الخميس 16 أيلول 2021 16:45 م

تقرير مترجم عن العبريه شارون : إمحوا صبرا وشاتيلا عن وجه الأرض!


* رونين بيرغمان

 


 يتناول التقرير الاحداث التي سبقت مجزرة صبرا وشاتيلا في سبتمبر/ايلول 1982 والاثر الذي تركته على مستوى الادارة السياسية في الكيان الصهيوني. يُطلق رونين بيرغمان على هذا الفصل من كتابه عنوان “الراية السوداء”. يقول ان وزير الدفاع ارييل شارون كان قد وعد بسحب “الجيش الإسرائيلي” من لبنان ما ان تخرج قوات منظمة التحرير الفلسطينية منه، ولكنه بقي مصمماً على خطته الهادفة ، وفق رؤيته. وهكذا مع تثبيت القوات “الإسرائيلية” اقدامها في لبنان وكان في مخيلة شارون طرد الفلسطينيين من لبنان.

وكان يرغب ان يتم ايضاً على الفور ضرب القوى اليسارية (الشيوعيون والمجموعات اليسارية التي كانت متحالفة مع منظمة التحرير) ، وقد طرح هذا الامر بصيغة تساؤل خلال اجتماع مع كبار المسؤولين في جهازي “الموساد” و”الشين بيت” قائلاً “كيف سيكون بامكاننا التخلص من الارهابيين عندما تنتشر القوة المتعددة الجنسيات؟

ستكون الطرق الى ذلك مختلفة تماماً.. يجب ان نتأكد من ان هذه المسألة قد حُلت مع كل خطوة نقوم بها اليوم لجعل الامر اسهل في المستقبل”. شارون راغباً بزج “الجيش الإسرائيلي” في المخيمات الفلسطينية، لذلك إقترح ارسال الكتائبيين الى بيروت الغربية “للتأكد من قتل او اعتقال كل من بقي من منظمة التحرير الفلسطينية”.

استحسن رئيس الوزراء مناحيم بيغن الفكرة لاننا “لا نريد ان نهدر دماء اولادنا على هذه القضية”، خاصة بعد ان زيّن “الموساد” له هذا الاقتراح بالقول “لدينا لائحة طويلة من اسماء النشطاء اليساريين الاوروبيين الذين كانوا مع الفلسطينيين في بيروت”، بحسب قول ضابط “الموساد” المكلف التنسيق مع الميليشيات المارونية (الكتائب) افنير ازولاي الذي اضاف “كانت الفكرة ان نوكل هذه المهمة للكتائبيين ليجدوهم (الإرهابيون!) ويقتلوهم.

وعندها سيكون بامكان “الموساد” ارسال تقارير سرية الى الدول الاوروبية التي اتت منها هذه العصابات (اليسارية المتضامنة مع الفلسطينيين) مثل المانيا وفرنسا وايطاليا. ينقل بيرغمان عن روبير حاتم محترف القتل الرئيسي لدى إيلي حبيقة قوله مستذكراً انه قبل ان يتحرك 350 كتائبياً في مهمتهم “عندها حصلت الميليشيا المسيحية اللبنانية على الاذن “الإسرائيلي” للبحث عن مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين.

وفي صبيحة السادس عشر من سبتمبر/ايلول، حضر يائير رافيد رئيس فريق التنسيق “الإسرائيلي” إلى المقر الرئيسي لحزب الكتائب، حيث كان “الموساد” يتخذ منه مقراً لمحطته في بيروت، وينقل الكاتب عن رافيد قوله “بصورة مفاجئة رأيت مقاتلي ايلي حبيقة (المسؤول العسكري للكتائبيين) يسنون سكاكينهم ويقولون لي اليوم هو يوم السلاح الابيض، وهو التعبير اللبناني للقول انه يوم حز الاعناق بالسكين، ويقول الكاتب رونين بيرغمان ان رافيد  يرسل تقريراً عن ذلك لقيادته.

وينقل بيرغمان عن روبير حاتم محترف القتل الرئيسي لدى إيلي حبيقة قوله مستذكراً “دمرنا كل شيء في طريقنا، وعندما كنا نطلق النيران الغزيرة كانت الاكواخ وبيوت التنك تتهاوى امامنا، اطلقنا النار بكل الاتجاهات ولم نتطلع ابداً الى من كان يعيش خلف جدران تلك الاكواخ”، ويقول حاتم: “عناصر تلك المجموعة وقائدها تناولوا اكبر كمية ممكن تناولها من المخدرات قبل توجههم لتنفيذ المهمة، فلم يميزوا بين مقاتل ومدني ولا بين الرجال والنساء.

