الثلاثاء 18 حزيران 2019 09:46 ص

الدفاع عن الأسير يخاصم «محكمة التمييز العسكرية» ويطلب ردّ رئيسها


* جنوبيات

تقدمت هيئة الدفاع عن المتهم الشيخ أحمد محمّد هلال الأسير الحسيني المؤلفة من المحامين عبد البديع العاكوم، محمّد صبلوح وانطوان نعمة بطلب ردّ القاضي طاني لطوف بوصفه مستشاراً في الغرفة السادسة لمحكمة التمييز ومنتدباً كرئيس لمحكمة في التمييز العسكرية التي تتولى محاكمة المتهم الأسير في الملف 98/2017 العالق امامها. وتضمن طلب الرد ليس فقط للدعوى 98/2017 إنما لكل دعوى أخرى متفرعة أو متلازمة أو مجرّد عالقة في المحكمة المعينة بالهيئة عينها.

وطلبت هيئة الدفاع في استدعائها الموقّع من المحامي انطوان نعمة بالاتحاد والانفراد، إصدار قرار بإبلاغ القاضي المطلوب رده ورفع يده عن الملف 98/2017 وعن أي ملف عالق امامه للمستدعي الأسير، ووقف السير بالمحاكمة فيه، وبأي ملف عالق سواه، حتى تاريخ البت بطلب الرد سنداً للمادة 125 أ.م.م. وإصدار قرار في غرفة المذاكرة بقبول طلب الرد شكلاً وفي الأساس ورد القاضي المعين وفقاً للمادة 13 من ق.ع انتداباً رئيساً لمحكمة التمييز العسكرية القاضي طاني لطوف عن النظر في الملف رقم 98/2017 وأي ملف عالق آخر وإيداعه المرجع المختص لاجراء المقتضى القانوني وإصدار قرار بحفظ حقوق الموكل الأسير من أي نوع كانت تجاه الكافة.

وجاء في وقائع الاستدعاء، انه لا بدّ من التضوئة على المرتكزات الواقعة والقانونية لاستدعاء الرد المدلى به أصولاً.

 لما كانا الموكل قد استُحضر امام جانب محكمة التمييز العسكرية بعد ان تمّ قبول النقض المقدم منه في الحكم الصادر عن جانب المحكمة العسكرية الدائمة والقاضي باعدامه لإعادة محاكمته بمقتضى ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الأساسي بمقتضى ورقة الطلب اسندت إليه في متنها جنايات العصيان والإرهاب والقتل وقد مثل امام محكمة التمييز العسكرية بالهيئة المنوّه بها وبشكل دائم في نطاق محاكمته في الملف 98/2017 حيث مثلنا بوكالاتنا للدفاع وقمنا بتقديم مذكرة دفوع شكلية بإبطال استجواب بُعيد اعتقاله لعدم القانونية والنزاع منشور امام المحكمة العسكرية الدائمة فتم ضم الدفوع في الأساس.

لما كنا وبتاريخ 12/6/2019 وهو موعد الجلسة المحدد حضرنا إلى المحكمة الساعة التاسعة صباحاً وبقينا حتى الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً ولكن ونظراً لتأخر انعقاد المحاكمة بسبب مشاركة رئيسها المطلوب رده القاضي لطوف في احتفالية الذكرى المئوية لمحكمة التمييز مما اضطرنا إلى مغادرة المحكمة بسبب ارتباطات ضرورية فعمد رئيس المحكمة وفقاً لما هو واضح وثابت في مندرجات محضر هذه الجلسة، ان المحكمة بشخص رئيسها عينت رغم عدم صلاحيتها القانونية وخلافاً لأحكام المادة 21 قضاء عسكري محامين عسكريين من الضباط للدفاع عن موكلنا الذي رفض تعيين محام عسكري للدفاع عنه وتمسك بموكليه وأعاب على الهيئة ان تكون وهي الخاضعة لجهة وزير الدفاع والجيش اللبناني الذي تعتبر الجرائم المسندة في الملف ضده فكيف يكون في آن معاً الخصم والحكم والدفاع أيضاً ومن غير اللائق انه مورس مع موكلنا وبلهجة ساخرة محاولة ترهيب وترغيب مست مبدأ احترام إرادة المدعى عليه إذ على الرغم من إعلان موكلنا موقفه الجازم بالصمت حاولت المحكمة والنيابة العامة التمييزية العسكرية حمله على الكلام بوسائل مخالفة للقانون والقواعد الأخلاقية التي يجدر بالقضاء احترامها وتقديسها لمجرد نص القانون عليها ولم تُبدِ المحكمة والنيابة احتراماً لإرادة المستدعي بالتزام جانب الصمت لا بل باشرت السير بالمحاكمة دون اكتمال الخصومة بحضور وكلاء الشيخ كما تقضي الاصول وترتب تباعاً مساسها بتأمين حقوق الدفاع للموكل.

