الخميس 5 آب 2021 08:54 ص

4 آب شعبية في بيروت وإغاثية في المؤتمر الدولي.. بينما السلطة تختلف حول الحصص والحقائب


أشارت "نداء الوطن" الى ان "شعب 4 آب" حضر أمس في الساحات وفي الصلاة وفي العالم كله من خلال المشاركة الدولية في مؤتمر دعم لبنان الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. هذا المؤتمر الذي أشار إليه البابا فرنسيس في كلمته الخاصة بلبنان طالباً من المشاركين مساعدة لبنان لكي يقوم بمسيرة قيامة من خلال تصرفات ملموسة، ليس بالكلمات وحسب. مبدياً رغبته في زيارة لبنان.

في هذا المؤتمر التقى زعماء من العالم كله. من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وباريس والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن دول أوروبية وعربية وكانت لافتة مشاركة وزير الخارجية السعودي الذي ذكّر بالمساعدات التي قدمتها المملكة سابقاً إلى لبنان محملاً "حزب الله" مسؤولية التردي الحاصل بسبب هيمنته على الوضع في لبنان، وداعياً السياسيين اللبنانيين لمواجهته، بعدما كانت المملكة غابت عن المؤتمر السابق الذي دعا إليه ماكرون أيضا.

يحصل كل ذلك بينما السلطة لا تزال تختلف حول الحصص والحقائب بانتظار اللقاء الذي سيجمع اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وفي المعلومات أنه مع ترقب الوسط السياسي لهذا الإجتماع، تتعاطى اوساط مواكبة لاتصالات تأليف الحكومة بكثير من الحذر مع إمكان تجاوب رئيس الجمهورية مع المخارج التي يسعى الرئيس المكلف الى ابتداعها في سياق الليونة التي يبديها في تذليل العقد، مشيرة الى تمسكه بإبقاء حقيبة الداخلية مع الطائفة السنية على ان يتفق على شخصية مقبولة لها، وعلى إمكان اختيار شخصية حقوقية وقانونية تحظى باحترام كفاءتها ولا غبار عليها لحقيبة العدل من إحدى الطوائف المسيحية، من عيار البروفسور فايز الحاج شاهين مثلاً. وتربط الأوساط المواكبة لاتصالات التأليف خيارات ميقاتي في هذا الصدد بما سبق أن أعلنه عن أهمية الإتيان بشخصيتين حياديتين ومحترمتين وتتمتعان بصفة الاختصاص، لهاتين الحقيبتين اللتين سيكون لهما الدور الأكبر في التحضير للانتخابات النيابية في ربيع 2020 والإشراف عليها.

ولكن هذه التوقعات لا تعكسها تسريبات أخرى تعتبر أن العلاقة السيئة بين الرئيسين كانت بدأت قبل التكليف عندما تمت مفاتحة الرئيس ميقاتي بمطالب العهد في حال تكليفه ومن بينها المداورة في الحقائب والحصول على وزارة الداخلية وعلى رغم ذلك فقد اختار الرئيس ميقاتي أن يدخل حلبة الصراع على تشكيل الحكومة وربما يكون وصل إلى قناعة بأن من المستحيل الحكم مع الرئيس عون ولذلك يعتبر قريبون منه أنه لن يدخل السراي الحكومي وأنه لن يتمكن من تأليف الحكومة.

هذا التوقع السلبي انعكس أمس في حضور لبنان في مؤتمر باريس. فقد حضر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي مؤتمر باريس لدعم لبنان والشعب اللبناني، بصفة مراقب وبدعوة من الرئاسة الفرنسية. وأشارت معلومات "نداء الوطن" أن دوائر الرئاسة الفرنسية اقترحت على الرئيس ميقاتي ان يلقي كلمة خلال المؤتمر لكنه فضل أن تقتصر كلمة لبنان على الرئيس عون وان يكتفي هو بالحضور بلا مداخلة.

من جهتها، أشارت "الانباء" الالكترونية" الى ان فيما الأنظار تتجه الى اللقاء الخامس الذي سيعقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي والمتوقع أن يحدد خلاله ميقاتي خياراته سلبا ام إيجابا، أوضح عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لـ "الأنباء" الإلكترونية ان "كتلة المستقبل مع المداورة في الحقائب، فيما ما يحصل اليوم هو إصرار من قبل فريق رئيس الجمهورية على التعاطي مع الرئيس ميقاتي بالطريقة عينها التي جرى التعاطي فيها مع الرئيس سعد الحريري"، معتبرا أن "فريق العهد ما زال مصرا على الثلث المعطل، ويرفع شعارات المداورة للتغطية على الهدف الأساس المتعلق بالثلث المعطل". وقال: "ما يشغل بال رئيس الجمهورية توريث صهره جبران باسيل الرئاسة، لذا يريد رئيس حكومة طوع ارادته، ولا مشكلة عنده اذا بقيت البلاد بلا حكومة".

