الأحد 22 آب 2021 12:32 م

بيروت


* جنوبيات

بيروت  أحاكيكِ
يا امرأةَ العالمْ
نورٌ ونارْ
بين أياديكِ
المجدُ بساطُكِ
مددتِه بالصّبرْ
ودارت معانيكِ
بيروتُ يا لبنانْ
يا عالماً مرموزْ
يعجُّ بالكنوزْ
يثيرُ الافتتانْ
حضنت كلّ الشرقْ
جبينُك الوضٌاحْ
أخضع كلّ الغربْ
بطيبِ روابيكِ
عمدانُك قاسيةْ
تعسّفُ المشينْ
وتحفظُ الأجدادْ
مع عبقِ الأديانْ
بيروتُ يا تاجاً
يلفُّ كلَّ جبينْ
ناطقاً بالضادْ
تعوّدَ تعليقْ 
ظمأَ الأحزانْ
لونُه حائمْ
يرجُّ فيه الحبْ
تلوكُه أنغامْ
لينصرَ الإنسانْ
بيروتُ يا واحة
سمّارُها في حرمٍك
ينثرون الحقّ فوّاحا
بئرُ الدّم ثارَ فيك
ناسجاَ غيمةَ التدمير
جنونُه روّعَ أهاليك
إعصارُه لوّنَ الشقيقَ
في مراعيكِ
سرقَ الوردَ من شعركِ
فرفطَ العقد في عنقِك
وهشّمَ جبينَك
وصار وقوداً يسبيكِ
يا ابنةَ الحرفِ والحرفُ 
في حقولكِ يئنُّ
زاحفاً
من فوق ظهرِ قدموسَ
 في بحارِ العالمِ
مسافراً
يوزّعُ الخيرَ ليرضيَكِ
هذا التنينُ الذي حاولَ طمسَ المعارف
جرّبَ التمزيقَ ليخفيَكِ
يا طفلةً مدلّلةً 
حمورابي قوّمَ شرائعَه 
أرائكَ في بهوكِ المطلّ
لينجيَكِ
جالينوس جنّدَ قانونَه
في جيشِ ظلّكِ 
ليحميَكِ
يا جارةَ الميلادِ
لو جارَ غاشمٌ في بواديكِ
ففيكِ كلَّ لحظةٍ طلق 
مَنْ قالَ أنَّ رأسَ هرم
يخضعُهُ صدودْ
فالحبُّ  دمعُهُ يرويك
مَنْ قالَ إنّ عينَ الأمِّ الساهرة
يغمضها حدود
بنوكِ سهدٌ يلاغيكِ
رجالُه عهدٌ 
يستنزفُ الموعود
فالشرفُ خصالُه
زمزمُ في مجاريكِ
بيروتُ يا 
مَنْ حمّل 
أشجارَ بلاطَكِ
قبّة عليّة
بيروتُ يا مَن
ْ فجّرَ العدلَ بالجنون
ورذاذَ الوطنيّة
بيروتُ يا من 
أهرقَ 
خوابي التصدّي
في حضنٍ الأبديّة
بيروتُ يا معبداً 
فيهِ تدورٌ 
حكايا أسطوريّة
فمن موزاييق زخرفته
سواعدْ رومانيّة
تقصُّ للكون
ِ تاريخَك العصيَّ
إلى قبوٍ عثمانيّ
خطّه نبضٌ
من قمقمِ فينيقيا
كنائسُ وجوامعُ
 زوّارها
أرواح قدسيّة
عبّقت ريحاً
في بنيكِ إصلاحيّا
فيك سماتُ إمارة
علّمت الإنسانيّةَ
أنّ حرفي الحاء والقافَ
لا يعرفان
نظامَ أو حضارة
بيروتُ شاطئك الذهبيّ
تهادى 
طائفاً أوزاعيّ 
يطالبُ على المدى
بالمناقبيّة
أنبتِّ في الكوارثِ
عمالقَ سيصعقون
بقلبهم الجاهليّة
  الجاهلية

د.ناريمان محمد فتح الله عساف

المصدر :جنوبيات