الخميس 6 كانون الثاني 2022 10:03 ص

أوّل حُكمٍ من نوعه في "العسكرية".. كف التعقّبات بحق لبناني تزوّج فلسطينية تحمل الجنسية الإسرائيلية


* هيثم زعيتر

تُعتبر قضية زواج اللبناني محمد يوسف بنوت (مواليد 1981 - الكويت، والدته وفاء) من الفلسطينية حلا رزق (مواليد 1996، في الأراضي الفلسطينية المُحتلة مُنذ العام 1948 وتحمل الجنسية الإسرائيلية)، أوّل قضية من نوعها في تاريخ المحكمة العسكرية في بيروت.
كان التباين واضحاً في حُكمين صدرا عن المحكمة العسكرية الدائمة ومحكمة التمييز العسكرية في بيروت خلال 18 يوماً، بين:
هل يُحاكَم بنوت على زواجه من فتاة تحمل الجنسية الإسرائيلية؟، أم إنّها فلسطينية، وأصول عائلتها في الأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948، واضطرارها إلى حمل الجنسية الإسرائيلية، وإلا يطردها الاحتلال من أرضها؟
أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت برئاسة العميد الركن منير شحادة، وعضوية المُستشار المدني القاضي حسن شحرور والمُستشارين الضباط: العقيد الإداري هاني غصين، العقيد جورج نجم والعقيد الركن ريمون فرحات، حكمها بمُوجب القرار رقم 6008/2021، وقضى بإدانة بنوت بحبسه مُدة سنة وتغريمه مبلغ وقدره 500 ألف ليرة لبنانية، سنداً للمادة الأولى من قانون مُقاطعة "إسرائيل"، معطوفة على المادة السابعة منها.
وقد ميّز وكيل الموقوف بنوت، المُحامي شريف الحسيني الحكم.
فقرّرت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي جون رامز القزي، قبول النقض، وأصدرت حكمها في الهيئة التي عقدتها برئاسة القاضي القزي، وعضوية المُستشارين الضباط: العميد خالد زيدان، العميد المُهندس إيهاب شانوحه، العميد الركن جيلبر الحاج والعقيد الركن باسم عبود، بالقرار رقم 47/2021، وقضىبالاجماع "كف التعقّبات عن بنوت لعدم توافر عناصر التجريم وإطلاق سراحه".
وقد طرحت سؤالاً كبيراً تفرّعت عنه أسئلة عدّة:
- هل إنّ مُجرد إبرام عقد زواج للبناني مع سيدة من عرب 1948، حاملة للجنسية الإسرائيلية يُشكّل جرماً، بمفهوم المادة 278 عقوبات؟
- هل إنّ العلاقات الإنسانية، مشمولة بالتوصيف المُسبغ على تلك الخطوة مع العدو، تبعاً لحيثيات قانون مُقاطعته، من دون واجب اقترانها بتوصيفٍ جرمي عوقب عليه قانوناً؟
- هل إنّ عقود الزواج تندرج في خانة الاتفاقات الممنوعة مع عرب 48، حاملي الجنسية الإسرائيلية؟
وحيث إنّ مُقارنة شمولية غير جزئية للمسائل المُثارة تستوجب الوقوف عند الأحكام المرعية وإسقاطها على الواقعات الثابتة، توصّلاً إلى تأطير النتيجة القانونية المُناسبة.
وحيث ضمَّ هذا القرار ترسيخ قناعة المحكمة العليا وارتاح وجدانها، بأنّ عناصر جرم المادة 278 عقوبات غير مُحقّقة بالنسبة إلى المُتهم، الذي لم يتم في الملف، ما يُفيد بتواصله مع أحد جواسيس العدو أو جنوده أو عملائه وهو على بيّنة من أمره.
وحيث بطبيعة الحال لا يستقيم القول بأنّ مُجرد إبرام عقد زواج بين لبناني وسيدة عربية من عرب 1948، حاملة الجنسية الإسرائيلية - بحكم الأمر الواقع - هو جرمٌ ضمن هذا المفهوم، لأنّه بطابعه الإنساني لا يقع تحت طائلة المُساءلة بغياب أي فعل جرمي يُعاقب عليه قانوناً.
وحيث بالنسبة إلى قانون مُقاطعة "إسرائيل"، وطالما أنّ مادته الأولى تحظر عقد اتفاقات مع هيئات مُقيمين في "إسرائيل" أو منتمين إليها بجنسيتهم، متى كان موضوعها تجارياً أو مالياً، فإنه لا يستقيم تحميل النص أكثر مما يُحتمل عبر توسيع مجال الخطر بالنظر إلى أن الأصل بالتشريع والإباحة وليس المنوي فعله مُقارنة بشكل ضيق.
وحيث بالتالي فإن عبارة أي تعامل آخر لا يُمكن أن تشمل بمفهوم هذا القانون عقود الزواج، لأن المقصود تقنياً بمفهوم المُقاطعة، يتمثل في قطع العلاقات التجارية والمالية والسياسية مع العدو، وأن في المواد المُفصلة في العقوبات ما يُؤيد هذه الوجهة، لأنها تختص بالمنع من مزاولة العميل والمُصادرة وتعليق خصوصيات أحكام الفردية على واجهات المحلات، ما يوجب كف التعقبات عن المُتهم لعدم قيام عناصر الجرم.
لذلك، قرّرت المحكمة بالاجماع "كف التعقبات عن المُتهم محمد يوسف بنوت مما أسند إليه لعدم قيام عناصر التجريم، وإطلاق سراحه ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر".
وقد جرى إطلاق سراح بنوت.

المصدر :اللواء