بدورها، كتبت "النهار": كما تحوّل يوم 4 آب 2020، أي قبل سنة تماماً، إلى تاريخ دموي مفجع جراء أضخم ثالث انفجار تقليدي في العالم، فإنّ وقائع 4 آب 2021 بدت كآنها تسعى إلى تثبيت واقع أنّ ما بعد هذا اليوم لن يكون كما قبله. والحال أنّ إحياء الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت اتسم بمجموعة مفارقات لافتة جعلته يوماً لبنانيا مشهوداً داخلياً وخارجياً تداخلت وتزاحمت عبره التطورات سواء في الشارع، حيث عادت حماوة المواجهات الشرسة بين مجموعات من المتظاهرين قرب مجلس النواب خصوصاُ، أو في صورة التعبير الشعبي والتعاطف الوطني الواسع مع شهداء 4 آب وذويهم والذي ترجم بحشود فاقت التوقعات وناهزت عشرات الوف المواطنين الذين غطوا الساحات والشوارع بين وسط بيروت ومرفأ بيروت، وصولاً إلى مؤتمر الدعم الدولي الثالث للبنان الذي نظّمته فرنسا واتسم بكثافة الزعماء المشاركين فيه يتقدمهم الرئيسان الفرنسي والأميركي والمواقف البارزة التي اعلنها المشاركون فيه ومقرراته.

كلّ هذا حوَّل يوم 4 آب هذه السنة علامة فارقة داخلياً وخارجياً لا يمكن القفز فوق دلالاته، سواء لجهة ما أظهرته كثافة الحشود المشاركة في يوم إحياء ذكرى تفجير المرفآ ام لجهة نجاح مؤتمر الدعم الدولي في جمع 375 مليون دولار مساعدات للبنان لمدة سنة، وهو الأمر الذي لم يكن متوقّعاً أن يبلغه المؤتمر في ظل الإدانة الدولية الواسعة التي تظهرت في المؤتمر للسلطة السياسية والطبقة السياسية في لبنان مع استمرار التأزم في تشكيل الحكومة. ولعلّ أكثر ما فضح واقع السلطة والسياسيين في لبنان أمام المجتمع الدولي أنّ ذكرى انفجار المرفأ استقطبت للبنان تعاطفاً قويّاً وواسعاً وانعقد من أجله في هذا اليوم بالذات مؤتمر دولي شاركت فيه نحو أربعون دولة ومنظمة الدولية. كما استبق البابا فرنسيس المؤتمر ووجه نداء مؤثّراً للبنان مؤكداً رغبته في زيارته، في حين كان المشهد السياسي الداخلي يجرجر ذيول الإخفاق والمبررات الساقطة وغير المقنعة للمضي في تعطيل تشكيل الحكومة العتيدة التي هي مطلب خارجي وداخلي جماعي.

من جهة أخرى، بحسب "العرب اللندنية"، قالت أوساط سياسية لبنانية إن خطاب ماكرون يرسل إشارات قوية على أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة المحاسبة لمن يقفون بوجه تشكيل الحكومة الجديدة، وأن باريس وحلفاءها لن يسمحوا بمشاورات جديدة تستمر أشهرا مثلما جرى مع رئيس الحكومة المكلف السابق سعد الحريري الذي قادت خلافات بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رحلة طويلة من المناكفة وتسجيل النقاط جعلت اللبنانيين يخسرون تسعة أشهر في عزّ أزماتهم الصحية والاقتصادية والاجتماعية.

وتساءلت هذه الأوساط إذا كان موقف باريس وحلفائها بهذا الوضوح فلمن يتم جمع الأموال في مؤتمر المانحين وكيف يمكن توظيف هذه الأموال لمساعدة لبنان إذا لم تمر بالمؤسسات الرسمية، وسط مخاوف من أن تصل هذه الأموال إلى الأحزاب بشكل أو بآخر لتقوّي بها مواقعها.

الى ذلك، تحدثت أوساط ديبلوماسية مطّلعة عبر "الديار"، عن أنّ الرئيس الفرنسي يريد ان تتشكّل الحكومة في لبنان سريعاً، أيّاً تكن تسميتها، «حكومة إنقاذية»، أو «تكنوسياسية» أو «حكومة الإنتخابات»، بحسب ما سيتمّ التوافق عليه بين المسؤولين المعنيين بالتشكيل. فالمهم أن تولد هذه الحكومة بالنسبة لفرنسا كون لبنان يحتاجها لكي تُنقذه من الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة وتقوم ببعض الإصلاحات الضرورية المطلوبة وفق ما تنصّ عليه «خارطة الطريق» المنبثقة عن المبادرة الفرنسية.

وأكّدت الاوساط بأنّ المجتمع الدولي لم يعد يثق بلبنان، لا سيما بالطبقة السياسية الحاكمة فيه، ولهذا يقوم في كلّ مؤتمر دولي يعقده بتقييم حصيلة المساعدات التي قدّمها له منذ المؤتمر السابق وكيفية توزيعها. والواقع إنّ ملايين الدولارات التي تُقدّمها الدول المانحة لا تصل بشكل متساوٍ للبنانيين الذين أصبحوا بغالبيتهم يعيشون تحت خط الفقر في ظلّ الأزمة الإقتصادية غير المسبوقة، وإنّ عدم الثقة دفعت بالمجتمع الدولي الى اتخاذ قرار عدم دعم لبنان مالياً ونقدياً واقتصار الدعم على قطاع التربية والتعليم والمواد الغذائية وسوى ذلك.

المصدر :نداء الوطن