ولما كان حفظاً للحقوق من الضياع وصوناً لها من أي ضرر وجوب ولوج باب القضاء المختص وطرق المراجعة والطعن المنصوص عليها قانوناً تعيّن الإدلاء بهذا الاستدعاء برد القضاء أو طلب نقل الدعوى رفعاً للظلامة والضرر اللاحقين بموكلي وحقوقه ومصالحه.

ثانياً: في القانون

أولاً في الشكل:

لما كان الطلب أصلاً برد القاضي المعين وفقاً للمادة 13 ق ق ع يرتدي طابع مخاصمة القضاة وردهم وهو ما تسوّغه المادة 13 ق ق ع عينها إذ تمحض في متنها هذه الصلاحية لمحكمة القضاء العدلي المختصة وهي محكمة التمييز بالنظر إلى كون القاضي المطلوب رده هو مستشار في الغرفة السادسة لمحكمة التمييز الجزائية ومنتدب كرئيس لمحكمة التمييز العسكرية.

ولما كانت المادة 120 أ.م.م. وما يليها ومنها المادة 128 أ.م.م تحكم أصول الرد، عرض التنحي، والتنحي الطوعي للحرج الذي قد يستشعره القاضي تجاه القضية المعروضة عليه.

ولما كان طلب الرد المدلى به قد تمّ التقدم به بعد المناقشة في الموضوع في 12 حزيران 2019 فيكون الطلب مقدماً ضمن المهلة المتاحة للادلاء به.

ولما كان يتبين ان طلب الرد استوفى شرط تقديمه بعد المناقشة في الموضوع وتم توجيهه إلى المرجع القضائي الصالح لبته.

ولما كان والحالة هذه من استيفاء الشروط الشكلية قانوناً للتقدم بطلب الرد وجوب قبوله شكلاً.

ثانياً: في الأساس

لما كان في العودة إلى الوقائع يتبين ان رئيس المحكمة وهيئتها تضامنت في ما بينها ومع مفوض الحكومة التمييزي العسكري لجهة المساس بمبدأ حياد القضاء وذهبت بشخص رئيسها مذهب إهمال طلبات المستدعي بتأمين حقوق الدفاع بعدم تأجيل الجلسة لحين حضور الوكلاء الاصيلين رغم تمسك الموكل المستدعي بذلك ورفضه الاجراء غير القانوني المزمع اتخاذه ولم تكتفِ بذلك بل طبقت بشكل مخالف للقانون وبقرار عديم الوجود اصلاً وبعمد وانحياز مطلق وبنية ازهاق العدالة في نصها والروح، ولقد اقدم رئيس محكمة التمييز العسكرية على تعيين محامين عسكريين خلافاً للقانون والعرف وللاتجاه القضائي لمحكمة التمييز العسكرية، مستعيداً تجربة سابقة لرئيس المحكمة العسكرية الدائمة حيث ثبت اتخاذ الاجراء نفسه بناءً لتدخلات السلطة التنفيذية العلني ممثلة بوزير العدل الذي أقرّ في مقابلة تلفزيونية ان تعيين محام عسكري كان بتوجيه مباشر منه أي بغطاء سياسي مباشر منه للاجراء غير القانوني، وانتهك مبدأ احترام إرادة المستدعى حيث لم يحترم صمته ودون ان يكترث إلى ما أشار إليه المستدعي من ان مفهوم العدالة بات منتهكاً حيث الخصم هو الحكم والحيادية المؤسساتية والحيادية الفردية في المحكمة مستباحة والعدالة وقواعد النظام الجزائي الفاصل بين سلطات القضاء تأميناً للعدالة فكيف يصبح الخصم حكماً يقضي، لا كيف يصبح محامياً للمستدعي الشيخ وهو يكن له الكراهية ولا يطيق النظر إليه وفي هذا التصرف الخاطئ من القاضي المطلوب رده إبداء خفة وعدم اكتراث بمصير موكلي وإبداء رأي مسبق بتهلكته وهو من التصرفات الخاطئة التي لا ينبغي ان يأتي مثلها قاضٍ يقوم بمهمته بشكل عادي مما يثير الريبة حول حياده ويشكل مساساً بمبدأ الحياد بما هو رأي مسبق بالمستدعي وإهمال لمصيره كما انه إخلال بموجب التحفظ ذلك ان الإسراع في المحاكمة دون مراعاة حقوق الدفاع هو ارتياب مشروع بالتحيّز وموجب للرد.