لقد اطلقوا النار على الجميع”، فكانت النتيجة مجزرة مروعة بلغ عدد الضحايا فيها المئات واختلفت الاحصاءات بشأنها فقال “الإسرائيليون” انهم 700 فيما قال الفلسطينيون انهم 2750. وقد زعم شارون لاحقاً “ان القوات اللبنانية (المقاتلون الكتائبيون) سوف يلتزمون بالمعاهدات الدولية المتعلقة بالحروب عندما يكونون تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي او عندما يكونون في حالة تنسيق معه”،

 بمعنى اخر حاول شارون القول انه لم يكن يتوقع ما حصل! لكن وثائق لـ”الموساد” وأخرى لـ”الجيش الإسرائيلي” مصنفة “سرية” تشير الى ان نمط السلوك البربري كان معروفاً لدى رؤساء مؤسسات الدفاع “الإسرائيلي” وكان التوقع السائد لديهم انه فور مغادرة منظمة التحرير الفلسطينية بيروت “سيجدوا طريقة ما للتحرك وتصفية الحساب بالقتل في بيروت من اليوم الاول”. حتى شارون نفسه تحدث بازدراء عن اي مساهمة عسكرية ينقل عن المستشار العسكري لبيغن حينذاك ازرائيل نيفو قوله “كنت اراقب بيغن وهو يذبل وينطوي على نفسه، فقد تحقق من ان شارون خدعه وادخله في مستنقع التي باتت تحت الاحتلال، لطخت اسم إسرائيل بالعار، على الفوروبدأوا عملية التشاور مع قادة الميليشيا المارونية حول الرواية التي ينبغي ابلاغها لجحافل الصحافيين الذين توافدوا لتغطية تلك المجزرة. (تعليق المترجم الذي يراجع الكتاب:

 هناك تقارير تؤكد ان شارون نفسه مع مجموعة من ضباطه كانوا يتمركزون على سطح مقر للامم المتحدة في منطقة بئر حسن قرب مستديرة السفارة الكويتية ويراقب بالمنظار عمليات القتل التي كانت تجري بوحشية في المخيمين على اطراف المدينة الرياضية)
اما ردة فعل شارون  اذ أنه استعان في شهادته أمام الكنيست في جلسة مغلقة 1982 بتقارير سرية عن المجزرة التي ارتكبها الموارنة في مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين عام 1976 عندما كان رابين وبيريز يتوليان ادارة البلاد، وامعن شارون في قراءته وصف عمليات ذبح الاطفال وبقر بطون النساء الحوامل بالسكاكين فرد عليه بيريز بغضب بالغ “من كان يعرف ماذا كان يحصل؟” فاجابه شارون “. انت يا سيد بيريز بعد مجزرة تل الزعتر لا تملك الحصرية الاخلاقية”.

لقد كانت لهجة التهديد واضحة في كلام شارون وقام احد مستشاريه بالتلميح لقادة حزب العمل (المعارض حينها) بأنهم اذا واصلوا ضغطهم نحو اجراء تحقيق موسع في مجزرة صبرا وشاتيلا، فان تلك الوثائق السرية حول مجزرة تل الزعتر سوف تتسرب الى الاعلام العالمي ايضاً. عندها فقط تراجع النقد العالي النبرة لقادة حزب العمل وما لبث ان مات! يقول بيرغمان ان الاحتجاجات العامة تواصلت في “إسرائيل” لا سيما مع الارتفاع المضطرد في عدد الجنود الذين يقتلون في لبنان يومياً، وكانت التظاهرات تجري امام مقر اقامة رئيس الوزراء حيث كان المتظاهرون يرفعون اليافطات ويهتفون بشعارات منددة بكل من بيغن وشارون، ورفع المتظاهرون في مواجهة بيت بيغن لوحة عملاقة تحصي بصورة يومية اعداد القتلى الإسرائيليين جراء الحرب العبثية التي كان يقودها شارون. وفيما لم يكن الاخير مهتماً للامر فان بيغن على عكسه اصيب بالمرض من جراء ذلك وبدأ يغرق في حالة من الاكتئاب الشديد وراح يفقد تدريجياً القدرة والرغبة على التواصل مع كل من هم حوله، وعزل نفسه بصورة كاملة تقريباً في  قعر (من الاكتئاب  لا عودة منه

. وينقل الكاتب عن ناهوم ادموني الجميع كان يعرف عن هذا الوضع جيداً”. فانهم قرروا ان يغطوا على الموضوع وعمل مساعدوه على حجب المعلومات عن الإعلام طلبت من المساعدين ان يصنفوا جدول اعماله “سري للغاية” كي لا يطلع أحد عليه، لقد كنا مجرمين وارتكبنا عملاً خطيراً للغاية

 

 

 

المصدر :جنوبيات