الاثنين 8 تشرين الثاني 2021 13:29 م

الشيخ كمال شحرور في ذكراه الـ14 ... "شيخ الوحدة اللبنانية - الفلسطينية"


* هيثم زعيتر

14 عاماً مضت على رحيل رئيس "التجمُع الوطني لأبناء القرى السبع" الشيخ كمال شحرور.
حادثُ سيرٍ، وقع يوم الأحد في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2007، على طريق الزهراني - النبطية في محلة الرادار - المصيلح، أودى بحياته مع زوجته سلام نحلة وشقيقته وضحه، خلال التوجُه من دارته في حاروف إلى بيروت للمُشاركة في تشييع زوجة خاله.
فإذا بالقدر يسبقه، ويكون له بالمرصاد، في حادث مُفجع، حين كان الشيخ يقود سيارته بهدوء ورصانة، كما هو معهود له، قبل أن تطير إليه سيارة أخرى من مسربٍ إلى آخر، ففارق الثلاثة الحياة.
عندما رحل الشيخ كمال، كان حينها قد بلغ 54 عاماً، قضاها مُنذ نُعومة أظفاره مُناضلاً، مُدافعاً عن القضية الفلسطينية والقضايا اللبنانية والعربية.
رحيل قاسٍ، وقع كالصاعقة في عز البرق والرعد على الجميع.
كُل من التقى أو عرف الشيخ كمال، احتفظ بذكريات معه، بتميُزه، من دماثة خلقه، إلى تواضعه وطيبة قلبه، والسرعة بلهفة للخدمة والنجدة، سواءً لسائل حاجة، أو حتى لو عرف أنه في مأزق، فهكذا تربى في منزل والده الحاج حسين فارس شحرور "أبو كامل"/ أحد أبرز وجهاء بلدة هونين، الذي كان يرتبط بعلاقات مُتميزة، وله شأن كبير في البلدة والمنطقة، وهو ما سار عليه أولاده والأحفاد.
على الرغم من كل الظروف الصعبة والقاسية، إلا أن الشيخ كمال بقي مُتمسكاً بالمبادئ، التي آمن بها، وناضل لأجلها في صفوف الثورة الفلسطينية مُنذ العام 1969.
لدى اعتقاله من قبل العدو الإسرائيلي، بعد غزو لبنان في حزيران/يونيو 1982، والزج به في "مُعتقل أنصار"، قارع السجّان، وبرز اسمه كأحد قادة المُعتقل، إلى أن خرج بعملية تبادل بعد 18 شهراً، ومنها إلى الجزائر، ثم تونس، حيث كلفه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقيادة "مُنظمة التحرير الفلسطينية" بالتوجُه إلى قبرص، للعمل على تأمين إرسال الفدائيين إلى داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلة، أو تأمين طُرق عودتهم إلى لبنان.
في العديد من المُناسبات يتحدث سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، عن صديقه الصدوق الشيخ كمال، ومدى إخلاصه ووفائه وتفانيه ومناقبيته، في معرض توصيفه للوفاء والمُثابرة.
تولى الشيخ كمال رئاسة "الاتحاد العام لطلبة فلسطين"، وكان الجهد مُنصبّاً على تأمين أفضل تعليم للفلسطينيين، وأبناء الثورة الفلسطينية، لأنه سلاح فتاك في مُقارعة المُحتل.
اختاره أبناء القرى السبع رئيساً لتجمعهم، والرئيس "أبو عمار" ليكون عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني مُمثلاً القرى السبع.
كان له دور بارز في إعادة الحق بالجنسية اللبنانية إلى مُستحقيها من أبناء القرى السبع، بعد مسيرة لم يكل فيها مع المُخلصين، إلى أن تُوجت بإعادتها إليهم في حكومة الرئيس رفيق الحريري في العام 1994، يوم كان الوزير بشارة مرهج وزيراً للداخلية.
نجا الشيخ كمال من مُحاولات اغتيال عدة، على أيدي عناصر "المجلس الثوري" بقيادة صبري البنا، الذين اغتالوا خيرة رفاقه من كوادر حركه "فتح" و"مُنظمة التحرير الفلسطينية"، فاضُطر تحت الإلحاح والضرورات الأمنية، الانتقال من مكان سكنه في صيدا إلى مرج حاروف، حيث أقام هناك.
بقيت دارته مُلتقى للأصدقاء والمُحبين، الذين فجعوا بهول صدمة الرحيل.
كان رحيل الشيخ كمال بعد حوالى 70 يوماً من رحيل صديقه المُناضل حسين أسعد حمود "أبو أسعد"، وكأنهما لم يطيقا الافتراق، حيث كنا قد تحادثنا سوياً مع المُنسق العام لـ"تجمع اللجان والروابط الشعبية" معن بشور وعدد من الأصدقاء لإقامة احتفال تأبيني لـ"أبو أسعد" في صيدا، لكن كان المصاب سباقاً، فأضحى من يسعى إلى التأبين هو صاحب التأبين.
الأخ والصديق الشيخ كمال، لا يُمكن لبضع كلمات أن تصفه، ولا لسطور أن تتحدث عنه، ولا لصفحات أن تفيه حقه، فهو نموذج فريد في المصداقية والصداقة والإخوة، التي امتاز بها بدماثة خلقه وهدوئه ورصانته، وإيمانه وتقواه، ومُشاركته في الأتراح وعيادة المرضى، ومساعدة المُحتاجين دون كلل أو ملل، بل بكل طيبة خاطر.
يكفي أنه عاش مُناضلاً، ويرحل عنا وهو على ذات الخطى التي سار عليها الشهداء والمُناضلون، آملاً بنقل رفاته من حاروف إلى مسقط رأسه بلدته هونين، بعد تحريرها والقدس الشريف من المُحتل الإسرائيلي.
ما أحوجنا إلى أمثال "أبو محمد" في ظل ظروف صعبة ومفصلية، أحوج ما نكون فيها إلى المُناضلين الصادقين.
الشيخ كمال، الفلسطيني، اللبناني، العربي، المُسلم، كان دائماً حريصاً على مد أواصر التواصل بين الجميع،  وجسراً للتلاقي بين المُتباعدين والمُتخاصمين، عاملاً جاهداً لتقريب وجهات النظر من دون زيادة في الشرخ، فاستحق بجدارة لقب "شيخ الوحدة اللبنانية - الفلسطينية".

المصدر :جنوبيات