ولما كان ما صدر من اجراء عن القاضي المطلوب رده اصلاً بذهابه في الهيئة المطلوب ردّ أعضائها إلى اتخاذ تدابير آيلة إلى الإسراع في المحاكمة غير ان التدابير التي اتخذها شكلت مخالفة فادحة وخطأ جسيماً في تطبيق المادة 21 قضاء عسكري خلافاً لما جرى عليه الاجتهاد الجزائي الراسخ إذ ان ارادة الموكل أساسية في إنشاء الوكالة (تمييز جزئي رقم 47 تاريخ 23/6/1959 النشرة القضائية 1959 قسم اجتهادات المحاكم ص 245) وتالياً مساساً بتأمين حقوق الدفاع.

ولما كان العلم الجامع والاجتهاد الراسخ يتواضعان على ان الإسراع في المحاكمة مع عدم مراعاة حقوق الدفاع هو من الأسباب للارتياب بحيادة القضاء (تمييز غ1 رقم 14 تاريخ 28/1/1999 صادر  ق م 1999 ص47)

ولما كان ما يُؤكّد عدم حياد القاضي المطلوب رده هو تأجيله جلسة محاكمة الموكل إلى تاريخ 3/7/2019 في حين انه ارجأ جلسة ما يعرف بملف الماكدونالد التي كانت قبل يوم واحد إلى تاريخ 12/12/2019 خلافاً لما هو متعارف عليه في ارجاء الجلسات يتم الأسبق فالأسبق وليس العكس.

ولما كان القاضي على اختلاف موقعه يظل في نطاق ممارسة مهامه مطالباً بمراعاة والتزام مبدأ حيادة القاضي تحت طائلة تعرضه للرد أو لعرض التنحي أو للتنحي الطوعي للحرج وهو ما تمليه مقتضيات العدالة تأميناً لحسن سيرها وبلوغ أهدافها ولا ننسى العدل أساس الملك بما يوجه إليه من اتزان واستقرار في المعاملات ولما كان المفهوم القانوني للارتياب المشروع الذي يُبرّر ردّ القاضي هو ان يكون تصرف المحكمة يُشكّل تصرفاً خاطئاً أو مظهراً من المظاهر التي يفترض الا يقع فيها قاضٍ أو قضاة يقومون بمهمتهم بصورة عادية مما يحصل على الشك بحيادهم ذلك ان ما يخرج القاضي عن حياده هو تلك التصرفات التي تصدر عنه وتشكل من حيث طبيعتها أو اهميتها وخطورتها ما يوحي بأنه اتخذ موقعاً منحازاً تجاه أحد المتقاضين مجرداً نفسه من صفة الحكم ومن النزاهة والعدالة الملازمتين لقضائه (تمييز غ1 رقم 13 تاريخ 28/1/1999 صادر ق م 1999 ص 45)

ولما كان بالرغم من الطابع الاستقصائي في الأداء الذي يطبع مهمة القاضي الجزائي الا انه يظل في نطاق ممارسة مهامه مطالباً بمراعاة والتزام مبدأ حياد القاضي تحت طائلة تعرضه للرد أو لعرض التنحي أو للتنحي الطوعي للحرج وهو ما تمليه مقتضيات العدالة تأميناً لحسن سيرها وبلوغ أهدافها ولا ننسى ان العدل أساس الملك بما يوجه إليه من اتزان واستقرار في المعاملات.

ولما كانت المادة 120 أ.م.م قد عددت على سبيل الحصر لا المثال الحالات التي يسوّغ فيها طلب ردّ القضاة وجاء منها إبداء الرأي المسبق وهي الحالة المشاهدة في واقعات طلب الرد الراهن.

ولما كان يتعين قبول طلب الرد في الأساس واجراء المقتضى القانوني المترتب عليه

ولما كان بالنظر إلى ما تمّ استعراضه آنفاً يكون القاضي المطلوب رده لجهة ما بدر منه وصدر عنه في ظروف الوقائع المساقاة مستوجباً للرد اساساً

وتساءل وكيل الدفاع المحامي انطوان نعمة، لماذا كلما يستعمل المحامي الحق القانوني في التقاضي الذي يكفله الدستور والاحكام القانونية الالزامية يجد العراقيل تنبت من باطن الأرض وتسقط من سمائها، بل من الجهات الأربع، ليرفعوا أيديهم عن نظام التقاضي ويتركوه لأهله لأنهم الأدرى بشعابه.

المصدر : جنوبيات