنين وجبات الإفطار الرمضانية في الأماكن المخصّصة للإفطارات الجماعية بباحات المسجد المبارك، كما حرصت عائلات مقدسية على تناول إفطارها في المسجد وأداء الصلاة في رحابه.

المصدر :اللواء