الخميس 15 نيسان 2021 21:18 م

خليل الوزير في ذكرى استشهاده حين تسبق الافعال الاقوال - بقلم معن بشور


* معن بشور

 

خليل الوزير (أبو جهاد) من الأسماء المضيئة والخالدة الذكر في حياة فلسطين والأمّة، بل في حياة حركة التحرر العالمية، لا لأنه من المؤسسين الأوائل لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في 1/1/1965 فقط، ولا لأنه أحد رموز المقاومة والصمود في ملحمة بيروت الخالدة في مواجهة الغزو والحصار الصهيوني عام 1982، ولا لأنه مهندس انتفاضة الحجارة الرائعة  عشية يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الثامن من كانون الاول/ديسمبر 1987, بل لأنه بقي طيلة حياته النضالية ملتصقاً بالعمل داخل الأرض المحتلة (القطاع الغربي) بهدوء منقطع النظير، ومتابعة لم تعرف الكلل والملل، وبتواضع ودماثة خلق لم يعرفا يوماً الغرور أو الاستعراض..

 لذلك جاء اغتياله في منزله في ساحل العاصمة التونسية ضربة موجعة لثوار فلسطين وشرفاء الأمّة وأحرار العالم.

لكن "أبا جهاد" الذي كان له شرف المشاركة مع رفيق دربه وعمره الشهيد ياسر عرفات في تأسيس (فتح) و اطلاق رصاصات "العاصفة" الاولى، كان له يوم استشهاده شرف إعادة بناء الجسور بين القيادة السورية وقيادة (فتح) بعد سنوات من الجفاء حين فتحت دمشق أبوابها وشوارعها لواحدة من أكبر  الجنازات التي عرفتها، بحضور عرفات شخصياً، وليدفن الشهيد الكبير حيث أوصى في مخيم اليرموك، حيث كان يقول دائماً إذا كانت "فلسطين أرض الولادة، فسورية بالنسبة لنا أرض الانطلاقة".

منذ عرفت "أبو جهاد" في الأيام الأولى للثورة الفلسطينية، في منزل المهندس الراحل خالد اليشرطي عضو القيادة القومية لحزب البعث في ستينيات القرن الماضي، و "الناظم" في حركة فتح، كما كان الفتحاويون يصفونه، عرفت فيه رجل الأفعال أكثر من الأقوال، رجل الإنجازات "الفدائية" أكثر منه رجل الاستعراضات الإعلامية، رجل الوحدة الوطنية أكثر منه رجل العصبيات الفئوية، فكانت فتحاويته مرادفة لفلسطينيته، وفلسطينيته مرادفة لعروبته، وعروبته مرادفة لإيمانه، وإيمانه مرادفاً لإنسانيته..

كان المثل الذي لازم مسيرته الجهادية والأحب إلى قلبه هو : "تحدث بصوت خفيض. 

واضرب بعصا غليظة"، ليعلن انتمائه إلى مدرسة الفعل المؤثر لا الكلام الصاخب..

في الصراعات الداخلية في "فتح" وفي الخلافات الفلسطينية ،وفي العلاقات العربية، كان يحرص أن يكون الجسر يوم يحتدم الخلاف قائلاً لكي نكون "أشداء على أعدائنا"، يجب أن نكون "رحماء بيننا"..

رحم الله أبا جهاد، فبقدر ما كان مدرسة في الجهاد والفداء والمقاومة، حيث تخرج كثيرون من فلسطينيين، ولبنانيين، وعرب، وثوار أمميين، كان أيضاً مدرسة في الاتزان والحكمة وبناء الجسور، وكان دوماً يردد: "أحبب حبيبك هونا ما عساه  يكون بغيضك يوما  ما، وابغض بغيضك هونا ما عساه  يكون حبيبك يوماً ما".

نم قرير العين أبا جهاد...فشعبك يواصل مقاومته...وامتك باقية على عهد فلسطين مهما بغى البغاة ،وطغى الطغاة وانحرف بعض الولاة.

المصدر :جنوبيات